الأربعاء، 22 رجب 1446هـ| 2025/01/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وجه أمريكا الحقيقي

 

تعالت أصوات كثيرة حول هيمنة قرار كيان يهود، وهل هو من يتخذ القرارات أم أمريكا؟

 

لقد بات من الواضح جداً بعد إعلان الاتفاق عن وقف القتال في غزة، تحديداً مع وصول ترامب للحكم، بل من المؤكد أن يهود يتمتعون بنفوذ قوي في أمريكا، ولا يمكن التقليل من هذا الشأن، ولا يمكن التغاضي عن الدعم الراسخ والدائم الذي تقدمه أمريكا من سلاح ومال ودعم لوجستي لهذا الكيان المسخ.

 

ومن المعروف أن العلاقة ما بين يهود وأمريكا أكبر من ذلك بكثير، وأن الفاصل بين ما هو مسموح ليهود وما هو غير مسموح لهم مرتبط بالدرجة الأولى بمصالح الدولة العميقة التي تدير واشنطن، ومدى خضوع مصالحها لهذه المصلحة.

 

وبخصوص ما يتعلق بغزة، فإن أمريكا معنية فعلا بإنهاء الحرب عليها، والذي يبدو أنها توصلت الآن لقرار حاسم بإنهائها، وبكل تأكيد لم يكن اتخاذ هذا القرار من أجل الفلسطينيين ولا من أجل الشهداء ولا من أجل الإنسانية، فهذه ادعاءات عارية عن الصحة، وتاريخها الماثل أمام العالم يظهر حقيقة هذا التصور.

 

نعم إن أمريكا تشارك يهود في هدف القضاء على المقاومة، وخلق واقع أمني جديد، لكنها في الوقت نفسه تضع حدوداً لكيان يهود كي لا يضر بالتوجهات الأمريكية في المنطقة ومصالحها الاستراتيجية، بتشكيل نظام إقليمي جديد، وربما يعرف كيان يهود تماماً متى يصل إلى الخطوط الحمراء ومتى يمكن له تجاوزها.

 

ربما شاكس أمريكا في تجاوزاته، وفي هذه المشاكسات إشارات واضحة تكشف حقيقة مطلقة أن هذه الحرب تقودها أمريكا، وأن كيان يهود أحد اللاعبين الرئيسيين فيها، وكذلك كيان يهود يعلم جيداً أنه محدود القوة والاستقلالية في القرار حين تقرر أمريكا أمراً ما، وأنها تتدخل في أدق التفاصيل وليس العكس كما يتصور البعض، وهذا لا يحتاج إلى كثير من الاستدلالات.

 

لذلك يرى المتتبع للأعمال العسكرية والأهداف التي يقوم بها كيان يهود، والمفروض عليه أولا أن يقدم قائمة الأهداف، وأن يرسلها مسبقاً لقيادة الأسطول الأمريكي المرابط في البحر كي يتلقى الموافقة والدعم.

 

أما ما يدور في أروقة مجلس وزراء كيان يهود من محاولة رفض أو قبول للقرارات الصادرة من واشنطن، فما هي إلا محاولة الظهور أمام الجمهور اليهودي كم يتحدى الإدارة الأمريكية، وهذه لا تعدو أكثر من تصرفات بهلوانية مزيفة، يقوم بها بن غفير وبعض أقطاب اليمين المتطرف، لكنهم كما غيرهم يعرفون حجمهم جيداً أمام الإدارة الأمريكية، وإذا ما وقعت الواقعة فتراهم يهرولون لها ويطلبون رضاها لتمدهم بالحماية والمساعدة، ويعرفون جيداً أنه في حالة رفع أمريكا الغطاء عنهم فسيكونون أثراً بعد عين على أيدي المسلمين، وكذلك يعرف المتبصرون بشأن كيان يهود مستويات الرقابة الأمريكية وتدخلها بشكل واضح في قرار يهود.

 

وحتى لا يكون هناك خلط، فربما لا يختلف التصور الأمريكي عن تصور يهود في التعامل مع القضية الفلسطينية، فكلا الطرفين متفقان على عدم قيام دولة فلسطينية تتمتع بكامل الحقوق، وأن كل ما تخطط له واشنطن هو من أجل مصلحة يهود، كي يبقى الصراع بين طرفين: أحدهما مهزوم والآخر منتصر، وهذه هي اللغة التي تتحدث بها جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كي تبقى فلسطين جيوباً مبعثرة هزيلة، تحت أنظار عملائها من الحكام العرب.

 

لذلك نقول إن وضع أمريكا تحت المجهر لا يعني أنها تقوم بشيء ما لصالح الفلسطينيين أبداً، وإن تاريخها المليء بالخسة والإجرام لهو شاهد على ما فعلته بشعوب العالم والمسلمين بشكل خاص، وإن مصالحها مقدمة على جميع الأرواح التي تزهق، وإن ما يجري اليوم في بلادنا من صراعات واقتتال بين أبناء البلد ما هو إلا ضريبة يقدمها هؤلاء العملاء الخونة من أجل مصالح أمريكا عدوة الشعوب، مقابل بقائهم في كراسي الحكم.

 

أيها المسلمون: لقد بات واضحاً أن الجهود التي تبذلها أمريكا من أجل أن نبقى ضعفاء متنابذين لا قيمة لنا ولا وزن، هو من أولويات حضارتها الزائفة، لأنها تريد أن تعيش على دماء الشعوب، لذلك هي تخلق بؤر التوتر، وتخلق الأزمات من أجل أن تعيش هي على حساب الشعوب المنكوبة.

 

أيها المسلمون: إن الأمة التي لا يكون لها من يدافع عنها ويحميها من خطر العابثين بها لهي أمة خاسرة خاسئة، وهل جرى بنا كل الذي جرى إلا يوم أن ضاعت دولتنا؛ عزنا وذخرنا، حتى تمزقنا إلى أمم شتى؟!

 

أيها المسلمون: لا حياة ولا عزة إلا بدولة تصون الحقوق وتحمي الأرواح، اللهم عجل بفرجك لهذه الأمة المنكوبة بعودة عزنا وكرامتنا. نسأله تعالى أن يكون ذلك قريبا وما ذلك على الله بعزيز.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد - ولاية العراق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع