- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء حمدوك وحميدتي اصطفاف عميل أوروبي خلف عميل أمريكي
أوردت وسائل الإعلام يوم الثلاثاء 2/1/2024 نص الإعلان الختامي لمباحثات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"؛ (الوجه الجديد لقوى الحرية والتغيير)، وقوات الدعم السريع، الذي تم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والموقّع عليه من رئيس الوزراء السابق حمدوك رئيس الهيئة القيادية لـ"تقدم"، ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع، حيث اتفق الجانبان على "أن مشروع خارطة الطريق وإعلان المبادئ يشكل أساسا جديدا للعملية السياسية التي تنهي الحرب وتؤسس للدولة السودانية...".
يأتي هذا اللقاء بعد أن فقدت قوى الحرية والتغيير دورها كمعارضة سياسية وبعد أن أمسكت أمريكا بخيوط اللعبة السياسية كلها بهذه الحرب العبثية التي أهلكت الحرث والنسل.
إن المدنيين، وعملاء أوروبا عموما، في حالة شلل شبه تام، وإن منافذ الدخول في العملية السياسية مرة أخرى مغلقة أمامهم بالكامل. لذلك يحاول حمدوك الدخول بأقرب (حيطة قصيرة)؛ فاختار الدعم السريع الذي ينافقهم...
إن حمدوك على علم بالهدف الأمريكي من إشعال هذه الحرب، لذلك تراه يسارع في الدخول بأي ثمن، حتى لو كان ذلك بتورطهم في جرائم الدعم السريع، والفظائع التي ارتكبت في حق المواطنين؛ من قتل، وترويع، وتشريد، وانتهاك للأعراض، وسلب للأموال، والممتلكات.
إن لقاء قوى الحرية والتغيير باسمه الجديد (تقدم) مع حميدتي أو اصطناعه والتعامل معه هو من باب المناورة، ولهث وراء كرسي السلطة المعوجة قوائمها. لكن ستجد الأبواب مغلقة أمامها، لأن قوات الدعم السريع قد تنزوي لتشكيل معارضة رئيسية، وفي الوقت نفسه تستمر في المعارضة المسلحة تنطلق من المعقل الأساسي لها في دارفور...
ليس هناك جديد في هذا البيان، غير أن حمدوك أضاف بنودا تتعلق بإيقاف الحرب ومنشغل جدا بهذا الأمر. فقد أشغلته أمريكا، هو ومن وراءه (الأوروبيين)، بمسألة إيقاف الحرب، فباتوا يطاردون العواصم هنا وهناك، والجيش يتجاهلهم بالكلية أينما حلوا، فلا يمكن أن يوقفوا الحرب والطرف الأساس (الجيش) غائب.
ثم كيف يوقع المجرم على اتفاق مع خصمه ليحاسبه؟! أستبعد أن يكون الدعم السريع قد شارك في صياغة هذا البيان. على كل حال ففي الحروب ينتشر القيل والقال، و(السواقة بالخلاء) إلا من يملك الوعي السياسي.
ثم إن البنود المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري، والمحاسبة، هي التي أدت إلى هذه الحرب اللعينة للتأكيد على استحالة دمج القوات المسلحة والدعم السريع، وأيضا ليفلت قادة الجيش وقادة الدعم السريع من المحاسبة والمساءلة، فلا يعقل أن يتم الاتفاق عليها بهذه السهولة مع طرف لا وزن له في المشهد السياسي حاليا. فالعالم كله يتجه نحو إيقاف الحرب وأمريكا تمد في أجلها وتوعز للطرفين بتوسيعها... فالحديث عن العملية السياسية غير وارد في الوقت الراهن... لذلك تطيل أمريكا أمد الحرب إلى حد ما (عشان تطير الفي راس الإنجليز وحمدوك).
وهذا ما ذكره الرائد الذي لا يكذب أهله؛ أمير حزب التحرير في جواب سؤال بتاريخ 25/4/2023 حين قال: "فهذه الاشتباكات الحاصلة اليوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تنقل الصراعات السياسية في السودان وبشكل حاد إلى ساحة جديدة، ساحة رسمتها أمريكا لتبعد عملاء الإنجليز والأوروبيين عن مركز الحكم الفاعل، ومن ثم تتحكم أمريكا بأطرافه، وهي لا يهمها عدد القتلى والجرحى ولا يهمها تدمير السودان وآلياته العسكرية، فهذا آخر ما تفكر به أمريكا، فالمهم عندها أن تستفرد في السودان فلا تنازعها فيه بريطانيا وأوروبا.. ومع أن هذا تم أو كاد، ولكن سابقة الانقلاب على الوثيقة الدستورية وانكشافه للناس يجعل أمريكا وأعوانها هذه المرة يطيلون أمد الصراع إلى حد ما، ولكن من باب الكر والفر وليس الحسم، وذلك لتحقيق أحد الأمور التالية:
أ- إذا رأت أن الأفضل لها عقد اتفاق جديد بين عميليها البرهان وحميدتي عقدته، ومن ثم تدفع الاتفاق الإطاري مع القوى التابعة للأوروبيين إلى الخلف، فتصبح تلك القوى هامشية أمام عملاء أمريكا الذين يرسمون واقعاً جديداً في السودان...
ب- وإذا تعذر دفع القوى الموالية لأوروبا للخلف فإن أمريكا لا تأبه بتقسيم السودان بعد أن سلخت عنه الجنوب، فتقوم بسلخ الغرب ودارفور وتولي عليها حميدتي، إذ إن سيطرته في تلك المناطق راجحة... خاصة وأنه يهيمن على منجم الذهب هناك.
ج- وإذا اصطفت تلك القوى التابعة للأوروبيين خلف أحد عملاء أمريكا (حميدتي مثلاً) اصطفافاً من باب المناورة... فإن أمريكا قد تطلب من هذا العميل أن ينزوي والتسليم بسيطرة العميل الآخر ليقود التصعيد العسكري في السودان لإحباط ذلك الاصطفاف...".
ولذلك من المتوقع التصعيد العسكري من قبل قوات الشعب المسلحة وينزوي الدعم السريع إلى دارفور وتشكيل معارضة سياسية عسكرية. ولذلك نجد البرهان في جيبوتي وصف لقاء حمدوك وحميدتي بأنه لا قيمة له، ثم ذكر أنه إما أن نهلك أو ينتهي التمرد!
"هذا الاقتتال هو ما تعمل له أمريكا وعملاؤها الآن... وهذا ما يهيئون له الأجواء المفضية إن استمرت إلى تقسيم جديد... فيا أهلنا في السودان، وخاصة الجيش والمقاتلين.. كيف تقتتلون فيما بينكم لمصلحة الكفار المستعمرين.. تقتلون أنفسكم، وتدمرون بيوتكم، وتنتهكون حرماتكم؟! كيف تنسون قول رسول الله ﷺ الذي أخرجه البخاري، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»؟! فكيف إذا كان هذا الاقتتال لمصلحة أمريكا وأعوانها؟! إنها إذن أدهى وأمر...
أيها الأهل في السودان: إن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله يدعوكم لبذل الوسع لوقف هذا الاقتتال بين منتسبي الجـيش وبين منتسبي الدعم السريع فهم أبناؤكم وإخوانكم أو أقاربكم وجيرانكم أو معارفكم... وأنتم لا شك تسمعون وتبصرون مأساة هذا الاقتتال.. فتداركوا الأمر قبل الندم ولات حين مندم. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾".
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم مشرف
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان