الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الدّين النّصيحة - تركُ النّصيحة مُصيبة

 

(مترجم)

 

عن تميم الداري قال: قال رسول الله ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه مسلم، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي

 

مع ضعف اللغة العربية منذ منتصف القرن الثامن عشر، أصبحت العديد من المفاهيم الإسلامية غير مفهومة، وبالتالي أصبح من الصعب أكثر فأكثر تطبيق الإسلام والعيش في الحياة الإسلامية. ومن هذه الأفكار التي أسيء فهمها مفهوم النصيحة كما وصفها نبينا ﷺ.

 

تُعرَّف كلمة نصيحة بأنها حديث ووعظ ونصيحة وتوصية وإرشاد ودرس، بهدف نصح الإنسان من أجل مصلحته. وهذا هو المعنى المألوف عند المسلمين. ومع ذلك، فقد وصف العلماء مفهوم النصيحة في هذا الحديث ليس فقط من حيث النصيحة كما هو مفهوم بشكل عام، ولكن من حيث الدين والإسلام. كما أنهم عرّفوا هذا الحديث بأنه أحد الأحاديث الأربعة التي تعتبر أركان الإسلام الرئيسية.

 

وصف العلماء النصيحة بأنها شغف صادق ومخلص تجاه شيء ما أو شخص ما، والتزامه بذلك، والصدق والوفاء والإخلاص. الأشخاص الذين ليس لديهم إحساس بالخداع ومخلصون في قلوبهم يسمى ناصح أو واعظ. في واقع الأمر، فإن التوبة الصادقة والمخلصة تسمى التوبة النّصوح في القرآن. استخدم الإمام الترمذي كلمة نصيحة مع لفظ الرحمة والعطف والمودة. وبحسب القرطبي، فإن عكس النصيحة هو الخيانة. بالإضافة إلى ذلك، عرّف العجوري النصيحة بأنها نقيض الخداع، واستخدم الديلمي كلمة العداء على عكس النصيحة. البيهقي وصف النصيحة بأنها: "أن تنصح المسلمين؛ الشعور بالحزن في القلب على معاناة المسلمين وحزنهم، لمواجهة معاناة المسلمين، وإرشاد المسلمين إلى كل نفع".

 

اليوم نحن المسلمين تسحقنا المصائب بسبب الحكام الذين يفتقرون إلى الإخلاص والنصح تجاهنا، والذين لا يشعرون بأحزاننا، ولا يواجهون معاناتنا، والذين لا يوجهوننا إلى المصالح النافعة التي هي حقّنا.

 

أما الدّين فهو "نصيحة لله ولكتابه ولرسوله" أولاً وصفت بأنها دعوة لاحتضان الإيمان فيهم واستجابة صادقة لهذه الدعوة. يجب ألا ننسى أن الدولة الإسلامية هي التي ستمكّن المسلمين من عيش حياة إسلامية بتطبيق أوامر الله في ضوء الكتاب والسنة، وهي الدولة التي ستدعو البشرية إلى الله وكتابه ورسوله.

 

لذلك، في بقية الحديث، وصف الدين بأنه نصيحة للإمام ولجميع المسلمين. والإمام، أي الخليفة، أمير الأمة، فهو مسؤول عن حفظ الإسلام ونشره. إن الخليفة هو المسؤول عن الحفاظ على الإخلاص في عيش الإسلام، والحفاظ على عقيدة المسلمين، وحفظهم من العدوان، وارتكاب المعاصي، ومن الظلم والعدوان. إن الخليفة هو المسؤول عن وحدة الأمة الإسلامية. طالما أنهم يتبعون أوامر الإسلام ويطبّقون الحقّ، فيجب علينا نحن المسلمين طاعته ودعمه. ولكن لكي نحقق ذلك، يجب أن يكون حكامنا مسلمين وأن يحكموا الإسلام!

 

وبالمثل، فإن النصيحة هي أيضاً حيوية للعلماء والموجهين وذوي النفوذ، لأنهم أيضاً قادة الأمة، من واجبهم الأساسي إصلاح أنفسهم وحكامهم والأمة.

 

وعليه فالواجب على كل منا كعلماء ومسلمين أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونخبر الحكام الظلمة بظلمهم حتى لا يخرجوا عن الحق. «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ حقّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» رواه أبو داود، والترمذي. وهذا صدق أو نصيحة معبر عنها بكلام رسول الله ﷺ.

 

إذا لم نؤدِّ واجبنا تجاه الحاكم بشكل صحيح، إذا لم نمنعهم من الحكم بالكفر، إذا لم نمنعهم من الوثوق بالكفار وخدمة الكفار، وإذا لم ندعهم لتوحيد الأمة ونصحهم بالتزام أوامر الله ونواهيه كيف نرضي الله؟ كيف سنكون قادرين على الوقوف بين يدي الله للحساب؟

 

واليوم السبب الرئيسي للمصائب التي حلت بالأمة الإسلامية وكل البشرية هو أننا بعيدون عن مفهوم النصيحة. احتلت بلادنا، واستغلت ثرواتنا، وفسدت حياتنا، وفقدنا عزّتنا وبتنا لعبة في أيدي الكفار؛ وذلك بسبب غياب رئيس الأمة الإمام (الخليفة)، درعنا كما وصفه رسول الله ﷺ. إنها كارثة أننا منعنا من الاتحاد كأمة واحدة في مواجهة الهجمات على القرآن الكريم ونبينا ﷺ وجميع قيمنا السامية. انتشر الفقر والفساد وعدم الكفاية والرشوة في بلادنا، إن عدم كفاية التعليم والخدمات الصحية، وانعدام العدالة، وما إلى ذلك، كلها مصائب. نهب الطبيعة والبيئة من أجل المصالح الرأسمالية كارثة. يُعدّ عدم اتخاذ الاحتياطات ضدّ الأضرار التي قد تحدث بسبب الكوارث الطبيعية، وغياب أو عدم تنفيذ خطط الاستجابة لحالات الطوارئ بعد الكوارث من الكوارث.

 

لكن الحقيقة هي أن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا الإسلام حتى نجد الحياة. لقد أعطانا الإسلام حلاً لكل هذه المصائب و"اختار الإسلام طريقنا"!

فكيف نرضي ربنا إذا لم نُحكم ونحكم بالإسلام، أي بما يرضي الله سبحانه وتعالى؟!

 

لذلك، فإن كل مسلم هدفه الوحيد وغايته رضا ربّه في حياته، مُلزم بالعمل بحماس وعزم وتصميم لتوحيد الأمة كأمة واحدة، وحكم الإسلام وتطبيقه، ولإعادة الإسلام إلى الهيمنة على منهاج النبوة. يجب علينا أن نبايع الخليفة الذي يطبق الإسلام في الحياة.

 

 بدون شك؛ "الدّين النّصيحة - ترك النّصيحة مصيبة"! المصائب هي ما سيحلُّ بنا إن لم نرض الله سبحانه وتعالى.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع