- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أمّة الإسلام: انظري طاعةً فرّطتِ بها في رمضان!
منذ أن شرع الله فريضة الصيام التزمت الأمّة الإسلامية بها وكانت تُسارع في اغتنام الأجر والثواب لما في هذا الشهر من فضل على سائر الأشهر فتصوم نهاره وتقوم ليله وتنكبّ على تلاوة القرآن وتجتهد في الطاعات، وعلى رأس هذه الطّاعات جهادها لإعلاء كلمة الله فكانت الفتوحات سمة هذا الشهر الكريم راجين من الله الرّحمن الرحيم المغفرة والثواب والعتق من النار.
فهل فرّطت الأمّة اليوم في بعض الطّاعات؟
وكيف تُفرّطُ في طاعة في شهر ترجو فيه من الله القبول؟!
يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، كما يقول عز من قائل: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
إن العلاقة بين الآيتين وآيات أخرى في كتاب الله تحضّ على الجهاد والقتال والربط بينها وبين آيات الصيام هو إعداد النفس والجسد إعدادا للأمة كلّها لأن العلاقة بين الصيام والجهاد علاقة وطيدة جدا والتاريخ الإسلامي يشهد بهذا الارتباط.
لقد كانت غزوة بدر من الغزوات الرمضانية التي سطرت أعظم الملاحم (17 رمضان سنة 2هـ)، لقد أراد الله في هذه الغزوة أن يحق الحق ويثبته ويبطل الباطل ويزهقه؛ وبقيت الأمة على هذه الحال من الفتوحات في شهر رمضان تقوم بهذا العبادة العظيمة، كيف لا والجهاد ذروة سنام الإسلام؛ وجدناه سابقاً سامقاً لا يُقارَن بشيء، روى البخاريّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: دُلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: «لاَ أَجِدُهُ، قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟ قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ».
حتى جاء اليوم الذي تركت فيه الأمة الجهاد رغم أنها تتلو ما جاء في كتاب الله من آيات الجهاد التي تُلزم المسلمين بهذا الفرض ولكنها تلاوة بلا تدبُّر، فقد غاب مفهوم الجهاد عند الأمة، وها هي اليوم تكتوى بالنتيجة ألا وهي الذل والهوان!
روى أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ». وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ * إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
فهذا التهديد والوعيد في الدنيا والآخرة نتيجة تفريط الأمة في فرض عظيم كلّفها الله به؛ فها نحن اليوم نُسقى الذل والعجز وننظر إلى إخوتنا في غزة وما يجرى عليهم من طُغيان تحترق قلوبنا مُكبّلين في أقفاص سايكس بيكو، يحرسنا جبابرة زماننا، يقهروننا ولا نجد السبيل لنجدتهم.
أولم نكن سادة العالم بالجهاد في سبيل الله فكيف يكون هذا حالنا اليوم؛ فيا أمة الإسلام كيف تقومين بفرض الصيام وتتركين فرض الجهاد؟!
أتقبلين أن يصدق فيك قول الله عز وجل: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾؟!
لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فلا بد أن نُشمر عن سواعد الجد ونعيد للأمة عزها ومجدها، ولن يكون ذلك إلاّ بخليفة مثل سيدنا عمر رضي الله عنه يجيش الجيوش ويقودها لتحرير فلسطين كلها وكنس يهود الأنجاس عن الأرض المقدسة. ﴿وَيَوْمَئِذࣲ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعاد خشارم