- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّة الإسلام ستتبوّأ مكانتها الرّفيعة عما قريب
فهل لنداء المخلصين من أبنائها من مجيب؟
يقول عزّ وجلّ في الآية العاشرة بعد المائة من سورة آل عمران: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وفي تفسيره لهذه الآية يقول ابن كثير: "﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾: خير النّاس للنّاس، تأتون بهم في السّلاسل في أعناقهم حتّى يدخلوا في الإسلام..." والمعنى: أنّها خير الأمم وأنفع النّاس للنّاس.
فأمّة الإسلام هي أمّة:
- شرّفها الله بحمل هذه الرّسالة العظيمة التي بعثها الله هدى ورحمة للعالمين.
- مسؤولة: ائتمنها رسولها ﷺ على أغلى وأنفس أمانة؛ دين الله الذي ارتضاه لعباده.
- تركها رسولها عليه الصّلاة والسّلام عظيمة تقود العالم وتسوده وتحكمه بشرع الله.
- تجمعها دولة تنفّذ فيها أحكام الله وتنشرها في النّاس كافّة لتسيّر حياتهم وتنشر فيهم رحمة الله وعدله.
ولكنّ أهل الباطل مكروا لها وأسقطوا دولتها وفرضوا عليها قوانين غريبة عنها وعن عقيدتها؛ قوانين بشريّة منبثقة عن عقيدة الكفر جعلت لله شريكا في حكمه، وأذاقتها الويلات وصرفتها عن أحكام دينها التي نفّذت فيها قرونا طويلة فنشرت فيها العدل والأمن والطّمأنينة وأحيتها والنّاس كافّة حياة طيّبة.
اختار هؤلاء الظّالمون المجرمون دينا غير دين الله ليفرضوه على أمّة الإسلام وعلى البشريّة قاطبة ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾، تنكّروا لله خالقهم واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ﴿وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَـهاً وَاحِداً لَا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، استبدلوا أحكاما ناقصة عاجزة بأحكام الله الخبير العليم.
أصبح واقع حياة البشر واقعا مخالفا لما يجب أن يكون عليه! فقد خلق الله سبحانه وتعالى هذه الحياة وهو وحده العليم بما يُصلحها وما يُسيّرها، فحتّى تكون هذه الحياة في وضعها الطّبيعيّ لا بدّ أن يُعبَد الله وحده؛ لا شريك له ولا أمر إلّا أمره ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾، فهذا ما رضيه سبحانه لعباده ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾. هي أكبر نِعم الله تعالى على الأمّة الإسلاميّة إذ أكمل تعالى لعباده دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبيّ غير نبيّهم صلوات الله وسلامه عليه، فقد جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجنّ، فلا حلال إلا ما أحلّه، ولا حرام إلّا ما حرّمه، ولا دين إلاّ ما شرّعه. فإن حادوا عن هذا المنهج ضلّوا وعاشوا في ضنك وعادوا إلى الظّلمات والضّلال ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
هو منهج يبيّن للمسلمين درب النّجاة ويجعلهم خير أمّة تقود النّاس إلى الخير وتقيهم العيش النّكد وغضب الله وعقابه. منهج فيه كلّ المعالجات والحلول للمشاكل التي تعترض الإنسان مهما كثرت أو استعصت لأنّها حلول من لدن الخبير العليم. هو ضرورة واقعيّة وحقيقة شرعيّة لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها ويعيش حياته بدونها. هو المنهج الذي رسمه خالق هذا الكون ومسيّره. هو حقيقة كونيّة أكّدتها تجارب الإنسان حين عاش دون أحكام ربّه وقوانينه وبرهنت على ضرورتها في الحياة ما حلّ بالمسلمين خاصّة وبالبشريّة عامّة حين تخلّوا عن شرع الله وفصلت حياتهم عن دينهم.
حلّت بهذه الأمّة ضربات كثيرة هزمتها أمام أعدائها الذين نكّلوا بأبنائها وهدموا بيوتها وسلبوا ثرواتها وقتلوا الآلاف من أبنائها ونسائها وأطفالها ولكنّها أمّة لم تمت ولن تموت.
أمّة الإسلام أمّة ممتدّة، ولّادة؛ فهي الأمّة التي حملت راية هذا الدّين وستحمله إلى يوم الدّين مهما أصابها ويصيبها من آلام. فكيف لأمّة صاغ القرآنُ كيانَها وأقام عليه الصّلاة والسّلام بنيانَها ولقّن أبناءها الشّهادةَ وسلّمهم الأمانةَ أن تموت؟ يقيننا راسخ لا تزعزعه الأحداث المريرة التي مرّت بها الأمّة ولا جولة أو جولات يربحها الأعداء المجرمون؛ أنّ النّصر آت لا محالة وأنّ التّمكين حاصل لا شكّ فيه. يقيننا أنّ الله سيُظهر هذا الدّين وينصره ويُعليه كما وعد عباده المخلصين ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾.
احتار أعداء هذه الأمّة فيها! فهي دون الأمم الأخرى التي لو مسّها القليل ممّا أصابها لما بقي لها أثر، ولكنّها أمّة عظيمة عِظَم دينها الذي شرّفها. لقد سعى الكثير من أهل الباطل (الصّليبيّون والحاقدون على هذا الدّين على مدار التّاريخ) من قبلُ لوأدها ولكنّهم عجزوا. ومعركة الحقّ والباطل متواصلة وأبديّة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لئن تمكّن الطّاغوت من أمّة الإسلام ولئن أضعفوها وهدموا كيان دولتها فذلك بسبب عمالة بعض النّفوس الضّعيفة من أبنائها وانضباع العقول التّافهة بالثّقافة الغربيّة وأفكارها الفاسدة وهزيمة العديد من الجبناء الذين باعوا أنفسهم وأعراضهم وفرّطوا في أمّتهم وهان عليهم دينهم وعزّهم.
وقد أدرك الغرب أنّ قوّة أمّة الإسلام في وحدتها وفي عيشها في ظلّ دولة واحدة تسيّر حياتها وفق أحكام الله، لذلك عمل على تدمير هذه الوحدة من أجل إضعافها والسّيطرة عليها، وبدأ يعمل على هذه الخطّة منذ قرون، فنشر ثقافته التي تقوم على أنّ الدّين يجب أن يُحصَر في زوايا المساجد ويُفصل عن الحياة. وكانت المصيبة العظمى بأن أسقط دولتها وقسّم بلادها إلى دويلات نصّب عليها عملاء يقومون على تنفيذ مخطّطاته ونشر ثقافته لصرف المسلمين عن دينهم وتشكيكهم في صلاحيّته وقدرته على حلّ مشاكلهم الكثيرة الشّائكة.
إنّ حال الأمّة اليوم وما تعيشه في ظلّ تقسيمات سايكس بيكو وما انجرّ عنها من ضعف وهوان مكّن الأعداء من الجسم القويّ الذي صمد طويلا أمام محاولاتهم لإضعافه والنّيل منه، إن حالها هذا يكشف بجلاء أنّ المسلمين وهم على ما هم عليه من تقسيم وتجزئة لا يمكنهم العودة إلى عزّهم ومجدهم ولا يمكن لأمّتهم أن تتبوّأ مكانتها الطبيعيّة قائدة للأمم تهديها إلى طريق الخير وتنير حياة النّاس بنور الإسلام إلّا بالعودة إلى الحياة في ظلّ دولة توحّدهم وتحكمهم بشرع الله وتنشره رحمة للعالمين.
حال الأمّة اليوم - وإن تعدّدت محاولات النّهوض بها - يفضح فشل هذه الحلول التّرقيعيّة التي لم تزد الوضع إلّا تأزّما وتعقيدا لأنّها حلول تضلّل الأمّة وتبعدها عن فهم حقيقة وضعها ومعرفة الأسباب الحقيقيّة لما آلت إليه من ضعف وهوان وتصرفها عن تلمّس الطّريق الصّحيح للخلاص.
ولكن رغم كلّ ما يحاك لها من الدّاخل والخارج فإنّ هذه الأمّة لن تموت وسيظهر الله دينه ويتمّ نوره ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
فهذه الدّعوة محفوظة بإذن الله فلم تمت:
- حين كان رسولها عليه الصّلاة والسّلام محاصرا وهو يطمئن صاحبه في غار ثور: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»، يعلّم أمّته الثّقة بالله وتأييده ونصره ويلقّنها دروسا في الثّبات على الحقّ.
- ولا يوم بدر والمسلمون أقلّة وأهل الكفر كثيرون والرّسول عليه الصّلاة والسّلام يقول لأبي بكر أثناء المعركة: «أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاكَ نَصْرُ اللَّهِ، هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ عَلَى ثَنَايَاهُ الْغُبَارُ»، ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.
- ولا في معركة الأحزاب التي كانت معركة أعصاب وكانت من أشدّ المعارك وأحسمها في تاريخ الإسلام، إذ إنّ مصير هذه الرّسالة العظيمة كان فيها أشبه بمصير رجل يمشي على حافة قمّة محفوفة بالمخاطر، ﴿إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً﴾. وهتف رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ» ورجعت الطّمأنينة إلى النّفوس، وظهرت صلابة المسلمين في مواجهة الأزمات والصّعاب.
- ولا حين هجم التّتار على بغداد وذبحوا المسلمين طوال أربعين يوماً وجرت الدّماء في شوارعها إلى أن قيّض الله المظفر قطز القائد المسلم الذي أطلق صيحته المشهورة "وا إسلاماه" في عين جالوت فهبّ جيش الإسلام ملبّيا لهذا النّداء وقضى على التّتار وانتصر الإسلام.
كثيرة هي المصائب التي حلّت بالأمّة وقد عاشتها بما فيها من آلام وأوجاع ولا زالت تعانيها ولكن لم تصبها في مقتل ولم تبدها ولن تبيدها. فدعوة الإسلام دعوة حفظها الله ليوم الدّين وهي النّور الذي أرسله لعباده وأمّة الإسلام هي من اصطفاها الله لحمل هذه الدّعوة، فكيف تموت؟
لن تموت أمّة الإسلام وقد أودعها الله هذه الرّسالة، ومهما حلّ بها من ضعف وهوان فهي بإذنه ستعود خير أمّة إن هي استعادت سلطانها ومجدها المسلوب وتبوّأت مكانتها ودورها الذي جعله الله لها تشريفا وتكليفا.
أمّة الإسلام هي أمّة أراد الله لها أن تبقى ما بقي الخير في هذه الدّنيا؛ أرادها أن تدلّ النّاس إلى الخير وتنشر فيهم الرّحمة التي أرسلها الله لعباده، فدورها رياديّ قياديّ لا يمكنها استعادته إلّا إذا استأنفت حياتها في ظلّ الإسلام في دولة الخلافة الرّاشدة الثّانية على منهاج النّبوّة التي وعد بها الله عباده الصّالحين وبشّرهم بها رسوله عليه الصّلاة والسّلام.
وها هو الرّائد الذي لم يكذب أهله ولا يكذبهم يمدّ يده لأبناء أمّته يسألهم أن يصطفّوا وراءه وينصروه ليكون القيادة التي تسير بهم نحو الخلاص من التّبعيّة للغرب وحضارته والعودة إلى العيش في ظلّ أحكام الإسلام التي ستخرج النّاس جميعا من الظّلمات التي يحيون فيها إلى نور هدي الله ورحمته. ألا فهبّوا يا أبناء أمّة الإسلام وعلماءها وأهل قوّتها ومنعتها، لبّوا نداء حزب التّحرير وانصروا دينكم وتبوّؤوا مكانة الأنصار.
كتبته للمكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير
زينة الصّامت
#أقيموا_الخلافة #كيف_تقام_الخلافة #بالخلافة_يحصل_التغيير_الحقيقي
#ReturnTheKhilafah #KhilafahBringsRealChange
#YenidenHilafet #HakikiDeğişimHilafetle