- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2020-03-29
دنيا الوطن: نداء حارّ إلى أمّة الإسلام بقلم : زينة الصّامت
نداء حارّ إلى أمّة الإسلام
بقلم زينة الصّامت
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».
صدقت يا رسول الله؛ هذا ما آل إليه حال أمّتك! تركتها خير أمّة تقود النّاس للخير وتنشر الرّحمة والطّمأنينة فيهم فصارت في ذيل الأمم كثيرة جراحها، عديدة آلامها... جسمها تفتّت وكلّ عضو فيه يئنّ ويتوجّع! بلي ثوب الإيمان وتمزّق، فلقد حذّرتها من تركه ولكنّها تاهت عن الطريق وضلّت «إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمُ اثْنَتَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا أَبَدًا: كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَّتِي».
لقد اختار الله سبحانه وتعالى أمّة الإسلام لتكون خير أمّة؛ وذلك لأنّها الأمّة التي تحمل الخير "الإسلام" للنّاس كافّة فلئن تخلّت عن دورها هذا مُكرهة تاهت وتاه العالم من بعدها لأنّها تتحمّل المسؤوليّة في التّفريط في هذا الضّمان الذي أشار إليه عليه الصّلاة والسّلام: التّمسّك بكتاب الله وسنّة نبيّه.
لا يمكن لأمّة الإسلام أن تحيا أو أن تحيي العالم بدون الإسلام فهو روحها وبدونه تكون ميّتة غير قادرة على الحراك ولا يمكنها تغيير العالم ونشر الحياة فيه. هي أمّة جبلها الله على أن تبلّغ رسالة نبيّه الكريم الذي ائتمنها عليها وأشهد الله على ذلك «اللَّهُمَّ قَدْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ»...
جبلت هذه الأمّة على أن تكون شاهدة على غيرها من الأمم بأنّها عملت على نشر هذا الخير وستبقى تعمل على ذلك إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها. ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
هذه هي أمّة الإسلام لا يمكن أن تكون أمّة مهمّشة تقاد وتباد إلّا إذا فرّطت في مبعث عزّها وموطن قوّتها "دينها" فإن هي فعلت ذلك فإنّ أبناءها سيكونون لا محالة أيتاما على موائد اللّئام، دماؤهم مسفوكة وأراضيهم مسلوبة وثرواتهم منهوبة وأعراضهم منتهكة...
تداعت عليها الأمم وفرضت عليها ثقافتها وحضارتها فأحكمت هذه الأمم سيطرتها عليها وسادتها وانتزعت ثرواتها وحكمتها وحكمت العالم وصارت قوّة هادمة تسحق في طريق رغبتها ملايين البشر، تذيق النّاس الويلات لتحقيق مصالحها.
إنّ طبيعة الأمّة الإسلاميّة "القياديّة" وأهدافها في نشر الإسلام إلى العالم يجعلها هدفا يرصده أهل الباطل وهذا من سنن الحياة، فالصّراع بين الحقّ والباطل متواصل إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها. وقد حذّر الله المسلمين من أعدائهم وأمرهم بالاعتصام بحبله المتين حتّى لا تتداعى عليهم الأمم لا لقلّة فيهم بل هم "كغثاء السّيل" كثيرون لكن لا قيمة لهم يأخذهم التّيار أين شاء فلا إرادة لهم... صاروا مفعولا بهم من الأمم الأخرى التي أخذت دور الرّيادة والقيادة والسّيادة.
إنّ أمّة الإسلام هي أمّة ذات طبيعة خاصّة رفع الله مكانتها بالكتاب الذي أنزله إليها ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء: 10] وأخرجها للنّاس على هذا النّحو فلا اعتبار فيها لقوم أو لون أو جنس أو لغة أو أرض - لتكون خير أمّة أخرجت للنّاس، ولتكون الشّاهدة والمُعلِّمة والحاملة للرّسالة، والقائمة بها. ظلّت هذه الرّوح تسري في الأمّة - رغم انحسارها واختناقها بسبب تحكّم الغرب فيها وتسييره بنظامه الرّأسماليّ ورغم المحاولات العديدة للنّهوض بها إلّا أنّها فشلت فشلا ذريعا لأنّها لم تكن بالإسلام غير قائمة عليه، ولن يعود ميلاد هذه الرّوح من جديد إلّا حين تقوم دولة الإسلام وتستأنف الحياة بأحكامه.. فشلت جميع المحاولات وزاد ذلك الأمّة وهناً على وهن... ففقدت الأمّة الرّائدة "إرادة النّصر" وقبلت الهزيمة والاستسلام وتركت الجهاد ونشر الرّسالة التي ائتمنها عليها e... فكيف تقبل أمّة الإسلام بذلك؟! كيف ترضى خير أمّة أن تكون لقمة سائغة على مائدة أعدائها اللّئام ينهشونها دون خوف من ردّة فعلها؟! لقد تمكّن من المسلمين حبّ الدّنيا، وكراهية الموت والبعد عن الجهاد في سبيل الله وفي ذلك ضعفها وهوانها فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النّبيّ e قال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»... فترك الجهاد من بين أسباب الذّلّة التي لحقت بأمّة الإسلام ولن يعود لها عزّها إلّا بالعودة إلى دينها والجهاد في سبيل الله، وهذا لن يتحقّق إلّا في ظلّ دولة الخلافة الرّاشدة الثّانية التي نسأل الله أن يعجّل بقيامها ونكون من شهودها.
لقد صارت الذّات عند المسلم هي المحور وتجاهل أمّته وهو عضو منها، فكان من الواجب عليه أن يتداعى بالسّهر والحمّى إن أصاب الجسد مرض، ولكن في ظلّ هذا النّظام الرأسماليّ الذي فُرض عليه ضاعت الرّوابط الرّوحيّة التي تربطه بهذا الجسد وسادت المادّية والنّفعيّة التي ميّزت ثقافة هذا النّظام الفاسد، وكم حذّرنا ديننا ونبيّنا عليه الصلاة والسّلام من هذا: «وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ».
ليس هذا هو الوضع الطّبيعيّ لخير أمّة!... يجب أن لا يبقى هذا حالها، يجب أن لا تبقى ضعيفة يرمي بها السّيل هنا وهناك، بل عليها أن تسبح ضدّ هذا التّيار الذي يسعى لجرفها إلى الهاوية! عليها أن تعي على قوّتها وعلى قدرتها على استعادة مكانتها وذلك بعودتها إلى التّمسّك بمصدر هذه القوّة: "شرع الله" فتعمل به في حياتها وتنشره رحمة للعالمين وتمضي في طريق الحقّ لتكون خير أمّة أخرجت للنّاس تملك سلطانها وتفتك بكلّ من يهدّد "حياتها" وحياة البشريّة عامّة.
نداء أوجّهه إلى أمّة الإسلام! إلى أمّة خير المرسلين: ألا فانزعي عنك ثوب الهوان والبسي ثوب العزّة والكرامة واصطفّي مع حزب التّحرير - الرّائد الذي لا يكذب أهله - واعملي معه على استئناف الحياة بالإسلام وإقامة دولة الخلافة الرّاشدة الثّانية التي ستطبّق شرع الله الذي به تَسعدين وتُسعدين النّاس.
أيا أمّة الإسلام انهضي، وغبار الذّلّ عنك انفضي، ودولة الخلافة الرّاشدة أقيمي، وراية دينك عاليا ارفعي.
المصدر: دنيا الوطن