الثلاثاء، 07 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/10م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إعلان التطبيع مع كيان يهود خنجرٌ مسمومٌ في ظهر أهل فلسطين
واعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء هديةٌ مسمومةٌ للتغطية على بشاعة التنازل!

 


بتاريخ 10/12/2020م، أعلن المغرب قراره استئناف العلاقات مع كيان يهود المجمدة "رسمياً" منذ سنة 2002. ويتضمن الاستئناف إعادة فتح مكاتب الاتصال، وتسريع فتح سفارات متبادلة وتسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي وسياح كيان يهود من وإلى المغرب. وكالعادة تكلف الرئيس الأمريكي بإعلان الاتفاق تكريساً لوضعية الآمر الناهي في بلاد المسلمين. وللتغطية على هذا العمل الشنيع، تم تغليف الأمر باعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها منذ سنة 1975.


وردّاً على هذا، نقول:


• إن الاعتراف الأمريكي، جاء من رئيسٍ منتهية ولايته، وما أسهل أن يتراجع عنه الرئيس القادم أو يُفرغه من مضمونه أو يُماطل في تنفيذ مقتضياته، علماً أن البوليساريو هو صنيعة أمريكية، وما لم تقض منه أمريكا وطراً، فلن تتخلى عنه. فهل سيرجع المغرب عن قراره بالتطبيع إن تراجعت أمريكا؟


• لم يكن المغرب محتاجاً إلى هذا الاعتراف أصلاً، فهو موجودٌ على الأرض منذ 45 سنة، ومن الصعب جدا أن تتم زحزحته، وأليس الملك نفسه هو من قال قبل فترة إن "المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"؟ فما الذي جدَّ حتى نستجدي اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، ونجعل ثمن ذلك التخلي عن بيت المقدس؟!


• إن الاعتراف الأمريكي، كما جاء في تغريدة الرئيس الأمريكي، ينص على أن المقترح المغربي للحكم الذاتي الموسع هو الأساس الوحيد لحلٍّ عادلٍ ودائمٍ لحل القضية، مما يعني أن السيادة المغربية منقوصة، فالحكم الذاتي الموسع يعطي صلاحيات واسعة جداً للإقليم الصحراوي، ما أسهل أن تتحول إلى مشروعٍ انفصالي.


• ما الذي استجدَّ في قضية فلسطين، وفي سلوك كيان يهود حتى يستحقَّ أن تُسارع الدول العربية إلى التطبيع معه واحدةً تلو الأخرى؟! هل كفّ عن سفك دماء المسلمين؟ أم كفّ عن قضم أراضيهم؟ أم كف عن هدم دورهم والتنكيل بأبنائهم؟ ماذا استجدّ حتى نُبرِّر هذه الهدية المجانية؟ أم أنه الاستخذاء أمام الضغط الأمريكي، وعدم القدرة على مواجهته، وطلب السلامة منه ولو بالتنازل عن أقدس قضايا المسلمين؟!


لقد كان الكل يعلم أن التطبيع والعلاقات الدبلوماسية والتجارية بين المغرب وكيان يهود لم تتوقف سنة 2002 حين أعلن عن إغلاق مكتب اتصال كيان يهود في الرباط، بل وكان الكل يعلم أن الاتصالات بدأت منذ بدايات قيام كيان يهود، وأن جزءاً من التحضيرات لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وكيان يهود قد تمت في المغرب، نعم كان الكل يعلم هذا، ولكن النظام لم يكن يجرؤ على المصارحة به خوفاً من ردة فعل الناس لأنه يعلم جيداً مدى حب الناس لبلاد بيت المقدس ومدى استعدادهم للتضحية في سبيلها، لكنه اليوم يتجرأ ويقوم بهذه الخطوة الشنيعة غارساً خنجراً جديداً في ظهور المسلمين، ومختاراً صفَّه بكل وضوح، إلى جانب أعداء الأمة.


ما أشبه اليوم بالأمس، حين كان ملوك الطوائف يتحالفون مع الكفار لحرب إخوانهم ويجعلون ثمن تحالفهم التنازل عن مدن وقلاع المسلمين، وما أشبه اليوم بالأمس حين ضحّى ملوك الدولة الأيوبية ببيت المقدس الذي حرَّره جدهم طمعاً في دعم الصليبيين لهم في حربهم على إخوانهم، وها نحن نعيش اليوم المأساة نفسها، فطمعاً في اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه، ولكي تنصره على أعدائه المسلمين (البوليساريو/الجزائر)، يتنازل المغرب عن فلسطين ويُطبِّع علاقاته مع مغتصبها.


إن قضية الصحراء أوجدتها أمريكا وهي كانت بالأساس لابتزاز المغرب للنفاذ إليه وإلى شمال أفريقيا، وإن الارتماء في حضن أمريكا وتصديق وعدها المنقوص بالاعتراف بمغربية الصحراء في ظل حكم ذاتي وعَدَّه نصرا إنما هو ضرب من الخيال ودخول في نفق من الاضطراب السياسي الذي نهايته الانفصال، والتاريخ يشهد أن تسويات الحكم الذاتي لم تنه حلم الانفصال بل كانت الطريق المعبَّد له.


إن قضية فلسطين جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة المسلمين، ربطها الله بالمسجد الحرام ربطاً محكماً، ولن يستطيع أحدٌ أن يُدخِل إلى عقول المسلمين جواز التنازل عنها أو جواز القعود عن نصرة أهلها ولا وجوب العمل على تحريرها كاملةً لا فرق بين ما احتُلّ في 48 أو 67، لكن الله يفضح المتخاذلين واحداً تلو الآخر ويميز الخبيث من الطيِّب، ليعلم الناس أن لا فائدة تُرجى من دويلات الضرار، وأن هذه الدول القائمة التي أنشأها الاستعمار الكافر على عينٍ بصيرةٍ، من غرب البلاد الإسلامية إلى شرقها، إنما أُوجدت لتحمي مصالحه، وتتآمر على المسلمين وقضاياهم لا أن تخدمها، وهي لا تملك إلا أن تُنفِّذ ما أُنشئت من أجله، ولا تملك أن تخرج عن ذلك قيد أنملة.


إن كل المخاوف وكل الأطماع ولو كانت تخفيف حِمْلِ العرش لضمان انتقال سلس له وضمان سند أمريكي للجالس عليه لا تبرر استعداء الشعب المغربي المسلم ولا استعداء ملياري مسلم ألسنتهم تلعن من خان بيت المقدس وقلوبهم متعلقة به وأعينهم تتطلع لتحريره. ثم إنه بهكذا صفقة أو منة من أمريكا سيبقى النظام تحت سيف الابتزاز لأن النظام سيحرص أشد الحرص على عدم مخالفة أمريكا كي لا تسحب اعترافها أو تجمده.


أيها المسلمون:


قد نعلم ما يعتري قلوب المخلصين منكم من حزنٍ وأسىً، ولكن لا تتركوا اليأس يدبُّ في قلوبكم، ولا يُحزننّكم علوُّ دولة الباطل، فالحق أعلى وأبقى وأجلُّ، ومن ظنَّ أن الباطل سوف ينتصر فقد أساء الظن بالله، وإن كان ساءكم فعلاً أن تنضمَّ دولة أخرى إلى صفوف المطبِّعين، فهلُمَّ إلى الحل الجذري الذي طالما دعوناكم إليه، خلافة راشدة على منهاج النبوة، وعد ربكم وبشرى نبيكم، تقتلع كيان يهود في سويعاتٍ، وتقيم شرع الله فيكم، وتُخلِّصكم من الحكام الفاسدين المفسدين، فتعيشوا عيشةً هنيئةً كريمةً، وتنالوا عزَّ الدنيا وحُسن ثواب الآخرة.

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خالد رضوان

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع