الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ

 

 

في خضم ما يجري من أحداث في فلسطين ولبنان، وما يصيب أبناء المسلمين من دمار ومجازر وحشية على أيدي يهود بدعم من أمريكا والغرب، في خضم هذا كله نسمع أصواتا نشازا تفرح لما يجري في لبنان من قتل ودمار، بل وصل الأمر إلى احتفال البعض وتوزيع الحلوى على مقتل قادة حزب إيران على أيدي يهود المجرمين. متجاهلين أن هذا القتل والدمار والإبادة التي تحدث في فلسطين ولبنان ما هي إلا حرب على أمة الإسلام كلها، وليست حربا على فئة أو فصيل أو طائفة من المسلمين، فالصاروخ الذي ينزل على أهل لبنان لا يفرق بين شيعي وسني، ولا بين لبناني وفلسطيني، بل يستهدف أمة الإسلام قاطبة ولا يعني يهود أي مذهب يبيدون ولا أية فئة يقتلون فكل المسلمين عندهم أعداء.

 

صحيح أن إيران وحزبها اللبناني وبشار وزبانيته أوغلوا في أهل سوريا قتلاً ووحشية، وإبادة همجية، وهذا عمل لا يغتفر ولن يمحى من ذاكرة الشعوب، ولن تنساه الأمهات الثكلى ولا المكلومون، وصحيح أن لإيران أجندتها ومشاريعها التواطئية في بلاد الشام واليمن والعراق، وهذا لا يغفله عاقل، وصحيح أنها لا تنتصر لقضايا المسلمين ولا يعنيها من دعم المقاومة إلا ما يخدم مصلحتها وأجندتها، وقد يكون الفرح لمقتل العتاة الظلمة منهم مشروعا لمن ظُلم، ولكن أن يهلل الناس ويطبلوا ويفرحوا لقتل المسلمين على أيدي أعدى أعداء الأمة، ومغتصبي أرضها، ومخرجي أهلها، فهذا خلط في الفهم الشرعي، وهو وقوف في صف الأعداء ومشاركتهم الفرح  في تحقيق أهدافهم الإجرامية، وهذا ما لا يرضي الله سبحانه بحال، ولا يخدم قضية المسلمين في حربهم ضد عدوهم، بل هذا عين ما يريده أعداءُ الإسلام، قال تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة «...وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي؛ يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (رواه مسلم). بل إن هذه الهجمة الوحشية على الإسلام لا بد لها أن توحد الأمة ضد عدوها، فكما توحد الغرب على ضربها وتداعوا عليها كما تتداعى الأكلةُ إلى قصعتها، فإن الأوْلى بها أن توحّد رايتها، وتوحد موقفها، وتنصر المجاهدين ضد عدوها، وتزيح رجس الخونة والعملاء من حكام تواطؤوا عليها، ووقفوا مع عدوها، فهذا الحشد ضدها فرصة ثمينة لحشد طاقاتها مادياً ومعنوياً ورصّ الصفوف ونبذِ الفُرقة والوقوف صفاً واحدا كالبنيان المرصوص في وجه الحقد الغربي عليها. أما الذين ظُلموا فليحتسبوا أمرهم إلى الله تعالى القائل: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً﴾.

 

وهذا سيدنا رسول الله ﷺ، عندما بلغته مقولة زعيم المنافقين عبد الله بن سلول "أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، قام عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ: «دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّداً يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». (رواه البخاري)

 

لقد ترك النبي ﷺ عقاب المنافقين لتأليف قلوب المسلمين، وإخماد الفتن، وعدم تنفير الناس عن الإسلام، فقد كانت جزيرة العرب كلها تنظر إلى هذه الدولة في المدينة نظرة حذر وتربّص وترصّد، وتتحين الفرص لتنقضّ عليها، ولكن حكمة المصطفى ﷺ، ووعيه على أهمية وحدة الصف حالت دون ذلك. قال النووي رحمه الله "قوله عليه الصلاة والسلام فيه من الحلم، وترك بعض الأمور المختارة والصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه، وكان ﷺ يتألف الناس ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم، لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام".

 

وجاء في وثيقة المدينة التي كتبها رسول الله ﷺ عند بناء الدولة الأولى: «إِنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النَّاسِ... وَإِنَّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ...» وجاء في الحديث الذي رواه أحمد «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».

 

وورد في البداية والنهاية لابن كثير (ج ٨/ص ١٢٧): "... فلما رأى ملك الروم اشتغال معاوية بحرب علي تدانى إلى بعض البلاد في جنود عظيمة وطمع فيه، فكتب معاوية إليه: "والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك يا لعين، لاصطلحنّ أنا وابن عمي عليك ولأخرجنّك من جميع بلادك، ولأضيّقنّ عليك الأرضَ بما رحُبت".

 

هذا ما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه في وحدة الصف، وهذا مطلب شرعي، وموقف سياسي ولا يمكن للمسلمين أن ينعتقوا من ربقة الاستعمار الغربي، ومن هجمتهم الشرسة عليهم إلا إذا توحدت كلمتهم، وتكاتفت أيديهم لإزالة الحدود ورص الصفوف ورفع راية التوحيد بقيادة مؤمنة صادقة نقية تقود جموع الأمة إلى العز والنصر، وهذه فرصة الأمة اليوم لتحقيق ذلك.

 

أما الدعوات الجاهلة فلا تخدم إلا أعداء الإسلام، ولا تزيد المسلمين إلا فرقةً، ولن تدفع الأمة خطوة إلى الأمام بل خطوات وخطوات إلى الوراء. عسى الله أن يؤلّف بين قلوب أهل الإيمان ويمنّ علينا بالنصر والتمكين بقيادة صادقة مخلصة تجمع شعث هذه الأمة تحت راية رسول الله ﷺ.

 

﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد علي – أمريكا

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع