السبت، 26 صَفر 1446هـ| 2024/08/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما سيتبعه من فوضى

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما سيتبعه من فوضى

 

 

في أعقاب التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ظهرت آراء متباينة فيما يتعلق بتأثير خروج بريطانيا على مستقبل الاتحاد الأوروبي، فكان هناك رأيان هيمنا على المشهد السياسي، ولكنهما متناقضان. وأتباع وجهة النظر الأولى يؤكدون بشكل قاطع أن بقاء بريطانيا في الاتحاد يضعفه، مما سيؤدي في النهاية إلى تفككه. بينما يجادل محبو اليورو بأن خروج بريطانيا سيشجع الدول الأعضاء الأخرى على تحقيق الوحدة بشكل أقوى، مما يجعل الاتحاد الأوروبي قوة مؤثرة.

 

إن الذين يرون أن أوروبا من دون بريطانيا ستعيش حياة أفضل، إن هؤلاء محقون، وذلك لأن بريطانيا عضو مشاكس في الاتحاد، وهي لا تهتم إلا بحماية مصالحها، حتى لو كان ذلك على حساب إضعاف أوروبا. ومع ذلك، فإنه من المرجح لدي أن يؤدي خروج بريطانيا إن تم ذلك فعلا إلى تفكك الاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد الأوروبي يعاني من تصدعات عميقة، كفيلة بتمزيق المشروع الأوروبي.

 

يدور النقاش في الاتحاد الأوروبي بشكل دائم بين تقديم سيادة الدولة الوطنية على سيادة الدولة القومية. والأزمة المالية التي ضربت العالم في عام 2008، وورطة اليورو، وإنقاذ اليونان، وتدخل روسيا في أوكرانيا، وكارثة اللاجئين الأخيرة، كشفت هذه الأحداث هشاشة المشروع الأوروبي، كما أن هناك نسبة كبيرة من الأوروبيين غاضبون من تدخل قيادة الاتحاد في بروكسل في شئونهم، وهم يحشدون لاستعادة سيادتهم. إلا أن النخبة في أوروبا ليست غافلة عن هذه الحقائق، حيث قال رئيس المفوضية (جان كلود يونكر) "أعتقد أن أحد الأسباب التي تجعل المواطنين الأوروبيين ينفرون من المشروع الأوروبي هو حقيقة أننا نتدخل في العديد من مجالات حياتهم الخاصة." ومع ذلك، فإنه لا يوجد لدى النخبة إلا علاج واحد وهو الدفع باتجاه مزيد من التكامل بين دول الاتحاد. ولهذا السبب على وجه التحديد صوت البريطانيون على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول على استعداد لفعل الشيء نفسه، فالناس في فرنسا وهولندا والنمسا وفنلندا والمجر من الساخطين على الاتحاد، وهم حريصون على ترك الاتحاد الأوروبي.

 

ثم هناك قيادة سياسية ضعيفة تحل كل الأزمات بنفس الطريقة، وهو ما يؤدي دائما إلى الشلل والفوضى، وذلك لأن عملية صنع القرار السياسي في بروكسل هي العدو اللدود للاستقرار، والطريقة غير المنضبطة التي اتبعتها بروكسل في التعامل مع تدفق اللاجئين من سوريا أغضبت الدول الأعضاء، وتسببت بالخلافات مع البيروقراطية السياسية للاتحاد الأوروبي. وقد حذرت اليونان من أن فشل الاتحاد الأوروبي للتعامل كقوة موحدة تجاه أزمة اللاجئين يهدد بقاءها، وقد رافقت تحذيرات مماثلة لأزمات أخرى، فتأكد فشل الاتحاد في السيطرة على الأحداث، مما حفز الأوروبيين على المطالبة بفرض سيطرتهم السياسية بشكل أكبر على إدارة شؤونهم الخاصة، وفي الحقيقة، فقد كان سبب تشكيل الاتحاد الأوروبي اقتصاديا، لذلك يفتقر إلى النفوذ السياسي اللازم لحل المشاكل.

 

إن بشاعة التعصب للقومية، والعودة إلى ما قبل عصر الحداثة، يهدد بتقويض المشروع الأوروبي، فأينما نظرنا، فإن الأوروبيين الأصليين يظهرون المواقف البغيضة ضد الأجانب من مختلف الجنسيات، بصرف النظر عن مكان قدومهم، والحدث الرياضي الذي نظمته أوروبا، حوّل منطقة اليورو في عام 2016 إلى مرتع للشوفينية المفرطة (الاعتقاد المغالي في الوطنية)، حيث خاض المشجعون الأوروبيون معارك في الشوارع مع بعضهم البعض. لذلك يبدو أن السبعين عاما التي نعمت فيها أوروبا بسلام منذ العام 1945، يبدو أنها كانت في غفلة من التاريخ الأوروبي.

 

وهناك عوامل تقسّم أوروبا اليوم أكثر من العوامل التي توحدها، فالحركات الشعبوية تقودها العنصرية وكراهية الأجانب، وكراهية الإسلام تنتشر في جميع أنحاء القارة، وهذا يطرح سؤالاً متى سينهار الاتحاد الأوروبي.؟

 

ولكن ربما الأكثر إثارة من كل هذه التطورات، ويشكل صدمة، هو إصرار تركيا على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يبدو موقف (أردوغان) غير مفهوم في سياق احتمالية خروج بريطانيا والعودة المفرطة للقومية في دول الاتحاد. والأهم من ذلك هو، عدم وجود ما يقدّمه الاتحاد الأوروبي لتركيا، بصرف النظر عن تعاظم الخوف من الإسلام. و(أردوغان) نفسه قد عبّر عن أسفه لذلك، حيث قال "أوروبا لا تريد لنا الانضمام لها لأننا مسلمون" إذا لماذا هذا الإصرار التركي على الانضمام إلى الاتحاد؟

 

إن كفن الاتحاد الأوروبي يتجهز له، والسلام الطويل الذي تمتعت به أوروبا لعدة عقود هو على سرير الموت، ويعتقد أنه ستندلع حرب واسعة النطاق في القارة، وأمريكا قلقة أيضا من فقدان أحد أعمدة مفاهيمها الليبرالية الجديدة، حيث تواجه هي الأخرى مصيرا مماثلا من التفكك في مجتمعها، وقد أصبح الوقت مُواتياً لمن يرغب في عزل أمريكا عن الساحة الدولية وتحريض الملونين فيها ضد العنصريين البيض، وهو ما يبدو أنه قادم في السنوات القريبة.

 

وهكذا، فإن الوقت مناسب جدا لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، حيث ستكون إقامتها طبيعية ضمن الوضع الدولي الحالي. ومن غير المرجح، استغلال روسيا لهذا الظرف الدولي بسبب ضعفها الاقتصادي، وتخبط الصين وعدم رغبتها في قيادة العالم يمنعها من اغتنام هذه الفرصة. لذلك المرشح الوحيد للاستفادة من هذا الظرف الدولي هو الأمة الإسلامية، حيث يمكنها إنهاء تدخل القوى الاستعمارية في البلاد الإسلامية للأبد.

 

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي – باكستان

 

وسائط

2 تعليقات

  • Khadija
    Khadija الثلاثاء، 12 تموز/يوليو 2016م 00:08 تعليق

    اللهمّ ارحمنا بالخلافة الرّاشدة الثّانية على منهاج النبوّة التي تزلزل أركان الطّواغيت وتسعد البشريّة جمعاء.

  • إبتهال
    إبتهال الثلاثاء، 12 تموز/يوليو 2016م 00:03 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع