موقع ياعيني: دولة الخلافة وحدها القادرة على حماية أرواح أطفال السند الغالية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2014-03-15
أفادت وكالة رويترز ومحطة BBC وغيرهما من وسائل الإعلام يوم الاثنين 10 آذار/مارس 2014 أن عشرات الأطفال في منطقة ثارباركار بمقاطعة السند في باكستان قد ماتوا خلال الشهور القليلة الماضية نتيجة لسوء التغذية والأمراض الأخرى الناجمة عن حالة الجفاف الشديد التي سببت مجاعة هناك.
كما وصلت حصيلة وفيات الأطفال في المنطقة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بحسب وسائل الإعلام المحلية نحو 140 حالة. وأشارت التقديرات إلى أن الجفاف قد ألحق الضرر بنحو 900 ألف شخص بات الآلاف منهم يعانون من سوء التغذية. وقد زار رئيس الوزراء نواز شريف المنطقة المنكوبة، متعهداً بتقديم معونات للسكان بقيمة 10 ملايين دولار، ومقدّماً لهم وعودا فارغة "سيكون الناس في القريب العاجل قادرين على العودة إلى منازلهم وسيحلّ الازدهار في هذه المناطق".
لقد حوّلت القيادات العلمانية المتعاقبة غير المؤهلة للحكم في باكستان الكوارث الطبيعية إلى أزمات إنسانية. والحقيقة أن آثار فترة الجفاف السائدة في مقاطعة (ثار) بالسند على حياة المواطنين قد زاد طينَها بِلّة أجيالٌ من السياسات الاقتصادية الرأسمالية الفاشلة، والإدارة غير السليمة للموارد، وعدم كفاية الاستثمار في الزراعة، وسوء توزيع الثروة في باكستان من قبل حكام وحكومات فاسدة لا يهمها سوى خدمة مصالحها الخاصة، لا فرق في ذلك بين الديمقراطية منها والدكتاتورية.
فالفقر المدقع إلى جانب ندرة المرافق الصحية المناسبة في المنطقة هما اللذان أوجدا هذه الظروف التي أدت إلى تفاقم المشكلة. والأكثر من ذلك أن تأخر إيصال المعونات إلى المنطقة المتضررة عُزي جزئياً إلى عدم قيام السلطات المحلية بدفع مستحقات شركات النقل لقاء خدماتها لسنوات عدة. وقد اعترف القائمون على إدارة المقاطعة بأن المستحقات المتأخرة لشركات النقل تصل بالفعل إلى 60 مليون روبية.
المهم في الأمر، أن الكارثة الإنسانية الحالية كان في الإمكان تفاديها من خلال التحضيرات والتدابير الوقائية الملائمة الكافية لو كانت البلاد تحكم من قبل حكام يتمتعون ببعد نظر ورؤية ثاقبة ويهتمون برعاية شعبهم حق الرعاية. ولذلك فإن المسؤولية عن موت هؤلاء الأطفال تقع على عاتق الحكومات والأنظمة العلمانية السابقة والحالية وحدها التي اشتهرت بكثرة ما في رصيدها من تجارب الإدارة الكارثية للكوارث الطبيعية.
يضاف إلى ذلك أن الطغمة الحاكمة في باكستان لم تدرك خطورة الأزمة وشدّتها إلا الآن، بعد مضي عدة شهور من الجفاف وفقدان العشرات من الأرواح، وهو ما يُعدّ إهمالاً جنائياً. أما كان من الواجب أن تمتلئ المنطقة على الفور بمسؤولي ومؤسسات الدولة التي تقدم المساعدة والمعونات للمواطنين؟ لكن الأمة ابتليت بحكام يتلذذون بتناول أغلى الأطعمة وأشهاها ويتمتعون بحياة البذخ والترف بينما يموت أطفال الأمة جوعاً. وفوق هذا وذاك، أليست مهزلة مضحكة مبكية أن يعاني شعبُ بلدٍ موارده الطبيعية الرئيسية هي الأراضي الزراعية والمياه، وهو واحد من أكبر منتجي القمح والأرز والحليب وقصب السكر والحمص في العالم، وبعد كل هذا يعاني من الفقر وسوء التغذية؟!
إن دولة الخلافة وحدها هي القادرة على حماية الأرواح العزيزة لأطفال السند والعالم الإسلامي كله. فقد كانت شبه القارة الهندية في ظل الحكم الإسلامي مستودعاً للمنتجات الزراعية، تنتج 25 % من الناتج الإجمالي في العالم، وذلك بفضل تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي السليم والسياسات الزراعية الصائبة.
هذا هو ما وصلت إليه ثروة دولة الخلافة، فكانت قادرة على تقديم المعونات للأمم الأخرى عندما تحل بها الكوارث. فقد أرسلت الخلافة العثمانية في القرن التاسع عشر ثلاث سفن ضخمة محمّ لة بالأغذية إلى أيرلندا خلال مجاعتها الشهيرة. ولذلك فإن دولة الخلافة وحدها، هي التي ستطبق القوانين الإسلامية بصورة كاملة وشاملة، وهي التي ستحقق بالفعل الرفاه والازدهار لهذه الأمة، وذلك من خلال ري وإدارة أراضيها على نحو كفؤ وفعال واستخدام موارد العالم الإسلامي الهائلة لمنفعة الأمة كلها، بدلاً من تركها تُخزّن أو تخصخص لتقع في أيدي حفنة من النخب الثرية. هذه هي الدولة التي سيحكمها قادة مخلصون يجسّدون عقلية حمل المسؤولية الضخمة تجاه شعبهم، أمثال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي عندما أصاب القحط جزيرة العرب عام الرمادة استغاث بالأمصار، وكان مما أشار عليه واليه على مصر عمرو بن العاص أن يشق قناة بين نهر النيل والبحر الأحمر حيث قال: "...فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يَقُومَ سعر الطَّعَامِ بِالْمَدِينَةِ كسعره بِمِصْرَ، حَفَرْتُ لَهُ نَهْرًا وَبَنَيْتُ لَهُ قَنَاطِرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنِ افْعَلْ، وَعَجِّلْ ذَلِكَ "، فاعترض أهل مصر بأن ذلك سيكسر خراج مصر ويخربها، "فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: اعْمَلْ فِيهِ وَعَجِّلْ، أَخْرَبَ اللهَُّ مِصْرَ فِي عِمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَصَلاحِهَا... فَكَانَ سعر الْمَدِينَةِ كَسعرِ مِصْرَ، وَلَمْ يَزِدْ ذَلِكَ مِصْرَ إِلا رَخَاءً، وَلَمْ يَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ الرَّمَادَةِ مِثْلَهَا". بل إنه عندما تدهورت صحته خلال فترة المجاعة، وطُلب منه الاهتمام بها، كان يقول " والله لا تأكلُ السمنَ حتى يأكلَه الناس". ويقول: "كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم؟". هذه هي القيادة المتميزة التي يستحقها أطفال السند.
الدكتورة نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المصدر: موقع ياعيني