الإثنين، 06 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/09م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أساليب الحوثيين في تغيير الوسط السياسي القديم

 

يسعى الحوثيون سعيا حثيثا لتغيير الوسط السياسي القديم منذ انقلابهم على السلطة - عملاء الإنجليز - في 2014/9/21م، ورغم أنهم ذراع إيران في اليمن إلا أنها ليست الوحيدة التي تسعى لتثبيت حكمهم وقلع الوسط السياسي القديم الموالي للإنجليز وتغييره بوسطهم السياسي الجديد. فأمريكا هي الداعم الأساسي للحوثيين لقلع الوسط السياسي القديم وإحلال الوسط الجديد الموالي لها من الحوثيين مكانه، وهي التي تقوم بتوزيع الأدوار بين إيران وتركيا والسعودية في اليمن؛ فقد أسندت الناحية الثقافية والعسكرية من تسليح وتدريب وغيرها إلى إيران، وأسندت إلى السعودية ضرب القوى العسكرية الكبيرة التي تقف حائلاً أمام تقدم الحوثيين ليسهل لهم الاستيلاء على المناطق التي عجزوا عن اقتحامها مثل نهم والجوف ويمكن أن يتبعها مأرب معقل ومركز الثقل لحزب الإصلاح، والسعودية تسعى لشراء الولاءات من القيادات التابعة لعلي محسن الأحمر لصالح الحوثيين بمعية تركيا أردوغان الذي يستغل تأييد الإخوان له ومنهم حزب الإصلاح في مأرب ليقوم بمهمته الخبيثة لشراء الولاءات للحوثيين لتسهيل تقدمهم في جبهة مأرب لإسقاطها ليصبح شمال اليمن كله بيد الحوثيين.

 

والمخابرات الأمريكية هي التي ترسم معالم الخطة التي ينفذها عملاؤها لمساندة الحوثيين في تغيير الوسط السياسي القديم.

 

وأمريكا منذ زمن بعيد تدرك أن الوسط السياسي القديم الموالي للإنجليز قد امتدت أذرعه خلال عشرات السنين إلى كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، وقد تجذر الوسط السياسي القديم لقيامه على أربع دعائم أساسية هي: الجيش، والقبائل، والمراكز العلمية، ورجال المال والأعمال.

 

فأما الجيش فقد اهتم الإنجليز بتسليحه وتدريبه وتنظيفه من الموالين للأمريكان حتى تظل المؤسسة العسكرية خالصة الولاء للإنجليز فترسخ نفوذهم في اليمن كلها لعشرات السنين.

 

وأما القبائل فإن دورها كبير، ولذلك فقد أولاها الإنجليز أهمية كبرى وربطوها ربطا محكما بالنظام وبمؤسسته العسكرية والأمنية، فقد ربطوا زعماء القبائل ومشايخها بالجيش والأمن وأجهزة المخابرات وغرسوا عندهم الولاء للنظام الحاكم فكانت القبائل رديفة للجيش للحفاظ على النظام الجمهوري العلماني!!

 

وأما المراكز العلمية فإن النظام الجمهوري الذي تشكل بعد الانقلاب على الإمام أحمد حميد الدين في 1962م والإطاحة بحكمه، وقد استغل رجالات النظام الجمهوري طائفية الحكم الإمامي (أسرة حميد الدين) في جذب التيارات السنية الذين ينظرون أن دولة الأئمة هي دولة البدع حتى قال أحد شعرائهم في مطلع قصيدة مبتهجا بذهاب دولة الإمام:

 

ذهبت دولة أصحاب البدع *** ووهى حبلهم ثم انقطع

 

وقد أضفى رجالات النظام الجمهوري على علمانيتهم كراهية التشيع لجذب التيارات السنية إلى صفوفهم لتوجد لهم القوة الشعبية فتكتمل عناصر القوة لنظام الحكم الجمهوري العلماني، ونظراً لتدني الوعي السياسي عند التيارات الإسلامية وعدم إدراكهم لخطورة العلمانية والحكم بها فقد ناصروا نظام الحكم العلماني الذي يحكم بمفاهيم الكفر لأنه خلصهم من التشيع ودولة البدع كما يقولون! فسمح لهم بفتح مراكز علمية محصورة في مجال الفرد ولا تتدخل في السياسة والحكم ونظامه العلماني بل تضفي عليه لمسات إسلامية ليكون مقبولاً شعبيا. كما أن مناهج التعليم الرسمية للدولة علمانية تفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع وتحصر الإسلام في علاقة الفرد بربه ونفسه ولا تتطرق إلى علاقة الفرد بغيره من بني البشر، أي أن آيات الحكم والسياسة في القرآن والحديث عنها في السنة ليست للعمل بل هي للحفظ والقراءة فقط!!! وكان فساد طريقة التفكير لقادة هذا التوجه من الدعاة الذين أخذوا هذا الفكر من مملكة آل سعود عدوة المسلمين وصديقة الكفار، كان له الأثر البالغ في قبول هذه المناهج العلمانية لديهم ومناصرة الحكام، وأضفى الشرعية عليهم وأنهم ولاة أمر تجب طاعتهم ولا يجوز الخروج عليهم فأصبحت هذه المراكز من أهم الدعائم التي يقوم عليها نظام الحكم الجمهوري العلماني.

 

أما رجال المال والأعمال فقد ارتبطوا بالإنجليز باكراً منذ كانت تحتل جنوب اليمن، فقد عملت على ربطهم بها حتى صارت لندن هي مركز القيادة والمقر الرئيسي لشركات أصحاب المال والأعمال في اليمن.

 

وقد أدركت أمريكا منذ زمن أن نفوذ الإنجليز لا يمكن القضاء عليه وتغيير وسطه السياسي إلا بتغيير هذه الدعائم الأربع؛ الجيش والقبائل والمراكز العلمية ورجال المال والأعمال.

 

فأما الجيش فقد سعت أمريكا منذ ثورة 2011م لهيكلته وخلخلته لسهولة السيطرة عليه، وقد ضربت قوته الثقيلة عن طريق سلمان فتمكن الحوثيون من السيطرة عليه وتغيير قياداته بقيادات موالية لهم فأصبح في قبضتهم. وأما القبائل خاصة قبائل حاشد وبكيل، فقد سعت أمريكا إلى ضربها وإضعافها واستنزاف قوتهم في الحرب التي تجاوزت ست سنين، وقد قتل آلاف منهم في حرب الاستنزاف وقتل كبار مشايخها وتفجير منازلهم، فأصبح مشايخ القبائل إما مقتولاً أو هارباً في الخارج أو وضع ثقته في السعودية نظرا لغبائه السياسي فقاتل تحت جناحها حتى ينتهي دوره فتسهل للحوثيين مهمة قتله وقت الطلب، وإما قابعاً في بيته رهن الإقامة الجبرية، وإما خاضعاً لهم يتحكم فيه مشرف عسكري صغير منهم، وإما منفذا لكل طلباتهم للحفاظ على نفسه وأسرته ومصالحها، وإما لا زالت حاجتهم إليه ملحة حتى ينضج البديل عنه ليحل مكانه.

 

وأما المراكز العلمية فقد هجموا عليها هجوما شرسا وقد أغلقوا كثيراً منها ومنعوا مراكز تحفيظ القرآن خاصة التابعة للإصلاح، وتركت مراكز سلفية لأنها تابعة للسعودية، ولا شك أنها ستلاحقها في المستقبل بعد أن تحكم سيطرتها على شمال اليمن إلا إذا كان من مخرجات الحل السياسي في اليمن السماح ببقاء مراكزهم في المستقبل مقابل إضفاء الشرعية على الحوثيين وأنهم ولاة أمر تجب طاعتهم كما كانت واجبة طاعة الحكام السابقين لهم.

 

أما وسط رجال المال والأعمال فأمريكا تعمل على إيجاد وسط تجاري جديد من الموالين للحوثيين عن طريق إرهاق كاهل التجار تارة بالضرائب وتارة باسم الزكاة وتارة باسم الخمس، وحجز بضائعهم في المنافذ الجمركية وتسليط مشرفيهم الأمنين على التجار بإقلاقهم حتى يخضعوا خضوعاً كاملاً للجماعة أو يرحلوا من البلاد لتصفو الأجواء لهم.

 

إن الحوثيين يسعون سعيا حثيثا لتغيير الوسط السياسي القديم وتأبيد سيطرتهم وصناعة الأزمات المتلاحقة والمتواصلة واتباع سياسة التجويع والتجهيل والتأسيس لنهب ثروات اليمن بالقانون كالخمس الذي يضللون الكثيرين بأنه خمس المكسب من كل الأموال وليس خمس الغنائم التي يتم الاستيلاء عليها في ساحة المعركة من الكفار.

 

إن الحكام السابقين والحاليين، ليس في اليمن فحسب بل في البلاد الإسلامية كلها، هم عملاء للغرب ويحكمون بأنظمتهم وينفذون مخططاتهم، فلا بد من العمل الجاد لإسقاطهم وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة على أنقاض حكمهم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ شايف الشرادي – ولاية اليمن

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع