- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
المنظمات الغربية الرأسمالية مكشوفة وتعمل بأجندة سياسية ولا استقلالية في عملها
عقد في القاهرة مؤتمر القضايا الإنسانية في السودان، وفي كلمته قال جان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: "علينا أن نحشد الموارد ومزيداً من التمويل من كل المنظمات المعنية بالعمل الإنساني من أجل مساعدة السودان فنحن بحاجة أن نعمل يداً بيد وفق مبادئ إنسانية وأؤكد أننا نساعد ولم نختر أي اتجاهات سياسية فنحن هنا للشعب فنحن نعمل باستقلالية"! (اليوم السابع 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2023م)
إن مكائد المنظمات الدولية التي تتستر خلف الإغاثة والعمل الإنساني، تمتد بامتداد الكرة الأرضية، وهذا ما أكده رئيس مجلس الشورى الإندونيسي الدكتور هدايات نور، في مقولته الشهيرة: "إنها مساعدات إنسانية في خارجها، وهي في حقيقة الأمر مساعدات جهنمية شيطانية، فهدفهم التنصير، وليس نجدة المتضررين"!
والمتابع لنشاط منظمات الإغاثة المسماة إنسانية حول العالم، تنتابه العديد من الشكوك، وتدور في ذهنه العشرات من علامات الاستفهام حول حقيقة الأدوار التي تلعبها هذه المنظمات في الدول التي تعمل بها، حيث يرى العديد من المراقبين أن دور هذه المنظمات تعدى العمل الإنساني إلى محاولة تضليل الرأي العام العالمي من خلال نشر معلومات مضللة حول حقيقة الأوضاع في المناطق التي تعمل فيها، ليستمر عملها، هذا بالإضافة إلى قيامها بأدوار استخباراتية مشبوهة لصالح قوى دولية، حتى وصفها عدد من المراقبين بأنها أدوات الاستعمار الحديث! وقد صدقوا في ذلك كما سنبين في هذا المقال.
تقوم منظمات الأمم المتحدة بالعمل الاستخباري والتجسس لمصلحة الدول الغربية، ولا يتوقف ذلك عند مجرد جمع المعلومات، بل يتعدى ذلك إلى بث الفرقة والتناحر بين المجموعات السكانية، كما حدث في جنوب السودان ودارفور.
وكثيرا ما انكشف أمر المنظمات المسماة إنسانية أو خيرية بعد اكتشاف الناس لأهدافها الخبيثة. وليس أدل على ذلك من تعاطي المنظمات الدولية ومن ورائها الدول النافذة مع أزمة دارفور، التي أثارت العديد من الشكوك، ويتسم بالكثير من الغموض بسبب تضارب المصالح وضبابية المواقف. حيث ساهمت هذه المنظمات من خلال تحيزها لأحد جانبي الصراع إلى تعقيد هذه الصراعات مستغلة في ذلك الحصانات الممنوحة لها من قبل الدولة، ولا شك أن أسوأ استغلال للمعاناة الإنسانية يتمثل في قيام بعض هذه المنظمات باستغلال هذه الأزمات لمن هو بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.
ومن بين المنظمات العاملة في دارفور منظمة مساعدة الشعوب، ومنظمة الكنائس العالمية، ومنظمة الكنيسة الأسقفية الإنجيلية، وغيرها الكثير، وأخذت تلك المنظمات توزع الغذاء والدواء مع الأناجيل والكتب التي تتناول حياة المسيح عليه السلام، كما تراها الكنيسة، وقد رسمت عليها الصور المزعومة للمسيح وأمه، لكن هذه المرة لمسيح أسود وأم سوداء تحمله!! وهذا ما يفسر العدد الكبير للكنائس بدارفور؛ فمن 311 كنيسة عام 1999م وصل العدد إلى 661 في العام 2004، وكانت هذه الزيادة نتيجة للنشاط الكنسي الكبير الذي تقوده المنظمات، وأدى ذلك إلى ظهور حالات تنصير كثيرة، وتم تسجيل تنصير 7 أشخاص في معسكر كُلمة، علماً بأن إقليم دارفور 100% من سكانه مسلمون، وقد حذر الحاج عطا المنان والي جنوب دارفور في عهد الإنقاذ، من بوادر حملة تنصيرية بدارفور، وكشف عن قيام عدد من رجال الدين النصارى بتوزيع كتب على الناس في محاولة لتنصيرهم.
أما حادثة المنظمة الفرنسية (أرش دو زوي) فهي تاريخ أسود لهذه المنظمات حيث ألقت الشرطة في تشاد القبض على تسعة فرنسيين بينما كانوا يستعدون لنقل أكثر من 100 طفل جواً إلى فرنسا بقصد عرضهم للتبني.
وهل نسي العالم استقالة عائشة البصيري، ومقالها في مجلة الفورين بوليسي، والذي شرحت فيه أسباب استقالتها من العمل مع الأمم المتحدة، وتسريبها للمعلومات من داخل المنظمة الدولية، وقالت إنها حاولت بكل ما تستطيع دفع الأمم المتحدة بكافة هياكلها للتحقيق فيما يجري في دارفور، وحاولت الوصول إلى إجابات حول ما قدمته من شكاوى، وفي نهاية المطاف قررت عائشة نشر ما تعلم، معلنة أنها كمسلمة ومن أصل عربي أفريقي، ترفض ما يجري باسمها، وترفض الصمت على ما يجري في دارفور. وقالت عائشة إن الأمم المتحدة التي من المفترض أن تكون الحارس الأمين للقيم الإنسانية العليا، تكشف أن كبار موظفيها قاموا بارتكاب جريمة كبرى في حق شعب دارفور، وحق الإنسانية، يجب أن يقدموا بسببها إلى محاكمات عاجلة أمام المحاكم الدولية. ولا يجب أن يسمح لهكذا تواطؤ من قبل ممثلي المجتمع الدولي بالإفلات من العقاب.
إن ما أعلنت عنه عائشة البصيري قد نسف كافة الاعتقادات حول حسن نوايا المجتمع الدولي، وآليات الأمم المتحدة، التي شاركت في عملية التستر على الجرائم في دارفور، من بداية الهرم وهو الأمين العام للمنظومة الدولية، وحتى المسؤوولين عن كتابة التقارير في داخل الأمم المتحدة، ولكن ما كانت عائشة البصيري شديدة الوضوح حوله في تسريباتها، هو شرحها لحقيقة أن مجلس الأمن نفسه تواطأ في عملية التخلص من ملف دارفور عبر إرسال بعثة حفظ سلام يوناميد، التي أكدت على أنها "فاشلة قبل إرسالها"، فقد أوضحت عائشة في لقاء الصراحة مع راديو دبنقا أن "الاتفاق المبرم بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وبين الحكومة السودانية، كان يقضي بأن تكون قوات البعثة تحت حماية الحكومة"، وتساءلت عائشة بدهشة "كيف يقبل العقل أن تكون قوات مهمتها حماية المدنيين من الحكومة هي نفسها تحميها الحكومة؟!" وأكدت البصيري أن عملية ممنهجة لتحسين صورة النظام المجرم قامت بها الأمم المتحدة، وعبرها سحبت عبارات من تقارير الأمم المتحدة أهمها كلمة (الجنجويد)، والتي قالت البصيري إنها لم تعد موجودة في تقارير الأمم المتحدة منذ 2008.
ومن خلال هذا الكشف غير المفاجئ للمتابعين لهذه المنظمات وأنشطتها المشبوهة، كررت عائشة شهادتها في راديو دبنقا في لقاء الصراحة عندما سئلت من تعتقدين بأنه المسؤول عن هذا الإخفاق والجريمة الدولية في دارفور؟ قالت بوضوح مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي هم المسؤولون، لأنهم هم من أرسلوا هذه البعثة، وبالتالي هم من اتخذوا ولا زالوا يتخذون كافة القرارات التي أدت إلى تنامي الكارثة الإنسانية الحالية في دارفور، والمساهمة في زيادة معاناة أهلها، ناهيك عن العمل كمندوبي علاقات عامة بالنيابة عن النظام، عبر إصدار تقارير مشوهة للحقائق، لا تذكر القتل الممنهج للمدنيين والاغتصاب والقصف اليومي الذي ترفض أذرع الأمم المتحدة بكافة أشكالها، وصفها بأسمائها الحقيقية في تقاريرها، أو نسبها لمرتكبيها الحقيقيين، ألا وهم النظام الحاكم والجنجويد.
هذه هي المنظمات الغربية الرأسمالية مفضوحة مكشوفة دون أي ستار، وهي ذات أجندة سياسية ولا تعمل باستقلالية، ولكن العجز الناتج من عدم وجود من يوقفها عند حدها هو سبب تسلطها علينا.
ولن يوقف ذلك إلا دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تؤدب كل من تمتد يده إلى بلاد المسلمين.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان