- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
صحيفة "العرب" تتولّى كِبْر محاربة الخلافة وحزب التحرير
صحيفة "العرب" تنشر على موقعها الإلكتروني مقالاً بعنوان: "حزب التحرير الإندونيسي، غزة، والسياسة الإسلامية العالمية: تضامن أم استغلال"، بقلم: محمد مأمون الرشيد، يوم الأربعاء 2025/2/19م.
من يبحث في موقع الصحيفة المذكورة عن حزب التحرير في سطر البحث في أعلى صفحة الصحيفة يجد عشرات المقالات والتقارير والأخبار تحارب الصحيفة من خلالها حزب التحرير ومفهوم الخلافة؛ ما يعني أنّها تتولّى كِبْرَ محاربة الإسلام السياسيّ وما يتعلّق به.
أما صاحب المقال فقد وصفته الصحيفة بأنه "عضو هيئة مكافحة التطرف والإرهاب في مجلس علماء إندونيسيا المركزي"، ويبدو أنّه تمّ اختياره لهذه الوظيفة لأنه تخرج في درجة البكالوريوس برسالة عنوانها "مواجهة أفكار حزب التحرير من منظور علم الحديث"، وعليه فقد رضي لنفسه أن يكون رأس حربة للكفار لمحاربة الإسلام السياسيّ ومحاربة حزب التحرير و"الجماعات المتشددة" على حدّ قوله، فلم نجد له مكافحة للتطرف والإرهاب اليهوديين، فلم يكافح إرهاب كيان يهود في تدميره لغزة وقتل عشرات الآلاف من أهلها، وتشريد مئات الآلاف، ولا تدمير المخيمات في الضفة الغربية وتشريد أهلها، ولم أجده يكافح الإرهاب الأمريكي في الصومال والعراق وأفغانستان واليمن، ولا الإرهاب الهندي في كشمير، ولا الإرهاب ضد مسلمي الروهينجا في ميانمار، ولا الإرهاب الصيني ضد المسلمين في تركستان الشرقية وغيرها، بل تولّى كِبر محاربة حزب التحرير ودعوته لتوحيد المسلمين تحت راية الحكم بالإسلام راية الخلافة!
وهذا المقال الذي وُصِف كاتبه بأنه عضو في مجلس علماء إندونيسيا المركزي؛ لا يجد فيه القارئ رائحة الإسلام، ولا ينطلق في أفكاره فيه من العقيدة الإسلامية، بل إنّ الذي يزكم الأنوف منه هو رائحة القطرية الضيقة التي تحرص على تمزيق المسلمين في كيانات متعددة بدل جمعهم في كيان واحد، هو كيان الخلافة. كما تفوح منه رائحة القومية العفنة التي حذّر منها الإسلام تحذيراً شديداً. ويدافع عن الديمقراطية الكافرة وعن الدولة الإندونيسية التي لا تحكم بما أنزل الله! كما أنّه يتبنى النظرة الغربية لقضية فلسطين على أنها (صراع)، وليس قضية أرض إسلامية احتلها اليهود، ويراها مسألة إنسانية حقوقية دون بنائها على العقيدة الإسلامية، ويتبنّى في حلّها الحل الغربي (القديم)، وهو إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، أمّا الأرض التي احتلها يهود قبل الرابع من حزيران فيبدو أنّ الكاتب المحترم يراها أرضاً يهودية وليست أرضاً إسلامية، مع أنّ أمريكا ترامب قد تخلّت عن هذا الحلّ، وتسعى إلى توسعة كيان يهود، وتدعو إلى تهجير أهل غزة، فلم نجد للكاتب أيّ رد فعل، ولا مكافحة لتطرف ترامب وإرهابه للمسلمين في فلسطين! بل يرى أنّ ذلك قد أعطى ما سماه "الجماعات الإسلامية المتشددة" فرصة لاتهام الدول العربية بخيانة القضية الفلسطينية، مع أنّ الواضح لكل ذي بصر وبصيرة أنّ الدول العربية وكذلك البلاد الإسلامية؛ ومنها إندونيسيا أيضاً؛ قد فرّطت جميعها في قضية فلسطين!
تجنّى الكاتب على حزب التحرير بادئاً من عنوان مقاله الرئيسي والفرعي وفي جميع فقرات مقاله وانتهاء بآخر فقرة فيه، مع وضوح عدم معرفته الكافية به، وبيان ذلك:
أولاً: في العنوان الرئيسي (حزب التحرير الإندونيسي)، فإمّا أن الكاتب يجهل حقيقة حزب التحرير بأنّه حزب للأمة الإسلامية كلها، وإمّا أنّه انطلق من نظرته الضيقة: القطرية والقومية، مجارِياً الواقع الخاطئ المفروض على الأمة الإسلامية بأنْ تكون ممزقة مفرقة في كيانات لا تحكم بما أنزل الله، فأضاف إلى حزب التحرير وصف (الإندونيسي)، مع أنّ حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام يعمل لتوحيد الأمة الإسلامية في كيان سياسي واحد هو كيان الخلافة الذي أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم ﷺ بإيجاده.
ثانياً: في العنوان الفرعي "حزب التحرير يعتمد على العاطفة الشعبية لتعزيز شرعيته الأيديولوجية، وليس بدافع التضامن الحقيقي مع الفلسطينيين"، تضمّن هذا العنوان خطأً وافتراءً، أما الخطأ فهو في عدم معرفة الكاتب بحزب التحرير، وأنّه يستمد شرعيته من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، فشرعية حزب التحرير في عمله لإقامة الخلافة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر؛ آتية من قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ومن أحاديث رسول الله ﷺ التي جعلت المحاسبة فرضاً على المسلمين، ومن إجماع الصحابة على إقامة الخلافة بعد رسول الله ﷺ. فلا يعتمد حزب التحرير على العاطفة الشعبية لتعزيز شرعيته الإيديولوجية، وإنما يقوم بواجبه الشرعيّ في بيان الحكم الشرعي في قضية فلسطين للناس. أمّا الافتراء فهو في قوله: (وليس بدافع التضامن الحقيقي مع الفلسطينيين) وقد كرّر هذا الافتراء على الحزب وشبابه غير مرة بما في ذلك ما ورد في العنوان الفرعي (تضامن أم استغلال)، وكأنّه قد شقّ عن قلوب شباب حزب التحرير الذين تحرّكوا كما تحرّك بقية أبناء الأمة من شرقها إلى غربها معبّرين عن تضامنهم مع الفلسطينيين، ليعرف أنّ قصد شباب حزب التحرير ليس التضامن؛ فليتّق الله وليلزم غرزه!
ثالثاً: التهمة التي يوجّهها الكاتب لحزب التحرير أنّه يعمل لإحياء مشروع الخلافة الإسلامية، وقد كرّر ذلك غير مرة في مقاله، وهذا يكشف عن مدى معرفته بالإسلام وبأحكامه الشرعية، فلا يعرف أنّ نظام الحكم في الإسلام هو الخلافة، كل ذلك في سبيل دفاعه عن دولته الإندونيسية القطرية القوميّة الضيقة، التي جعلت منه موظفاً في هذه الهيئة ليكون رأس حربة في مكافحة الإسلام السياسي ومحاربة العاملين لإعادة الخلافة، ولا يتسع المجال لذكر أقوال علماء الأمة في وجوب الخلافة، وأكتفي بذكر بعض الأسماء البارزة منهم: فمنهم الماورديّ والنوويّ والجوينيّ وابن حجر العسقلاني والهيثمي وابن تيمية وابن خلدون والجزيريّ والقرطبيّ والنسفيّ والغزنويّ وشمس الدين الرمليّ وعضد الدين الإيجيّ وابن حزم والشوكاني وابن عاشور وغيرهم. لعلّ الكاتب يرجع إلى أقوالهم ويرى أين هو منهم.
رابعاً: لم يكتف الكاتب بمحاربة فكرة الخلافة التي يعمل حزب التحرير لإيجادها، بل تجاوز ذلك لمحاربة الجهاد، الذي هو ذروة سنام الإسلام، وهو طريقة الإسلام في الدفاع عن حقوق المسلمين وأراضيهم، وهو الطريقة الشرعية لحمل الإسلام إلى الناس كافة، فالكاتب بعدما ذكر موقف إندونيسيا من القضية الفلسطينية الموقف المناقض للإسلام، الموقف الذي يعطي لليهود حقاً في فلسطين فيما قبل الرابع من حزيران 1967م، بعدما ذكر هذا الموقف المشين يقول: "على الرغم من هذا الدعم الرسمي الثابت، يسعى حزب التحرير إلى تشويه هذه الحقائق عبر الترويج لفكرة أن الجهاد العالمي تحت راية الخلافة هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية"، فالكاتب يتهم حزب التحرير بتشويه ما وصفه بأنه (حقائق)، (الحقائق) التي هي خيانة لله ورسوله والمؤمنين، وتفريط بأرض المسلمين المحتلة قبل الرابع من حزيران، وإعطاؤها ليهود، ويعدّ الترويج لفكرة أنّ الجهاد العالمي تحت راية الخلافة هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية؛ يعدّه تشويهاً للحقائق، كل ذلك في سبيل الدفاع عن دولته القطرية القومية وموقفها الخيانيّ من القضية الفلسطينية، فليتقّ الله وليثب إلى رشده، فحكام إندونيسيا لا يحكمون بما أنزل الله كغيرهم من الحكام في باقي بلاد المسلمين، ولن ينفعوه عند الله، بل سيتبرّؤون منه، ويتمنّى أنْ تكون له كَرّة فيتبرأ منهم، وأنّى له ذلك؟
خامساً: كرّر الكاتب في هجومه على حزب التحرير عبارات: "ظهرت أجندات أخرى، أبرزها الخطاب الذي يروّجه حزب التحرير الإندونيسي، التنظيم المحظور الذي يسعى إلى إعادة إحياء مشروع الخلافة الإسلامية"، "لقد تحوّل الصراع الفلسطيني إلى أداة سياسية يستخدمها الحزب للطعن في شرعية الدولة القومية، وزعزعة النظام القائم، وطرح الخلافة كبديل وحيد. بالتالي، لم تعد القضية مجرد تضامن مع فلسطين، بل أصبحت فرصة لتعزيز وجود الحزب وإعادة نشر أفكاره"، "ففي المظاهرات التي نظمها، كان خطاب الخلافة حاضراً بقوة إلى جانب الشعارات المناهضة للغرب والدولة القومية. بالنسبة للحزب، غزة ليست مجرد قضية فلسطينية، بل رمز لمواجهة الديمقراطية التي يراها نظاما فاشلا"، "حزب التحرير لا يدافع عن فلسطين بقدر ما يدافع عن أجندته الخاصة"؛ يتهم الكاتب الكريم حزب التحرير بوجود أجندة خاصة له، وأنّه يسعى لتحقيق أجندته الخاصة، ومن خلال عباراته السابقة تتضح هذه الأجندة بأنها:
- إعادة إحياء مشروع الخلافة الإسلامية.
- الطعن في شرعية الدولة القومية.
- زعزعة النظام القائم وطرح الخلافة كبديل وحيد.
- تعزيز وجود الحزب وإعادة نشر أفكاره.
- حضور خطاب الخلافة.
- مواجهة الديمقراطية.
من المعلوم عند العقلاء أنّ لكل عامل أجندةَ عمل، سواء أكان فرداً أم جماعة أم دولةً، فلا يَعيبُ حزبَ التحرير أنْ تكون له أجندة عمل، ولكن الأهمّ من كل هذا هو ماهيّة هذه الأجندة، وقياسها على مقاييس الإسلام والعقيدة الإسلامية، لكنّ الكاتب لم يفعل ذلك ولم يُخضعْ أجندة حزب التحرير للإسلام، بل إنه - وللأسف الشديد - يعيب على حزب التحرير عمله لإزالة أنظمة الكفر القائمة في بلاد المسلمين وإقامة الخلافة، الذي هو فرض شرعي، ويعيب عليه رفضه الديمقراطية الكافرة المناقضة للإسلام، لأنها تُعطي عقول البشر الناقصةَ حق التشريع من دون الله تعالى، ويعيبُ عليه تعزيز وجوده ونشر أفكاره، دون أن يقيس ذلك على مقاييس الإسلام، ولم يدرك الكاتب أنّ نشر أفكار الإسلام هو حملٌ للإسلام ودعوة إليه، وهو أمر بالمعروف ونهيٌ عن المنكر.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليفة محمد – ولاية الأردن