- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الهجرة تأسيس لأول دولة في تاريخ المسلمين
فلتكن ذكرى الهجرة النبوية ذكرى بناء دولة وانطلاق الإسلام ليعم الأرض ويغمرها نورا وعدلا وحياة كريمة وأمة عزيزة تنعم بخيراتها وثرواتها ويهابها أعداؤها، ولن يتجرأ أحد أن يدوس كرامتها أو أن يستبيح أرضها، لأن رسولنا الكريم لم يهاجر إلى المدينة إلا بعدما تبين له أنها احتضنت دعوة الإسلام، وأنها مهيأة لينبثق نور الإسلام منها أكثر من مكة. ولهذا هاجر إليها مع صحابته حتى ينتقلوا إلى المرحلة العملية، ألا وهي تطبيق الإسلام وحمل رسالته بقوة الدولة وسلطانها، وكان هذا أساس الهجرة، أي الوصول إلى القوة والسلطان التي تحمي هذه الدولة.
والرسول ﷺ منذ أن وصل إلى المدينة أمر ببناء مسجد للصلاة والاجتماع والتشاور، ولإدارة شؤون المسلمين والقضاء فيما بينهم، ووضع وثيقة دولة المدينة، فهي التي كانت أساساً للقضاء بين الناس، واتخذ عليه الصلاة والسلام الصحابيين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزيرين، قال ﷺ: «وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»، فقد صار الرسول ﷺ رئيساً للدولة الناشئة، والتف المسلمون حوله، وكان يقوم بأعمال الرئيس والقائد والقاضي، وكان يرعى شؤون الرعية كافة.
ثم أخذ يرسل السرايا خارج المدينة ويقود الغزوات، فعمل على تثبيت هذه الدولة ببناء المجتمع على أساس ثابت وتهيئة القوة الكافية لحماية هذه الدولة، ونشر الدعوة بإزالة كافة الحواجز التي تقف في سبيل نشر الإسلام، فالمهاجرون والأنصار جمعتهم العقيدة الإسلامية وألفت بينهم، فكانت أفكارهم واحدة ومشاعرهم واحدة، وصاروا جميعا يعملون لتعزيز قوتهم فكانت هذه القوة أساساً ثابتاً وراكزاً، وهي التي حددت علاقات الدولة الإسلامية الناشئة بغيرها من الدول.
ثم بدأ رسول الله ﷺ بإزالة كل الحواجز المادية التي تقف في طريق الدعوة الإسلامية بتهيئة أجواء القتال، فكانت العلاقة بين دولة الإسلام وقبائل يهود المجاورة وغيرها من الدول القائمة آنذاك واضحة المعالم، ألا وهي حمل الإسلام إليهم، فكان حمل الإسلام هو القضية التي تعمل لها هذه الدولة من مركزها في المدينة المنورة.
فبدلاً من أن يتناول المسلمون التهاني بذكرى الهجرة النبوية، عليهم أن يعملوا لأن تكون إيذاناً بعام خير وفجر جديد، يبايعون فيه خليفة لهم، وأن تكون بيعة كبيعة العقبة الثانية يشرق بها فجر جديد للأمة الإسلامية، وللبشرية عامة بإقامة الخلافة فتنشر العدل، وتحق الحق، وتزهق الباطل، وتزيل حدود سايكس بيكو الاستعمارية، فتحصل الوحدة الإسلامية في العالم أجمع، فتعود بلاد الإسراء والمعراج، وأرض فلسطين المغتصبة، وتخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، وتعود أمتنا إلى مكانتها التي أوجدها الله من أجلها، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.
جعله الله عام نصر وتمكين للإسلام والمسلمين آمين.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هويدا عثمان (أم معاذ) – ولاية السودان