الخميس، 24 صَفر 1446هـ| 2024/08/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال

الاشتباكات الحدودية بين باكستان وأفغانستان

 

 

السؤال: نشرت العربية نت في 13/8/2024: (اتهمت حكومة طالبان اليوم الثلاثاء القوات الباكستانية بقتل ثلاثة مدنيين هم امرأة وطفلان خلال اشتباكات على الحدود بين البلدين.. وقال مسؤول على الحدود من الجانب الباكستاني في تورخام إن ثلاثة جنود باكستانيين أُصيبوا في الاشتباك...) وكان قبل ذلك قد (وقّع صندوق النقد الدولي، الجمعة، اتفاقا مع الحكومة الباكستانية لوضع برنامج مساعدات بقيمة سبعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات. سكاي نيوز عربية، 13/7/2024)، فما وراء هذه الاشتباكات، علماً بأن اشتباكات سبقتها كذلك؟ وهل من علاقة بين مساعدات الصندوق الذي تتحكم فيه أمريكا وبين إشغال باكستان بحرب مع أفغانستان بعيداً عن الهند لتتفرغ لمواجهة الصين تحقيقاً للرغبات الأمريكية بمضايقة الصين؟ أم هناك أسباب أخرى؟

 

الجواب: للإجابة على التساؤلات أعلاه نستعرض الأمور التالية:

 

1- قلنا في جواب سؤال بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2023 حول الحدود التي أقامها الاستعمار البريطاني بين باكستان وأفغانستان ما يلي: (في 1893م عقدت اتفاقية بين وزير الخارجية البريطاني آنذاك السير مورتيمر دوراند وشاه أفغانستان الأمير عبد الرحمن خان برسم خط الحدود البرية الذي سمي (خط دوراند) بطول 2640 كيلومتراً بين أفغانستان وباكستان الممتدة من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. هذه الحدود اعتمدت كحدود رسمية لباكستان وأفغانستان، وقد قسمت قبائل البشتون إلى قسمين على جانبي الخط. علماً أن منطقة الحدود بينهما يقطنها مسلمون ينتمون بأكثريتهم إلى البشتون الذين يعتبرون أكثر الشعوب عددا في أفغانستان حيث يشكلون نحو 40% من السكان، وكل حكام أفغانستان على مدى قرنين كانوا منهم. ويعتبر البشتون الأكثرية الثانية في الباكستان بعد البنجابيين. على كل لقد رفضت أفغانستان الاعتراف بهذا الخط، وخاصة أن إنجلترا في ذلك الوقت لم تأخذ في الاعتبار البنية الديموغرافية والعرقية والقبلية للمنطقة في خط دوراند الذي تم رسمه بشكل مصطنع من خلال مراعاة مصالح إنجلترا الاستعمارية وذلك في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1893. وقد كافح البريطانيون مثل كثيرين من قبلهم للسيطرة على المناطق الحدودية.. وقد تلقت بريطانيا هزيمة عسكرية منكرة في أفغانستان أثناء عدوانها عليها بين عامي 1839 و1842. ثم قامت مرة أخرى بشن عدوان عليها عام 1878 إلا أنها انسحبت منها بعد عامين، ولكنه صار لها نفوذ سياسي عن طريق حكام أفغانستان الذين وقعوا اتفاقية جاندماك عام 1879 وبموجبها فقدت أفغانستان أراضي شاسعة لحساب الاستعمار البريطاني الذي كان يحكم شبه جزيرة الهند الإسلامية... ولما أصبحت حركة طالبان هي الحاكمة في كابول بعد انسحاب أمريكا في آب/أغسطس 2021 بموجب اتفاق الدوحة، فقد أخذت ترفض بصوت أعلى الإجراءات الحدودية التي تقوم بها باكستان، وأصبحت الاستفزازات الحدودية سيدة الموقف بين الطرفين على جانبي خط الحدود الفعلي. وكانت هذه الحدود تسخن حيناً مع التضييق الشديد على اللاجئين الأفغان والعائلات البشتونية التي كانت تتنقل بسهولة عبر الحدود دون أن يعترضها أحد في السابق، إلى غليان تصحبه اشتباكات توقع ضحايا...) انتهى الاقتباس من الجواب.

 

2- وكان هذا الخط الحدودي (خط دوراند) يجعل الصراع بين البلدين يخبو خلال الأوقات العصيبة التي مرت بها أفغانستان بعد تكالب الدول الكبرى عليها من الاتحاد السوفييتي سنة 1979 والاحتلال الأمريكي سنة 2001، ولكنه اليوم عاد ليطفو على السطح من جديد وفق متطلبات السياسة الأمريكية بعد انسحابها المهين من أفغانستان سنة 2021، وما يجب أن يكون معلوماً أن تلك الحدود كانت رخوةً إبان الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، وقد سهل ذلك عبور المجاهدين الذين يتلقون التدريب في باكستان لقتال السوفييت في أفغانستان، وكانت رخاوة الحدود تلك استمراراً لواقع ديمغرافي يفرض نفسه في العلاقات بين الأسر البشتونية على جانبي الحدود من ناحية، ومن ناحية ثانية فقد كان ذلك يتوافق مع السياسة الأمريكية المناهضة للوجود السوفييتي في أفغانستان، ولكن وبعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان فقد تبدلت السياسة الأمريكية وصارت تطالب باكستان بتشديد الحدود ومنع المجاهدين المناهضين لاحتلالها لأفغانستان من عبور الحدود، فقام الجيش الباكستاني بحرب شرسة في تلك المناطق الحدودية داخل باكستان.

 

3- وفي أيار 2018 قامت باكستان بضم المناطق القبلية الحدودية المتاخمة لأفغانستان إلى إقليم خيبر بختونخوا فأنهت بذلك فترة من الضبابية وعدم خضوع تلك المناطق للقوانين وسلطة الشرطة والقضاء الباكستانية، وفيما تعتبر باكستان بأن المسألة الحدودية بينها وبين أفغانستان منتهية (وقد أكد ذلك رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت أنوار الحق كاكر أخيرا في مقابلة له مع شبكة "طلوع نيوز" الأفغانية حيث قال إن "خط دوراند هو الحدود الرسمية الدولية بين باكستان وأفغانستان، قضية الحدود مع أفغانستان بالنسبة لنا وجميع دول العالم منتهية". الجزيرة نت، 14/3/2024)، إلا أن جميع الحكومات الأفغانية عبر التاريخ وبغض النظر عن انتماءاتها السياسية والفكرية ظلت ترفض الاعتراف بخط دوراند كحدود دولية رسمية بين البلدين، وآخر تصريح في هذا الصدد وفق المصدر السابق نفسه جاء على لسان الملا نور الدين ترابي، وهو وزير الحدود والقبائل في حكومة طالبان، حيث قال "لا توجد حدود رسمية لأفغانستان مع باكستان". وقد اشتد النزاع بين البلدين على طول تلك الحدود والتي تزيد عن 2600 كيلومتر، وقلنا في جواب السؤال السابق 28/1/2023: (ثم زادت باكستان بالتضييق وفرضت تأشيرة دخول على الأفغان للمرة الأولى في التاريخ، وقد زاد من هذا التوتر إقامة باكستان سياجاً حدودياً بارتفاع 3 أمتار وأنفقت على إنشاء مئات الكيلومترات منه مئات الملايين من الدولارات، وكل ذلك تحت ذرائع ضبط حركة البضائع والأشخاص والحماية من "الإرهابيين". وهكذا كان السياج أحد أسباب توتر الأوضاع وحصول اشتباكات في المنطقة الحدودية بين البلدين. ومن ثم منعت حكومة طالبان القوات الباكستانية من الاستمرار في نصبه على طول الحدود بين البلدين لنحو 2700 كلم بعد أن تم إنجاز نحو 90% منه. وكانت حكومة أشرف غني قد وافقت على نصبه قبل سقوطها. وقد تصدت حكومة طالبان للقوات الباكستانية كلما حاولت الأخيرة استكمال نصب السياج ما أدى إلى حصول اشتباكات بين الطرفين في مناطق حدودية مختلفة ما أوقع قتلى وجرحى في صفوف الطرفين... وهكذا تأزمت الأمور بين البلدين وبخاصة عندما وجهت باكستان الاتهام لحركة طالبان الحاكمة بأنها لا تمنع حركة طالبان-باكستان من مهاجمة الجيش الباكستاني، ثم قامت باكستان بقصف مواقع داخل أفغانستان بادعاء أنها لمقاتلي حركة طالبان-باكستان...) انتهى

