الإثنين، 28 صَفر 1446هـ| 2024/09/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
يا "علي بن تميم"! علمانيتك رقبتها في حبل المشنقة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

يا "علي بن تميم"! علمانيتك رقبتها في حبل المشنقة

 

 

 

في تغريدة على موقع التواصل "التويتر" كتب "علي بن تميم" مدير عام شركة أبو ظبي للإعلام، ورئيس تحرير موقع 24 الإخباري ما نصه: "من يستحي من العلمانية فليذهب لينضم إلى داعش التي يمكن أن تخرجه من الظلمات إلى النور، ستظل العلمانية ملاذا للعقلاء في هذا الخراب والإرهاب...".

 

3424

 

وهذا تعليقي على التغريدة:

 

يا حضرة المدير "علي بن تميم"! لقد كانت الأمة لعقود خلت تُجَرُّ من ناصيتها جرّاً نحو المجهول وهي لا تدري ما يفعل بها، وتُدفع دفعاً نحو القومية والاشتراكية واللائكية دون إرادتها واختيارها. وكانت مع ذلك غير قادرة على التمييز بين دعوة الحق ودعوة الباطل، وتغلب عليها السطحية في التفكير. أما اليوم وقد تغيرت عقليتها عن عقلية ذاك الزمان وتحسن تفكيرها ودب فيها الوعي نوعا ما وتكشفت لها الحقائق، لم يعد من السهل أن يخرج عليها أمثالك ليستخفوا بها ويغالطوها.

 

وأما من أبى أن يتزحزح عن عقلية الخمسينات والستينات التي تجاوزها التاريخ وظن أن الأمة مثله لم تتزحزح عنها وخاطبها بخطابات تلك الحقبة المظلمة فإن الأمة تسخر منه وتحتقره وتزدريه وتستخف به وبطرحه.

 

فعن أي ملاذ وأي نور تتحدث يا سيد "علي بن تميم"؟! إن العلمانية الغربية هي الظلامية بعينها والإرهاب ذاته وهي التي تصنعه وتصدّره. وإني لأستغرب ممن يعيش تحت حذاء العلمانية أن يقوم في قومه مناديا: "أن يا قومي تشبثوا بالعلمانية ولا تفرطوا فيها". أهذه هي العقلانية في نظرك؟!

 

لا تحاول عبثا أن تقنع الأمة بهذه العلمانية المقيتة ولا تكن من المتخلفين عن مسيرتنا نحو الخلاص من هيمنة الغرب الاستعماري.

يا "علي بن تميم"! العلمانية التي تدعو إليها رقبتها اليوم في حبل المشنقة ورجلاها ترتعشان فوق المنصة الخشبية ويد الأمة على المقبض تنتظر ساعة الصفر لتحرك المقبض فتسقط الخشبة وتنتهي العلمانية.

 

وكالطفل الصغير الذي لا ينام في حضن أمه إلا بخرافة، دعني أروي لك بعجالة خرافة علمانيتك الفاشلة.

 

إن أول دولة علمانية عرفها المسلمون هي الدولة التركية التي أقامها سيئ الذكر مصطفى كمال على أنقاض الخلافة العثمانية، ثم تلتها دويلات هزيلة على أرض الإسلام، وجميع هذه الدول دون استثناء تطبق العلمانية بعدما أبعد الإسلام عن الحكم والحياة وتعطل العمل به في الشأن العام وفي الاقتصاد والتعليم والقضاء والسياسة الخارجية، فكانت الرأسمالية ولا زالت ليومنا هذا هي النظام المطبق على المسلمين. ومن يومها، أي من وقت فصل الدين عن السياسة، والأمة تعيش أسوأ أيام حياتها وأتعسها. فلم تعرف عزّاً ولا مجدا ولا نصرا ولا وحدة ولا تطورا ولا تنمية ولا ازدهارا اقتصاديا ولا رفاهية ولا أي تقدم في المجال العلمي والتكنولوجي والصناعي. فلا ابتكار ولا اختراع ولا صناعة ثقيلة فضلا عن الصناعة الحربية. وزد على ذلك حالات الفقر والبطالة والفساد المالي والمديونية، بالإضافة إلى الحروب الطاحنة والصراعات الطائفية والعمالة والخيانة وبيع الأوطان بما فيها من ثروات بثمن بخس للمستعمر الكافر. وأينما التفت قابلتك صور مفزعة عن الحياة القاتمة التي تعيشها الأمة منذ أن نشأت هذه الدول العلمانية، فالشعوب كلها تتقلب على جمر العلمانية وتطحنها آلة قمعها. فالبوليس السياسي وجهاز أمن الدولة والمخابرات بجميع أنواعها والشبيحة والبلطجية تعمل فيها عمل الوحوش الضارية. فهل من بعد حياة البؤس هذه والظلامية التي حلت بنا والقمع والترهيب والتجسس على كل ما يقال ويكتب وينشر ويذاع وتكميم الأفواه والمداهمات الليلية والسجون والمعتقلات، تأتي يا "علي" لتقول لنا ليس لكم من ملاذ تلوذون به إلا العلمانية، وليس لكم من نور يخرجكم من الظلامية إلا نور العلمانية؟! فمن ذا الذي جمد تفكيرك عليها حتى عدت لا ترى في الوجود غيرها ولا ترضى بالعيش إلا في ظلها رغم كل هذه المآسي والمفاسد التي خلفتها فينا؟!

 

كان الأولى بك يا أستاذ "علي بن تميم" وأنت تعيش في قلب هذه العلمانية النتنة وفرد من أفراد هذه الأمة التي تعاني من ويلاتها وجرمها وإرهابها، كان الأولى أن تدعو أمتك إلى التحرر منها، هذا لو كنت من العقلاء، لا أن تدعوها للتمسك بها والاحتماء بسقفها!!

 

وأما قولك: "من يستحي من العلمانية فليلحق بـ"داعش". فإننا يا سيدي نشأنا وترعرعنا وعشنا في رعب وترهيب أنظمة (داعشية) بامتياز. وعليه فأنت بهذا كأنك تقول لنا احموا أنفسكم بداعش الكبرى خير لكم من أن تأكلكم داعش الصغرى!!

 

فتنظيم الدولة يا سيد "علي" هو تنظيم أريد به تحطيم فكرة الخلافة وتشويه الإسلام والمسلمين، وهو في الوقت نفسه الورقة الأخيرة التي كان يعول عليها الغرب ليتدارك بها سقوط آخر معقل من معاقل العلمانية في سوريا كما صرح بذلك المجرم "بشار".

 

فالغرب المستعمر حينما هدم دولة الإسلام - الخلافة العثمانية - ظن أنه قد تخلص من الإسلام ونفوذه وهيمنته إلى الأبد، وأنه لن تقوم له قائمة من بعد أن دفنه تحت الثرى، لكن آماله خابت؛ ذلك أن الطامة التي حلت بالأمة جراء الأنظمة العلمانية كانت هي الحافز على بعث الروح في الإسلام من بعد ما كان جسدا بلا روح. فبدأت الأمة تتشوق إلى إسلامها وإلى مجدها وعزها وإلى العدل والانعتاق من التبعية، خاصة وأن ما يطبق عليها من أنظمة وقوانين وضعية لا يعبر عن قناعاتها ولا عن أفكارها ومفاهيمها ولا هو نابع عن عقيدتها وإنما فرضت عليها فرضا بالحديد والنار، وهكذا ظهرت ما تعرف بالصحوة الإسلامية. ولما تصاعدت هذه الصحوة ونمت تيقن الغرب ومعه الأنظمة العميلة أنه صار من الصعب القضاء عليها، ولذا بحث عن مخرج يخرجه من هذا المأزق وعن حل ينقذ به العلمانية من هذا الخطر الذي يحيط بها في بلاد المسلمين. فظهرت فكرة التعامل مع الإسلام المعتدل، أي الإسلام الوسطي، الذي لا يرى مانعا من تبني الديمقراطية كنظام عيش ويرضى بالدولة المدنية ويقبل بالاندماج في العلمانية، أو قل بالذوبان فيها. ثم جاءت فكرة التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية لتعطي متنفسا للإسلاميين فيسمح لهم بالمشاركة في الحكم تحت قبة العلمانيين أصحاب السيادة والقرار، وبذلك يسكت المطالبون بتطبيق الشريعة في انتظار ما سيأتي به التدرج. لكن كل هذه المخادعات والمكر والخبث ما أثر في الأمة، وظهر ذلك جليا بعد الربيع العربي؛ إذ ارتفعت الأصوات مطالبة بالخلافة على منهاج النبوة وسقوط العلمانية، كما رفعت الرايات المناقضة لرايات "سايكس بيكو". لهذا لم يبق للغرب العلماني من حيلة يحصّن بها العلمانية من ضربات الإسلاميين المتشددين حسب تعبيره إلا أن يبتكر خطة شيطانية ينسف بها الروح المعنوية للأمة ويردها عن غايتها ومطالبها، وهكذا ظهر السيناريو الجهنمي المرسوم لتنظيم الدولة الذي استغلت جرائمه وأعماله المفزعة والمرعبة والمخيفة، حتى يقال من بعد للعالم بأسره وللمسلمين خاصة هذه هي الخلافة التي يطالب بها المتشددون، وهكذا ستكون حياتكم في ظلها إن كتب لها البقاء ثم التوسع والانتشار! وهكذا هو الإسلام في أصله دين (تطرف وإرهاب) فلا يفرخ إلا (الإرهابيين والمتطرفين) الذين يعادون الحرية والعلم والتقدم وغير ذلك من المفردات التي نعرفها ونسمعها صباحا ومساء من وسائل الإعلام، وأظن موقعك الإخباري هو واحد منها.

 

لكن الأمة لم تسقط في هذا الفخ ولم تنطل عليها الخدعة وكشفت خطط الغرب ومؤامراته ولعنت من وضع هذا السيناريو وأخرجه ولعب فيه هذا الدور القذر، وهكذا فشلت الخطة في تحقيق غرضها، وما تخلت الأمة عن فكرة الخلافة وما تراجعت عنها، وها هي ما زالت مصرة عليها ومتعلقة بها وتأبى أن تبقى العلمانية هي الحاكمة والمتنفذة.

 

يا سيد "علي"! إن علمانيتك عاجزة على أن تخوض مع الأمة الصراع الفكري. وهي غير قادرة على أن تضمن بقاءها الأبدي في بلاد الإسلام، ولذلك هي تعول على قوتها المادية، أي العسكرية. فهي تخاطبنا بأسلحتها، وتحاورنا بقنابلها وصواريخها ومدافعها وطائراتها التي بدون طيار وأساطيلها الحربية وغواصاتها، وتجرب فينا صناعتها الحربية وتتفنن في قتلنا وتعذيبنا وتشريدنا وتخريب بلادنا بوحشية عجيبة وهمجية غريبة دون اعتبار لأي قيمة من القيم، كل ذلك لتبقى جاثمة علينا بقوة النيران الحارقة وليس بالفكر والسياسة لأنها تعلم أنها أوهن من خيوط العنكبوت في مواجهة المسلمين فكريا وسياسيا.

 

والسؤال يا سيد "علي" هل الذي يمطر البشرية بالقنابل النووية والفسفورية والجرثومية وغيرها صار في نظرك هو الملاذ للذين يبحثون عن السلم والأمان؟! فأي علمانية هذه؟ وما لك قابض عليها بالنواجذ وتدعوننا أن نلوذ بها؟ فهل هي قدرنا ولا يمكننا أن نتخلص منه رغم جحيمها وظلاميتها وإرهابها وخرابها؟!

 

يا "علي بن تميم"! إن البشرية جمعاء وليس المسلمون وحسب، لن يروا النور والعدل والأمن والأمان والرفاهية والازدهار والتحرر من العبودية إلا في ظل الإسلام ودولة الخلافة القادمة بإذن الله والتي نعمل لها ليلا ونهارا. فعالج نفسك ونقِّ دماغك من فيروس العلمانية وخذ لك فسحة زمنية تبحث فيها عن إسلامك في مصادره المعتبرة فتدرسه بتدبر وإمعان نظر وتوازي وتوازن وتقدر، ولا تجعل من سلوكيات وعثرات وأخطأء بعض المسلمين والجماعات الإسلامية حجة على الإسلام.

 

أسأل الله أن يرفع الغشاوة عمن لا زال يعيش في وهم العلمانية وأن يخلصنا منها ويحقق لنا وعده فنقيم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ليعز بها الإسلام والمسلمون وتسعد بها البشرية ونطوي بها صفحة العلمانية لتلحق بأخواتها من صفحات التاريخ الغابر، وتندثر الحضارة الغربية كما اندثرت من قبلها فارس وروما وبابل وأثينا، أما الإسلام فإنه القوة القادمة والمستقبل الواعد رغم أنف الكافرين والمضبوعين بحضارة الغرب.

 

قال تعالى في محكم تنزيله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 32-33].

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد العمراوي

 

 

3 تعليقات

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 14 آب/أغسطس 2017م 16:02 تعليق

    بوركتم وجزيتم خيرا

  • سفينة النجاة
    سفينة النجاة السبت، 12 آب/أغسطس 2017م 22:32 تعليق

    بارك الله فيكم

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 12 آب/أغسطس 2017م 19:13 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع