السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أجوبة أسئلة النساء

 

 

أولاً: المتبنى من أحكام الطلاق هو فقط الموجود في النظام الاجتماعي. أما فروعه مثل متى يقع الطلاق الثلاث، فغير متبنى ويمكن أخذه من أي مجتهد معتبر.

 

أما الراجح لديَّ في مسألة وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد، في مجلس واحد فهو على النحو التالي:

 

أ - إذا قال لزوجته (أنت طالق ثلاثاً) وهو عاقل يفهم ما يقول أي أنه يعرف معنى هذه الألفاظ (وليس أعجمياً مثلاً يلقَّن الألفاظ ولا يعرف معناها)، فإنَّ هذا الطلاق يقع ثلاثاً، سواء أكان ينوي في داخله أنها واحدة أو لَم ينو، فإن دلالة اللفظ الصريح الواضح في هذا القول (أنت طالق ثلاثاً) لا يحتاج إلى نية، والطلاق يقع. وقد ذكرت أدلة ذلك في كتابي التيسير في أصول التفسير للآية {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} الآية 230 من سورة البقرة. وإني أرفق بعض ما يتعلق به من كتابي المشار إليه (ص203 إلى ص205):

 

[يبين الله سبحانه في هذه الآية الكريمة أن من طلق زوجته الطلقة الثالثة –أي تجاوز الحد المسموح له {الطلاق مرتان}- فقد بانت منه زوجته بينونة كبرى بمعنى أنه لا يحلّ له أن يراجعها في عدتها وكذلك لا يحل له أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بل يحرم عليه ذلك إلا أن تتزوج زوجاً غيره، ثم إن طلقها الزوج الجديد جاز للأول أن يخطبها ويتزوجها بعقد ومهر حيث تكون كأية امرأةٍ أجنبيةٍ عنه.


وهنا تبرز مسألة هل البينونة الكبرى تقع بالطلاق الثلاث المتفرق مرة بعد مرة، أم أنها تقع بالطلاق الثلاث بكلمة واحدة؟.


هذه المسألة مما اختلف فيه الفقهاء وأطالوا الخلاف وبالتدقيق فيها أقول وبالله التوفيق:


إنه لا فرق بين أن يكون الطلاق ثلاثاً متفرقات أو مجتمعات، ويترتب الحكم (البينونة الكبرى) على الطلاق بلفظ الثلاث جملة أو مرة بعد مرة بعد مرة، والدليل على ذلك:


1. قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان...} إلى أن يقول سبحانه {فإن طلقها فلا تحلّ له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}. ووجه الاستدلال أن الله سبحانه قال {مرتان} أي وطلقتان دون تقييد باجتماع أو تفرق وكذلك {فإن طلقها} أي الثالثة والفعل مثبت فهو مطلق غير مقيد أي: (فإن طلقها الثالثة) مجتمعة مع الطلقتين أو منفصلة عنهما.


فالآية تفيد البينونة الكبرى بالطلاق الثلاث سواء أكان مجتمعاً أم متفرقاً.


ولا يقال إنه قد ورد تقييد للمرات بأن تكون متفرقة فهي التي تفيد البينونة الكبرى، أما إن كانت مجتمعة بلفظ واحد فإنه لا يترتب عليها بينونة كبرى بل تعتبر طلقة واحدة وذلك كما جاء في بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.


لا يقال ذلك لأن هذه الأحاديث كلها ضعيفة لا ترقى إلى الحسن أو الصحيح إلا حديثين رويا عن ابن عباس –رضي الله عنهما- وهما لا يصلحان للتقييد ولا يعمل بهما كما نبينه الآن بإذن الله.


الحديثان هما:


الأول: حديث محمد بن إسحاق الذي يقول فيه: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس: طلق رُكانةُ امرأتَه في مجلس واحد ثلاثاً فحزن عليها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها واحدة . رواه الإمام أحمد في مسنده.


والثاني: حديث طاووس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي  وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر؟. قال ابن عباس : نعم .


ولم يرو أي حديث صحيح أو حسن عن غير ابن عباس ينص على الثلاث جملةً تُعتبر واحدة، غير أن هذا الاعتبار مرجوح لأن فتاوى ابن عباس الصحيحة الثابتة عنه تعتبر أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً، وتترتب عليه بينونة كبرى. وأذكر فيما يلي عدداً من هذه الفتاوى:


1. روى عبدالله بن كثير عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثاً، قال: فسكت حتى ظننت أنه رادها إليه ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحُمُوقة ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس!!... وإن الله قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجاً، عصيت ربك وبانت منك امرأتك.وأنَّ الله قال: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} في قبل عدتهن، أي أن ابن عباس اعتبر الطلاق الثلاث معاً واقعاً وتترتب عليه بينونة كبرى.


2. وروى مثله حميد الأعرج وغيره عن مجاهد عن ابن عباس.


3. وروى شعبة عن عمرو بن مرة وأيوب وابن جريج جميعاً عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.


4. وابن جريج عن عبدالحميد بن رافع عن عطاء عن ابن عباس.


5. والأعمش عن مالك بن الحارث عن ابن عباس.


6. وابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.


كلهم قالوا في الطلاق الثلاث أن ابن عباس أوقعها ثلاثاً وقال: بانت منك امرأتك .


ولشهرة هذه الفتاوى وصحتها عن ابن عباس بإيقاع الطلاق بلفظ الثلاث، كل ذلك يجعل الحديث المروي عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الثلاث واحدة، يجعله مرجوحاً لأن الصحابي إذا عمل بغير ما روي فإن روايته تكون مرجوحة، ويكون الراجح في المسألة مدلول الآية الكريمة باعتبار الطلاق الثلاث مفرقا أو مجتمعا يفيد وقوع البينونة الكبرى. وقد عمل بهذا كثير من الفقهاء وكثير من العلماء إلى أن الثلاث تقع ثلاثاً.


وقد قال البخاري في صحيحه (باب من جوز الطلاق الثلاث لقوله تعالى: {الطلاق مرتان} وذكر حديث اللعان(عن سهل بن سعيد الساعدي، ... قال سهل: فتلاعنا ... فطلقها ثلاثاً، قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن شهاب فكانت تلك سنة الأولين .


وقد قال البيهقي تعليقاً على حديث طاووس عن ابن عباس الذي أخرجه مسلم ولم يخرجه البخاري، قال البيهقي: أظن البخاري تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس ، وساق الروايات عنه وقد بيناها سابقاً.


والخلاصة أن الطلاق الثلاث جملةً أو متفرقاً واقع وتترتب عليه البينونة الكبرى، إلا أن هناك فرقاً بين الطلاق الثلاث المجتمع وبين الطلاق الثلاث المفرق وهو أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس واحد منهيّ عنه نهياً جازماً أي أنه حرام ، غير أنه واقع ثلاثاً كما بينا، والمطلِّق به آثم وذلك استدلالاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه محمود بن لبيد: "أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟! حتى قام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله!" .


هذا هو الراجح لديَّ في هذه المسألة والله أعلم وأحكم]

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع