اللهم إنّا أقسمنا عليك فاستجب لنا

إلهي إنا نتضرع إليك ونشكو إليك ما أصابنا من ضُرّ ولأواء، يا الله، أنتَ القائل: ﴿ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ونحن نرفع إليك أيدينا يا ذا الجلال والإكرام، ربَّنا؛ إن أعراضنا أضحت تنتهك، وحريتنا سُلبت، وفلذات أكبادنا سُرقت، فاللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا، وإن قلوبنا -يا الله- قد بلغت الحناجر، وإننا نفتن في كل يوم، ونُقتل في كل يوم، من قبل بني جلدتنا، ممن لا يكترثون لأمرنا، بل هم مخلصون لأسيادهم من أعداء الإسلام والمسلمين. إننا يا الله انتُهكت كل حرماتنا على أيدي الكفار، فأصبحنا موضع تقتيل وتخريب وتجريب لهم، فدمروا منازلنا، وشردونا، فاللهم إن لم يكن بك علينا غضبٌ فلا نبالي، لك العتبى حتى ترضى.

اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك، وثبتنا على التأسّي بسنة رسولك محمدٍ صلى الله عليه وسلم. يا الله، لقد تسلّط علينا أعداؤك أعداء دينك وأعداء رسولك وأعداء المسلمين، لقد أصبحنا نحرق ونحن أحياء، في العراق، وأفغانستان، وغزة، وبلاد الشام...

ونُقتل ونحن سجَّد، وقُطّعت أطرافنا، وعُذبنا بعذاب أليم، كما يفعل الطاغية اليهودي كريموف في أوزبيكستان بالمسلمين، وكما يفعل الروس في الشيشان، والصرب في مسلمي البوسنة، والبوذيون بإخواننا في بورما، وها هم الشيوعيون في الصين يمنعون المسلمين من الصيام هناك، وهؤلاء اللاجئون المشردون في بقاع الأرض من المسلمين، يبدع الكفار المستعمرون وأعوانهم وعملاؤهم من بني جلدتنا في إذلالهم والتسلّط عليهم.

لقد تسلّط علينا حكامٌ لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، من الأب إلى الابن إلى الحفيد، كلما هلك حاكم جاء من يكمل المشوار في تعذيبنا والصد عن سبيلك، ليس هذا فحسب، بل أصبحوا يتبجحون ويفترون الكذب على دينك صباح مساء... ويحرّفون أحكام شرعك، ويفتنون المسلمين عن دينهم.

يا الله! لقد أصبحنا في حال يُحترَمُ فيه من يسبّ ديننا، ويفتري على رسولنا e الكذب، ويتعدى عليه، ولا أحد يوقفه عند حده، ويلزمه مكانه الذي يستحق.

إننا -يا ربنا- قد وصل حالنا إلى ألاّ يذكر اسمنا إلا وذكر القتل، وجثثنا لم تعد تُحصى، ولم يعدْ أحدٌ يكترث لدماء المسلمين التي باتت تجري أنهاراً هنا وهناك.

نشكو إليك يا ربنا سوء حالنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، إننا نرفع إليك أكفَّ الضراعة، ونتوجه إليك بقلوب منكسرةٍ، وعيونٍ دامعةٍ، أن تنزّلَ علينا رحماتِك، وأن تكشفَ ما بنا من ضُر، فأنت من يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه، ويكشفُ السوء، ويجعلنا خلفاءَ الأرض، فأنت القائل:: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾، وأنت من قلت: ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس﴾، وأنت من قلت: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾، ونحن قد جئناك شعثًا غبرًا، نقسم عليك أن تعجل بالفرج لهذه الأمة، وأن تمنَّ عليها بالنصر، وتهزم الظلم وأعوانه، وترينا في الظلمة يومًا أسودَ. اللهم أبرمْ لهذه الأمةِ أمرَ رشدٍ يعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويذلُّ فيه أهل معصيتك، إنك سميع قريب مجيب إلهنا يا رب العالمين.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح – أمريكا