 

4- وهكذا أصبحت المناوشات والاشتباكات بين الجيش الباكستاني وقوات طالبان حقيقةً جديدة في العلاقات بين البلدين، وتشتد هذه المناوشات والاشتباكات بسبب مسألة الحدود وبسبب الهجمات بين "طالبان الباكستانية" وبين الجيش الباكستاني، (وشهد العام الماضي ارتفاع عدد الضحايا إلى أعلى مستوى له منذ 6 سنوات، إذ قُتل أكثر من 1500 شخص من المدنيين ومن أفراد القوات الأمنية والمسلحين، وفقا لمركز الأبحاث والدراسات الأمنية الذي يتخذ من إسلام آباد مقرّا. الجزيرة نت، 17/7/2024)، ومع الاتهامات التي يوجهها الجيش الباكستاني لأفغانستان بإيواء طالبان-باكستان فإن إسلام أباد تقوم بمزيد من التضييق على أفغانستان: (وقال قاري يوسف أحمدي، المتحدث باسم لجنة طالبان لمساعدة العائدين وإعادة توطينهم في مناطقهم الأصلية: "قامت الدولتان المجاورتان - باكستان وإيران - بترحيل أكثر من 400 ألف لاجئ قسراً منذ بداية عام 2024، وكانت باكستان مسؤولة عن 75 بالمئة من عمليات الترحيل". الحرة، 11/6/2024).

 

5- وبهذا كله يتضح بأن حكومة باكستان، وهي موالية لأمريكا، تقوم بمضايقة واستفزاز حركة طالبان في أفغانستان، فتمنع الأفغان من التنقل بحرية عبر الحدود وتطالبهم بتأشيرة لزيارة أقاربهم عبر الحدود، وتقيم السياج الحدودي وتفرضه كأمر واقع، بل وتقوم بتحريك خط الحدود إلى داخل أفغانستان، وتقوم بالتضييق على اللاجئين الأفغان الذين يزيد عددهم عن مليوني لاجئ منهم 600 ألف هربوا مع الانسحاب الأمريكي سنة 2021 (الحرة، 1/11/2023) وتطردهم بالجملة من باكستان، وسهلت سنة 2022 مرور الطائرات الأمريكية وتنفيذ قصف داخل أفغانستان قتل خلاله أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وتقوم مخابرات باكستان بعمليات اغتيال في المدن الحدودية الأفغانية تستهدف البارزين في تنظيم طالبان-باكستان.

 

6- وكل هذه الأعمال التي تقوم بها باكستان تندرج في إطار السياسة الأمريكية القاضية بالتضييق على حركة طالبان في أفغانستان حتى يتم إخضاعها بالكامل، وتندرج أيضاً في إطار رغبات واشنطن بدفع الجيش الباكستاني للحرب الأهلية والحرب مع أفغانستان لتسهيل انسياق الهند مع أمريكا ضد الصين، بل وتندرج أيضاً في محاولة أمريكا منع الصين من استغلال الثروات المعدنية في أفغانستان، وذلك أن العداء الظاهر عبر ما يزيد عن عقدين من الزمن بين أمريكا وحركة طالبان في أفغانستان قد رفع من آمال الصين التي تحتاج صناعاتها لكافة أنواع الخامات باستغلال أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي منها سنة 2021، والنزاع بين باكستان وأفغانستان في مسألة الحدود يعيق تحقيق أحلام الصين التي أنفقت مليارات كثيرة على الممر الاقتصادي في باكستان.

 

هذا هو الإطار العام للسياسة الباكستانية تجاه أفغانستان، ومنها يتضح بأن أمريكا هي محرك الصراع الرئيسي بينهما، وهذا الإطار العام يشمل إثارة العداء، ويشمل النزاع الحدودي المسلح، ويشمل زيادة التوتر في كافة المجالات، ويشمل هجمات جوية لباكستان داخل أفغانستان، (وأعلن وزير الدفاع الأفغاني أن مقاتلات سلاح الجو الباكستاني هاجمت مناطق مكتظة بالسكان في ولايتي "خوست" و"بكتيكا" على الحدود مع باكستان، ما أسفر عن مقتل أطفال ونساء أبرياء، وفق زعمه. ولم يعلق الجيش الباكستاني أو الحكومة على الأمر. وتأتي الضربات بعد مقتل 6 جنود باكستانيين في هجومين انتحاريين ضد نقطة تفتيش عسكرية بمناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية. وأتت الضربات الجوية بعد مقتل 7 عسكريين السبت في هجوم بشمال غربي باكستان في إقليم وزيرستان الشمالي قرب الحدود مع أفغانستان. الشرق الأوسط، 18/3/2024).

 

7- وهذه العلاقة المتأزمة بين البلدين منذ 2021 تسير في اتجاه التصعيد، لأن أسبابها (الأمريكية) قائمةً، وهي ثابتة باتجاه التصعيد سواء أخذت باكستان القروض من صندوق النقد الدولي أم لم تأخذ، وإذا كانت الشروط الرسمية لصندوق النقد الدولي واتفاقيات القروض والتي تشمل مسائل النقد المحلي وسعر الصرف والتجارة والطاقة والضرائب ولا تشمل "رسمياً" علاقات باكستان مع أفغانستان، إلا أنه لا يمكن استثناء أن السياسة الأمريكية الخبيثة تسيل لعاب العملاء في حكومة باكستان بهذه القروض الموعودة حتى يشتد اندفاعهم في تحقيق مصالحها بما في ذلك زيادة التوتر مع أفغانستان، وقد حصلت باكستان في صيف 2023 على قرض من صندوق النقد الدولي الذي تهيمن عليه أمريكا بقيمة 3 مليار دولار، وهي موعودة اليوم بالحصول على المزيد، (وقع صندوق النقد الدولي، الجمعة، اتفاقا مع الحكومة الباكستانية لوضع برنامج مساعدات بقيمة سبعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات. سكاي نيوز عربية، 13/7/2024)، الأمر الذي يزيد في اندفاعها لتحقيق الرغبات الأمريكية.

 

8- ولكل ذلك فإن تصريحات الحكومة الباكستانية الحالية، الموالية لأمريكا، يظهر فيها رفع مستوى التوتر بين البلدين، وكان ذلك واضحاً في الحادثة التي قتل فيها جنود باكستانيون منتصف تموز 2024:

 

أ- (قال وزير الدفاع الباكستاني لبي بي سي إن باكستان ستواصل شن هجمات ضد أفغانستان في إطار عملية عسكرية جديدة تهدف إلى مكافحة الإرهاب... BBC English، 2/7/2024) ووفق المصدر نفسه (وقالت حركة طالبان إن البيان "غير مسؤول"، محذرة باكستان من أن الهجمات عبر الحدود ستكون لها "عواقب").

 

ب- استدعاء السفير: (استدعت وزارة الخارجية الباكستانية نائب رئيس بعثة الحكومة الأفغانية التي تقودها حركة طالبان اليوم الأربعاء، وحثت الحركة على اتخاذ إجراءات ضد جماعات مسلحة متمركزة في أفغانستان تقول إسلام آباد إنها شنّت هجوما على قاعدة عسكرية هذا الأسبوع. الجزيرة نت، 17/7/2024)

 

ج- (طالبت باكستان الحكومة الأفغانية باتخاذ إجراءات "فورية وفعالة" ضد منفذي الهجوم الذي أودى بحياة 8 جنود الثلاثاء، في اشتباكات مع "إرهابيين" بمقاطعة خيبر بختونخوا... وأشار البيان إلى أن الهجوم نفذته جماعة "حافظ جول بهادر" التابعة لحركة طالبان الباكستانية المتمركزة في أفغانستان وأودى بحياة 8 جنود. وكالة الأناضول، 17/7/2024).

 

د- نشرت العربية نت في 13/8/2024: (اتهمت حكومة طالبان اليوم الثلاثاء القوات الباكستانية بقتل ثلاثة مدنيين هم امرأة وطفلان خلال اشتباكات على الحدود بين البلدين.. وقال مسؤول على الحدود من الجانب الباكستاني في تورخام إن ثلاثة جنود باكستانيين أُصيبوا في الاشتباك).

 

9- والخلاصة: إن الخلافات الحدودية والتوتر حول مسألة اللاجئين الأفغان في باكستان، وكذلك السيل المتواصل من اتهامات باكستان لحكومة أفغانستان بإيواء المقاتلين من حركة طالبان-باكستان وأن الهجمات تنطلق من أفغانستان، كل ذلك يرفع من مستوى التوتر بين الجانبين ويوجد الأسباب للمناوشات والاشتباكات الحدودية والقصف الباكستاني داخل مدن وأرياف المناطق الحدودية في أفغانستان، والراجح أن هذا المنحنى قد أخذ طريقاً ثابتاً نحو الزيادة منذ 2021 حين انسحبت إدارة بايدن من أفغانستان، وأن أسباب هذا التوتر أمريكية بالدرجة الأولى كما بينّا... فأمريكا تدفع باتجاهه والزيادة فيه لتحقيق أهدافها في المنطقة ومع الصين، وعلى الرغم من أن شروط صندوق النقد الدولي لا تشمل ذلك صراحةً إلا أن أمريكا تعتبر القروض جزرتها الممدودة لعملائها في باكستان لتحقيق المزيد من التوتر والنزاع والمناوشات بين باكستان وأفغانستان، وفي ظل المنافسة الأمريكية حامية الوطيس بين الديمقراطيين والجمهوريين في الانتخابات الرئاسية واتهام مرشح الجمهوريين ترامب لإدارة بايدن الديمقراطية بتنفيذ انسحاب مهين سنة 2021 من أفغانستان فإن إدارة بايدن قد تدفع بباكستان إلى معارك قوية مع حركة طالبان في أفغانستان لتقول للأمريكيين بأنها أوكلت باكستان نيابةً عنها في حرب حركة طالبان... لكل ذلك فإن تصريحات عملاء أمريكا في باكستان صريحة بالتصعيد والوعيد والتهديد، أي أن المناوشات المتقطعة قد تتطور إلى معارك عبر الحدود، ولكن يستبعد أن تتطور إلى حرب شاملة خاصة وأن الطرف الأقوى - باكستان - ليست له مطالب أرضية من أفغانستان...

 

10- هذا هو حال المسلمين في ظل غياب أحكام الإسلام التي تقتضي هدم الحدود بين المسلمين وتوحيد بلادهم تحت ظل خليفةٍ واحد، وهو حال مستمر ما دامت الأمة وبخاصةٍ أهل القوة فيها لم تغضب غضبةً لربها وأمتها ولم تهب للإطاحة بهؤلاء الحكام العملاء، الذين ما غربت شمس إلا وباتوا على أمتهم متآمرين، وما أشرقت إلا وهم ينفذون تلك المؤامرات وذلك لإرضاء أعداء الله، أمريكا وغيرها... إن أمر المسلمين لا يصلح إلا بما صلح به أوله: حكم بما أنزل الله في خلافة على منهاج النبوة تشرد بالكافرين من خلفهم ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾... خلافة دستورها الإسلام من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي، وليس دستوراً وضعياً، سواء أكان دستور 1964 في عهد محمد ظاهر شاه أفغانستان الذي انتهى حكمه في 1973 حيث أعلنت طالبان الأخذ به في إعلان وزير العدل 28/9/2021، (الجزيرة والأناضول 28/9/2021)، أم كان من الدساتير الوضعية المعمول بها في بلاد المسلمين الأخرى، فكل هذا خلاف ما أمر الله به ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾، وحري بأفغانستان وباكستان أن يدركا أنهما بلدان مسلمان يحرم الاقتتال بينهما... حري بهما أن يزيدا من تعميق علاقات الأخوة الإسلامية بينهما، وقطع أي صلة بالكفار المستعمرين وعلى رأسهم أمريكا، وأن يستجيبا لنصرة حزب التحرير العامل لإقامة الخلافة، فيعز المسلمون، ويذل الكافرون ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

 

في الثاني والعشرين من صفر الخير 1446هـ

27 /8/2024م

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع