الجمعة، 01 شعبان 1446هـ| 2025/01/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفائس الثمرات- العمل الحسن في أعين الناس

  • نشر في من الصحابة والسلف
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1150 مرات

حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، قال : سمعت إبراهيم ، يقول : إن الرجل ليعمل العمل الحسن في أعين الناس ، أو العمل لا يريد به وجه الله فيقع له المقت والعيب عند الناس حتى يكون عيبا ، وإنه ليعمل العمل أو الأمر يكرهه الناس يريد به وجه الله فيقع له المقة (1) والحسن عند الناس
__________
(1) المقة : المحبة والرضا
الإخلاص والنية لابن أبي الدنيا

إقرأ المزيد...

مع الحديث الشريف- الإجارة

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 993 مرات

عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏قَالَ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ
جاءَ في شرحِ سننِ ابنِ ماجَه للسِنْدِيِّ
‏قَوْلُه ( أَعْطُوا الْأَجِيرَ ) ‏أَيْ يَنْبَغِيْ الْمُبَادَرَةُ فِي إِعْطَاءِ حَقّهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَاجَةِ ‏
‏ قَوْلُه ( قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) الْحَاصِلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْحَاجَةِ ‏
الإجارةُ عَقْدٌ على المنفعةِ بِعِوَضٍ، ويدخُلُ تحتَهَا ثلاثَةُ أنواعٍ:
النوعُ الأولُ - هوَ ما يَرِدُ العَقْدُ فيهِ على منافِعِ الأعْيَانِ، كاستئجارِ الدُوْرِ والدَوَابِِّ والمَرْكَبَاتِ وما شابَه ذلك.
النوعُ الثانيْ - هو ما يَرِدُ العقدُ فيهِ على منفعةِ العملِ، كاستئجارِ أَرْبَابِ الحِرَفِ والصَنَائِعِ لأعمالٍ معينةٍ، فالمعقُودُ عليهِ هو المنفعةُ التي تحصلُ مِنَ العملِ، مثلُ استئجارِ الصَّبَّاغِ والحدَّادِ والنَجَّارِ وما شابَه ذلك.
النوعُ الثالثُ - هو ما يَرِدُ العقدُ فيه على منفعةِ الشخصِ، كاستئجارِ الخَدَمَةِ والعُمَّالِ وما شابَه ذلك.
والإجارَةُ بجميعِ أنواعِها جائزَةٌ شرعاً قالَ اللهُ تعالى: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } وقال: { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } وروى البخاريُّ: «أنّ النبيَ صلى الله عليه و سلم والصِدَّيقَ استأجَرَا رجلاً مِن بنيْ الدِّيْلِ هادِيَاً خِرِّيتَاً».

إقرأ المزيد...

الحِمى في المنافع العامة- الأستاذ أبو عبيدة

  • نشر في النظام الاقتصادي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1801 مرات

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله ربّ العالمين الذي قدّر في الأرض أقواتها ، ووضع فيها للنّاس والأنعام أرزاقها . والصلاة والسلام على سيّد الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد . وبعد :

لقد أنزل الله تعالى دين الإسلام إلى الناس كافة ، وشرع فيه من الأحكام التي من شأنها أنْ تُخرج الناس من جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن عبادة العباد والعيش بحسْب شرائعهم وقوانينهم إلى عبادة ربّ العباد والعيش بحسْب شريعته وأحكامه .

ومن هذه الأحكام التي شرعها الله لعباده أحكام الـمُلكيّة ، إذ تميّز الإسلام عن غيره من المبادئ والأنظمة بأن جعل الملكية على ثلاثة أقسام : ملكية فردية خاصة ، وملكية للدولة ، وملكية عامة للناس . فكما أن الله شرع وأذِن للفرد أن يتملك ؛ فيتملك ما يقوى به على تدبير شؤونه وقضاء حاجاته ، وكما أن الله شرع وأذِن للدولة أن تتملك ؛ فتتملك ما تقوى به على تدبير شؤونها وقضاء حاجاتها ، فكذلك شرع الله للناس ملكية عامة يقوون بها على تدبير شؤونهم وقضاء حاجاتهم ، بحيث يكون لجميع الناس حق الانتفاع بها . فالمنافع العامة هي الأعيان التي جعلها الإسلام لكل الناس يشتركون في حق الانتفاع بها ، أي جعلها مملوكة للجماعة ، كالمراعي والمساجد والطريق العام والبحار والأنهار وغيرها .
وأما الحمى في المنافع العامة فهو أن يقوم أحدٌ من الأفراد أو الدولة بحماية شيءٍ من الملكيات العامة وحيازته لنفسه ومنع الجماعة من بالانتفاع به . وأصل الحمى عند العرب أنّ الرئيس منهم كان إذا نزل منزلاً مخصباً استعوى كلباً على مكان عال ، فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره . فالحمى هو المكان المحمي الذي يُمنع منه الغير . فجاء الإسلام ومنع الناس أن يحموا شيئاً من الأشياء العامة التي ينتفع بها جماعة الناس ، فيحوزونها لهم وحدهم دون غيرهم . وقد وردت أحاديثُ كثيرة ٌ تدلّ على هذا منها قوله صلى الله عليه وسلم ( لا حمى إلا لله ولرسوله ) رواه أبو داود . وقوله ( ثلاث لا يُمنعن : الماء ، والكلأ ، والنار ) رواه ابن ماجة .

وهذه الأعيان التي جعل الله ملكيتها عامةً يشترك في الانتفاع بها جميع الناس تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، وهي :
1. المرافق التي لا تستغني عنها حياة الجماعة اليومية .
2. الأعيان التي تكون طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الأفراد بحيازتها .
3. المعادن العدّ التي لا تنقطع . أي الكثيرة غير محدودة المقدار .

أما النوع الأول فهي الأعيان التي تتعلق بها حاجة الجماعة اليومية ، بحيث إن فُقدت فإنّ الجماعة تتفرق في طلبها والبحث عنها وتوفيرها كالماء والمراعي مثلاً ، حيث كانت القبائل تتفرق في طلبها عند فقدها . ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ) رواه أبو داود . فهذه الأعيان التي ذكرها الحديث طبيعتها أنها تتعلق بها حاجة الجماعة اليومية فجعلها الإسلام مملوكة للجميع يشتركون في الانتفاع بها .
ويلحق بها كلّ آلة تستعمل فيها ؛ فمثلاً آلات استخراج وضخ المياه وأنابيب وشبكات توصيلها لمنازل الناس ، وكذلك آلات ومحطات توليد الكهرباء وأعمدتها وأسلاكها وشبكات توصيلها إلى منازل الناس ، كلها تكون ملكية عامة ، والسبب في ذلك أمرين إثنين : الأول أنّ هذه الآلات والمعدات قد استعملت في الأعيان التي تعلقت بها حاجة الجماعة اليومية ، والثاني أنها قد أقيمت في الطريق العام والذي هو من الملكية العامة للناس . لذلك فإنّ مثل هذه الآلات والمحطات والشبكات يحرم أن يتملّكها أحد لا أفراداً ولا شركات ، ويحرم على الدولة أن تملكها لأحد ، ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( من منع فضل الماء ليمنع فضل الكلأ منعه الله فضله يوم القيامه ) رواه أبو عبيد في الأموال . وما رواه الإمام أحمد عن إياس بن عبد ( لا تبيعوا فضل الماء فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء ) .
أما إذا كانت هذه الأعيان وما يلحق بها من آلات ومعدات لا تتعلق بها حاجة الجماعة اليومية ، وكذلك أن لا تكون قد أقيمت في الطريق العام بل وضعت في أملاك أصحابها فإنها حينئذ تكون ملكية فردية لأصحابها يجوز تملكها وبيعها للناس ، كالآبار الصغيرة وآلات السقي وغير ذلك .

وأما النوع الثاني فهي الأعيان التي تكون طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الأفراد بحيازتها . وهذه الأعيان تشبه النوع الأول من ناحية أنها مرافقُ عامة يشترك في الانتفاع بها جميع الناس ، إلا أنها قد تتعلق بها حاجة الجماعة اليومية وقد لا تتعلق ، بل إنّ ما يميزها هو أن طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الأفراد بحيازتها وتملكها ، كالبحار والمحيطات والمضائق والقنوات ، والمساجد والطرقات ، وأماكن الحج مثلاً ، ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( مِنى مَناخ من سبق ) رواه أبو داود وأحمد . فالحديث يدلّ على أنّ هذا المكان مملوك لجميع المسلمين ، فمن سبق إلى أي مكان فيها وأناخ فيه فهو له ، لأنها مشتركة بينهم وليست مملوكة لأحد حتى يمنع الناس منها .
ويلحق بهذا النوع كل شيء يقام فيها ويأخذ منها حيزاً أخذاً دائمياً ، لأنها تكون بذلك قد اختصت بهذا الحيز اختصاصاً دائمياً ، وهذا من الحمى الذي يحرمه الإسلام . مثال ذلك القطارات وسكك الحديد ، وشبكات المياه وأنابيبها وشبكات الكهرباء وأعمدتها وأسلاكها . فهذه كلها وأمثالها تكون من الملكيات العامة ، لأنها تأخذ حيزاً من الطريق العام أخذاً دائمياً .

وأما النوع الثالث المعادن العدّ التي لا تنقطع . فهي المعادن الكثيرة غير محدودة المقدار ، سواء كانت ظاهرة يتم التوصل إليها من غير مشقة كالملح ، أو كانت في باطن الأرض تحتاج إلى مشقة وعمل . وسواء أكانت صلبة جامدة كالذهب والحديد والرصاص ، أم كانت سائلة كالنفط ، أم كانت غازية كالغاز الطبيعي . فهذه المعادن العدّ تكون من الملكية العامة لا يجوز أن يتملكها أحد أو أن تعطي الدولة امتياز استخراجها لأفراد أو شركات . ودليل ذلك ما رواه الترمذي عن أبيض بن حَمّال المازني ( أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح فقطع له ، فلما أن ولّى قال رجل من المجلس : أتدري ما قطعت له ؟ إنما قطعت له الماء العدّ . قال : فانتزعه منه ) . أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استرجع الملح من أبيض بن حَمّال عندما عرف أنه عدّ كثير غير محدود المقدار .
فهذه المعادن تقوم الدولة بمباشرة استخراجها والقيام بكل ما يلزمها من أعمال نيابة عن المسلمين ، ويكون كل ما تستخرجه منها هو ملكية عامة يوضع في باب الملكية العامة في بيت مال المسلمين .

هذه هي أقسام الملكية العامة ، وهي أعيان جعلها الإسلام ملكاً ومنفعةً لجميع الناس ، وحرّم على الأفراد أو الشركات أو الدولة تملكها ، أو منْع ِ الناس منها أو بيعها لهم بثمن أو أخذ الأجرة عليها . لاّن الدولة لا تملكها حتى تبيعها أو تؤجّرها للناس . وإنما هي نائبة عن الناس في رعاية شؤونهم ومصالحهم . فتقوم الدولة بالتصرف بهذه الأعيان و وارداتها نيابة عن المسلمين ، باجتهادها ضمن أحكام الإسلام ، بما تراه محققاً لمصلحتهم ونفعهم .

حيث تقوم الدولة بتوزيع منتجات وواردات الملكيات العامة على النحو التالي :
1. الإنفاق على ما يتعلق بالملكية العامة . كديوان الملكية العامة ، بناياته ومكاتبه وأبحاثه وموظفيه . وعلى الخبراء والمستشارين والعمال . وعلى الآلات والمصانع اللازمة للاستخراج والتصفية والتصنيع . وعلى آلات وشبكات الماء ومحطات الكهرباء . وعلى الطرق والسكك الحديدة وغير ذلك .
2. التوزيع على أفراد الرعية . الذين هم المالكون الحقيقيون لهذه الملكيات العامة ؛ فتقوم الدولة بتوزيع منتجات وواردات وأرباح هذه الملكيات عليهم باجتهادها بحسْب ما تراه محققاً لمصلحتهم . فتوزع عليهم من الأعيان نفسها كالماء والكهرباء والطاقة كالنفط والغاز ، وقد توزع عليهم نقوداً من أرباحها ، وقد تنفق منها على ما هو مصلحة لهم كإنشاء الجامعات والمستشفيات أو حتى أكثر من ذلك بجعل التعليم والتطبيب مجاناً للناس تغطي الدولة نفقاته من هذه الملكيات نيابة عن المسلمين .
3. الإنفاق على ما فرض الله على المسلمين الإنفاق عليه . كما هو معلوم أن الله تعالى قد فرض على المسلمين الإنفاق على بعض الفروض ، كفرض الجهاد والإعداد ، وفرض أغاثة المنكوبين والفقراء والمحتاجين ، وغيرها . فإذا عجزت ميزانية الدولة عن تغطية نفقات مثل هذه الأمور فإنّ وجوب الإنفاق عليها ينتقل إلى عامة المسلمين ، فتقوم الدولة نيابة عنهم بالإنفاق عليها من ديوان الملكيات العامة . أو بضرب الحمى على بعض أعيان الملكيات العامة وتخصيص وارداتها للانفاق على هذه الأبواب كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده . ودليل ذلك قوله في الحديث الذي ذكرناه ( لا حمى إلا لله ولرسوله ) رواه أبو داود . وما رواه أبو عبيد عن نافع بن عمر ( أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حمى النقيع ـ وهو موضع معروف بالمدينة ـ لخيل المسلمين ) . وكذلك حمى أبو بكر الرَّبذة لإبل الصدقة واستعمل عليه مولاه أبا أسامة . وحمى عمر كذلك الشرف والرَّبذة واستعمل عليه مولى له يقال له هني .

والناظر إلى حال هذه الأنظمة في عالمنا اليوم ، سواء الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين التي تحاول تقليد الغرب في الأخذ من دساتيره ونظمه الرأسمالية ، أو الأنظمة القائمة في بلاد الغرب نفسها . يرى الفرق الشاسع في كيفية التعامل والتصرف بالملكيات والمنافع العامة بينهم وبين الإسلام .
ففي حين أن الإسلام قد جعل هذه المنافع ملكيةً عامةً للناس وحرّم أنْ يتملكها أحد فيمنع فضلها عن الناس . نرى كيف أنّ النظام الرأسمالي قد أستباح هذه الملكيات فاختصت الدولة بتملكها أو ملكتها للأفراد من رؤوس الأموال أو الشركات ، وليس هذا فحسْب بل استعملوها كسبيل لتحصيل الأرباح وجباية الثروات من الناس . الأمر الذي أدى أن تركزت هذه الملكيات والثروات الهائلة في أيدي حفنة من الناس في حين أن فضلها كان يمكن أن يعالج مشاكل الناس من فقرٍ وبطالةٍ وغلوّ أسعار والاستقراض المهلك للناس وغير ذلك .
ففي بلد نفطيّ كالسعودية مثلاً ليس غريباً ما نراه حاصلاً عندهم كيف أنّ الثروة قد تركزت في أيدي قليلة من الأمراء وأصحاب الشركات في حين أن نسب الفقر والبطالة عندهم للناس قد بلغت أعلى مستوياتها ، والسبب في ذلك هو استباحة هذه الثروات التي جعلها الله ملكية لجميع الناس من قبل هؤلاء الأفراد فمنعوا فضلها عن باقي الناس .
وليس غريباً أيضاً ما هو حاصلٌ عند الغرب كيف أن الفقر لا بل التشرد في الشوارع بلا مأوى ولا طعام يطال الملايين من الناس عندهم ، مع أنها دول تـُعدُّ أغنى دول العالم . ولكن يبدو أن الغنى عندهم المقصود به كما كشفته وأظهرته الأزمة المالية التي حلّت بهم ، هو غنى القلة القليلة من رؤوس الأموال التي استحوذت على الثروة واستباحت ما وضعه الله في هذه الأرض رزقاً للناس .

إنّ الإسلام ليس علاجاً لمشكلات هذه الأنظمة وما خلفته من مصائب على رؤوس شعوب الأرض كافة . بل الإسلام هو البديل الحضاري العادل الذي سوف يطمس كل معالم هذه الأنظمة الرأسمالية ومخلفاتها قريباً بإذن الله .
فهو النظام العادل من عند ربّ العالمين ، فما أن تراه شعوب العالم مطبقاً سارياً في دولة فيدركوا خيره وفضله وعدله على الناس فإنهم سرعان ما تراهم يلقون ما بجعبتهم كمن يلقي الطعام النتن الكريه ويهرولوا إلى طيب العيش وخيره .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

 

إقرأ المزيد...

سلسلة قل كلمتك وامش -- ذكرى هدم الخلافة - الاستاذ أبي محمد الأمين

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1335 مرات

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
دور اليهود
إن من طبيعة اليهود الغدر ونكران الجميل، وكما أن من طبعهم الخسة والوضاعة وعدم الوفاء، فإنهم كلما عاهدوا عهدا نقضوه، ولا يسيرون باستقامة وحسن سلوك وأخلاقه وإنما الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت وضيعة ولذا تراهم يستغلون كل ما تصل إليه أيديهم من أساليب ووسائل للوصول إلى أغراضهم مهما كانت دنيئة، فهم لا يتورعون عن استغلال كل شيء حتى العرض عندهم يصبح رخيصاً لتحقيق أهدافهم.
بالأمس القريب أذاعت القناة العاشرة في التلفزيون اليهودي برنامجاً يسيء إلى رسول الله السيد المسيح عليه السلام، السيد المسيح الذي يؤمن به نصارى أوروبا وأمريكا كرسول بل وأكثر من رسول فإنهم يؤمنون به كإلاه، هؤلاء النصارى الذي ساعدوا اليهود على إقامة دولتهم المسخ في فلسطين أرض الرباط، ومنذ ذلك التاريخ وهم يمدونهم بالمال والسلاح ويدعمونهم في المحافل الدولية ويقفون بجانبهم في كل أمورهم واليهود يعلمون علم اليقين أنهم بدون نصارى أوروبا وأمريكا لا يستطيعون شيئ ولا يمكنهم الصمود أمام أية هزة تنزل بهم. وإنهم لولا النصارى ما استطاعوا دخول فلسطين وطرد أهلها منها وجعلهم لاجئين في مختلف بقاع الأرض. ومع كل ما قدم النصارى لليهود فإنهم لقوا جزاءهم إساءة لرسولهم بل الإله الذي يؤمنون به، وهذا هو ديدن اليهود.
وقبل الأمس القريب قام نصارى الأندلس بطرد المسلمين منها وكذلك قاموا بطرد اليهود الذي يعتبرونهم أعداء لصلبهم السيد المسيح حسب اعتقادهم الخاطئ، لم يجد اليهود مكاناً يذهبون إليه إلا بلاد المسلمين في شمال إفريقيا ومن ثم إلى بلاد الأناضول دار الخلافة الإسلامية التي احتضنتهم وساعدتهم وهيأت لهم سبل العيش الكريم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فلم يشعروا بالغربة ولم يحسوا بتفرقة بينهم وبين المسلمين من أهل البلاد وما ذلك إلا لأن الإسلام يأمر بالإحسان لأهل الذمة، ويأمر باعتبارهم يحملون تابعية الدولة كباقي السكان وأن لهم ما للمسلمين من أنصاف وعليهم ما على المسلمين من الانتصاف.
لم يحفظ اليهود الجميل للدولة العثمانية التي استقبلتهم أحسن استقبال وأكرمتهم وأحسنت وفادتهم وإنما قابلوا هذا الجميل بالنكران والغدر والتآمر على الدولة التي احتضنتهم بعد أن طردهم نصارى الأندلس شر طردة، تجمعوا في سالونيك وسموا أنفسهم يهود الدونمة، أعلن أكثرهم الإسلام نفاقاً وأبطنوا يهودتيهم الحاقدة على ما هو غير يهودي من بني البشر، وتحت هذا الغطاء الخادع قام اليهود بالتآمر على الدولة العثمانية من الداخل لإضعافها وإسقاطها، وقد أتخذ هذا التآمر أشكالاً عدة وطرقاً مختلفة سلكها اليهود لإسقاط دولة الخلافة.
إن أول ما استغلهم اليهود في تآمرهم هم يهود الدونمة الذين أواهم المسلمون وتجمعوا في سالونيك، وهنا في سالونيك أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية الحاقدة وصاروا يتآمرون على الدولة لإسقاطها. هذا وقد وصل بعض رجالات يهود الدونمة إلى أعلى المناصب في الدولة مثل مدحت باشا اليهودي الماكر الذي تمكن من أن يكون صدراً أعظم في الدولة ومن بعده جاء مصطفى كمال وغيره من الرجالات الذين قضوا على الدولة وألغوا الخلافة.
وقد استطاع اليهود إيجاد عدة جمعيات سرية في الدولة كالماسونية التي جندت قواها ورجالاتها لهدم الخلافة وقام المحفل الماسوني بنشر الدعايات المعرضة والكاذبة ضد سلاطين آل عثمان وخصوصاً عدوهم اللدود السلطان عبد الحميد الثاني، ولم يترك الماسون ورجالاتهم عيباً من عيوب الحكم إلا وألصقته بالسلطان عبد الحميد الثاني حتى سماه رجالهم بالسلطان الأحمر فأصبح رمزاً للظلم والطغيان والاستبداد وكذلك نجح يهود الدونمة في إيجاد جمعية تركيا الفتاة والتي كان اليهودي مدحت باشا أول مؤسسيها، ثم جمعية الاتحاد والترقي هذه الجمعية أعني الاتحاد والترقي هي التي استعملها اليهود في الانقلاب على السلطان عبد الحميد رحمه الله تعالى.
كذلك أشعل اليهود ما يسمى بالقومية العربية لدق إسفين الفرقة وفصم عرى الوحدة بين العرب والترك وقد أسهمت هذه الحركة القومية في القضاء على الخلافة ولقد كان أكثر مفكري العرب الداعين للقومية هم من النصارى الذين لم يروا إلا فساد الخلافة فأبرزوا المساوئ في كتاباتهم وأشعارهم فهذا إبراهيم اليازجي شاعر القومية العربية يقول:
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
كم تظلمون ولستم تشتكون وكم
أقداركم في عيون الترك نازلة
فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
تستغضبون فلا يبدو لكم غضب
وحقكم بين أيدي الترك مغتصب

لكن هذه الدعوة إلى القومية لم تنطل على كثير من المفكرين العرب، إذ أدركوا أن هذه الدعوة إلى القومية العربية وكذلك دعوة الإتحاد والترقي إلى الطورانية إنما هي دعاوى فتنة بين المسلمين ودعوة لإيجاد العداوة والبغضاء بين شعوب دولة الخلافة.
كما وإن اليهود استطاعوا استغلال الدول النصرانية وعلى رأسها بريطانيا رأس الكفر للعمل ضد الدولة العثمانية ووضع الخطط السرية والعلنية لهدم الخلافة حتى استطاعت بريطانيا بمكرها ودهائها أن توصل مصطفى كمال اليهودي الماسوني إلى أعلى المانصب وسط شعبية عارمة مفتعلة، فقام بالمهمة التي أوكلت إليه وألغى الخلافة وقضى على السلطنة التي كانت تجمع المسلمين، وهذا وقد رثى الشاعر الخلافة بقصيدة رائعة نذكر منها.
عادت أغاني العرس رجع نواح
كفنت في ليل الزفاف بثوبه
ضجت عليك مآذن ومنابر
الهند والهة ومصر حزينة
والشام تسأل والعراق وفارس
بكت الصلاة وتلك فتنة عابث
أفتى خزعبلة وقال ضلالة
ولتسمعن بكل أرض داعياً
ولتشهدن في كل أرض فتنة
ونعيت بين معالم الأفراح
ودفنت عند تبلج الإصباح
وبكت عليك ممالك ونواح
تبكي عليك بمدمع سحاح
أمحا من الأرض الخلافة ماح
بالشرع عربيد القضاء وقاح
وأتى بكفر في البلاد بواح
يدعو إلى الكذاب أو لسجاح
فيها يباع الدين بيع سماح

والآن وبعد هذا الوقت الطويل الذي مضى على إلغاء الخلافة ودور اليهود المجرمين المباشر في إلغائها يعود المسلمين إلى أن يتشوقوا للعيش في ظلها فإنها أمهم الرؤوم التي تحنوا عليهم وتحميهم من الأعداء وتأخذ بيدهم إلى العزة وإلى اقتعاد ذرى المجد، هذا وقد أطل زمانها وما هي من المسلمين ببعيد وقريباً سيتحقق وعد الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة الكريمة بقوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } سائلين الله القادر أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يوفق العاملين لإيجاد دولة الخلافة وأن يهيئ لهم على الحق أنصاراً إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم أبو محمد الأمين

 

إقرأ المزيد...

البيعة لخليفة المسلمين ح3 - الأستاذ أبو إبراهيم

  • نشر في نظام الحكم
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1298 مرات

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن تبعه وسار على دربه, واهتدى بهديه, واستن بسنته, ودعا بدعوته واقتفى أثره إلى يوم الدين, واجعلنا معهم واحشرنا في زمرتهم, برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم لا سهل إلا َّ ما جعلته سهلا , وأنت إذا شئت جعلت الحزن سهلا.

اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

ربِّ اشرح لي صدري, ويسِّر لي أمري, واحلل عقدة من لساني, يفقهوا قولي.

أحبتنا الكرام: مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير, أحييكم بتحية الإسلام, فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:


أحبتنا الكرام: حديثنا في هذا اليوم هو عن البيعات التي تمت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

لـَقدْ أنزَلَ اللهُ سُبحَانـَهُ وَتعَالى رسَالة َ الإسلام، وَهِيَ رسَالة ٌ عَامَّة ٌ شَامِلة ٌ لِلبشريَّةِ جَمعَاء، تـُنظـِّمُ شـُؤونَ الحَياةِ كـُـلـَّهَا، وَتـُعَالِجُ مَشاكِلَ الإنسَان ِ مِنْ حَيثُ هُوَ إنسَانٌ، وَتـُنظـِّمُ عَلاقاتِهِ مَعَ خـَالِقِهِ، وَمَعَ نـَفِسِهِ، وَمَعَ غـَيرهِ مِنْ بَني البَشَر ِ فِي كـُـلِّ زَمَان ٍ وَمَكان ٍ.

وَعِندَمَا أرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَـلَّ لِلمُسلمينَ أنْ يَكـُونـُوا أمَّة ً وَاحِدَة ً، ذاتَ كِيَان ٍ مُـتـَـفـَرِّدٍ يُطبـِّقُ شَرع َ اللهِ عَلى أفرَادِهِ، وَيَحْمِلـُهُ إلى العَالمينَ بالدَّعوَةِ وَالجهَادِ هـَيـَّـأ لـَهُمْ ذلكَ. تـُحَـدِّثـُـنـَا كـُتـُبُ السِّيرَةِ النـَّبويَّةِ عَن ِالبَيعَاتِ التي تمَّتْ فِي عَهدِ النـَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ ثلاثٌ:

أولا ً: بيعة العـقـبة الأولى:

في مَوسِم ِ الحَجِّ سَنـَة َ اثنتـَيْ عَشْرَة َ مِـنَ النـُّبوَّةِ، اتـَّصَـلَ وَفدٌ مِـنَ الأنصَار ِ وَهُمْ مِـنَ الأوس ِ وَالخزرَج ِ برَسُـول ِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِـنـدَ العَـقبـَـةِ بـِمِنـَى فبَـايَعُـوهُ بَيعَـة َ العَـقـبَةِ الأولى، وَالتي عُرفـَتْ بـِبَيعَةِ النـِّسَاء ــ أي وفـْـقَ بَيعَـتـِهنَّ ـــ حَيثُ بَايَعُوهُ عَلى أنْ لا يُشركـُوا باللهِ شَيئا ً وَلا يَسرقـُوا وَلا يـَزنـُوا، وَلا يـَـقتـُـلـُوا أولادَهُمْ وَلا يَأتوا بـِبُهتـَان ٍ يـَفتـَرونـَهُ بَينَ أيديهمْ وَأرجُـلِهمْ، وَلا يَعصُونـَهُ فِي مَعرُوفٍ.

وَقـدَ وَرَدَ ذِكـْرُ بَيعَةِ النـِّسَاء فِي سُورَة المُمتـَحِنـَةِ حيث قال عز من قائل:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} الممتحنة12

ثانيا ً: بيعة العـقـبة الثانية :

فِي مَوسِم ِ الحَجِّ مِـنَ السَّـنـَةِ الثــَّالِثة َ عَشـْرَة َ مِـنَ النـُّبوَّةِ، بَايـَعَ الأنصَارُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيعَـة َ العَقبَةِ الثانيَةِ، والتي عُرفـَتْ بـِبَيعَةِ الحرب.

تـُرَى عَـلى أيِّ شَيءٍ جَاءُوا يُـبَايعُونـَهُ ؟ أعَـلى النـُّبوَّةِ أمْ عَـلى الرِّسَالـَةِ ؟ وَهُمَا لا بَيعَة َ فيهـِمَا مِـنْ أحَدٍ؛ لأنـَّهُمَا بوَحْي ٍ مِـنَ اللهِ تبَارَكَ وَتعَالى.

لـَقدْ بَايَعُوهُ بَيعَة َ الحَرْبِ، حَرْبِ الأحمَر ِ وَالأسوَدِ مِنَ النـَّاس ِ, بَايَعُوهُ عَـلى أنْ يَمنعُوهُ وَيَحمُوهُ مِمَّا يَمنـَعُونَ مِنـْـهُ نِسَاءَهُمْ، وَأبناءَهُمْ ...

بَايَعُوهُ عَـلى إقامَةِ دَولـَةِ الإسلام ِ، يَكـُونُ فيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الحَاكِمُ، وَهُوَ رَئيسُ الدَّولـَةِ الذي يَأمُرُ فـَيُطاع, وَأمرُهُ نـَافِذ ٌ عَـليهمْ فِي كـُـلِّ أحوَالـِهمْ, فـَتـَمَّتِ الهجْرَة ُ وَأقيمَتِ الدَّولـَة ُ وَحُمِـلَ السِّلاحُ، وَبَدَأتْ رحْـلـَة ُ الصِّرَاع ِ الدَّامِي بَينَ دَولـَةِ الإسلام ِ وَدَولـَةِ الكـُـفر ِ.

وَإنْ هِيَ إلا َّ أعوَامٌ قـَليلة ٌ حَتـَّى تـَمَّ القضَاءُ عَـلى دَولـَةِ الشِّركِ وَالكـُـفر ِ, وَطـُهِّرتْ جَزيرَة ُ العَرَبِ، وَسَادَ المَنهَجُ الرَّبـَّانيُّ، وَحُمِـلَ الإسلامُ إلى خـَارج ِالجَزيرَةِ بالدَّعوَةِ وَالجهَادِ حَيثُ أوفـَى الأنصَارُ بـِبَيعتِهمْ لِرَسُول ِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتـَّى أنشـَدَ مُنشِدُهُمْ فرَحا ً بهَذا الحَـدَثِ العَظيم ِ :

نـَحْنُ الذينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلى الجهَادِ مَا بـَقينـَا أبَدَا

ثالثا ً: بيعة الرضوان:

فِي السَّنـَةِ السَّادِسَةِ لِلهجرَةِ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُـثمَانَ بنَ عـَفـَّانَ رضي الله عنه، فبَعـَثـَهُ إلى أبي سُـفيَانَ، وَأشرَافِ قـُرَيش ٍ يُخبرُهُمْ أنـَّهُ لـَمْ يَأتِ لِحَرْبٍ وَأنـَّهُ إنـَّمَا جَاءَ زَائـِرا ً لِبيتِ اللهِ الحَرَام ِ، وَمُعَظـِّما ً لِحُرْمَـتِهِ.

فانطلـَقَ عُـثمَانُ حَتـَّى أتـَى أبَا سُـفيَانَ وَعُظمَاءَ قـُرَيش، فـَبَـلـَّغـَهُمْ عَنْ رَسُول ِ اللهِ مَا أرْسَـلـَهُ بـِهِ، وَاحْـتـَـبَسَـتـْـهُ قـُرَيشٌ عِـندَهَا، فـَبـَلغَ رَسُولُ اللهِ وَالمُسلِمينَ أنَّ عـُثمَانَ بنَ عَـفـَّانَ قـَدْ قـُـتِـلَ، فـَقـَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: »لا نـَبرَحُ حَتـَّى نـُنـَاجـِزَ القـَومَ«.

فـَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النـَّاسَ إلى البَيعَةِ، فبَايَعُوهُ بَيعَةََ الرِّضوَانِ تـَحْتَ الشـَّجَرَةِ، فكانَ النـَّاسُ يـَقـُولـُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللهِ عَلى المَوتِ. وعرفت هذه البيعة بـِبَيعَةِ الشجرة.

وَكانَ جَابـِرُ بنُ عَبدِ اللهِ يَقـُولُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لـَمْ يُبـَايعْـنـَا عَلى المَوتِ، وَلكِنْ بَايـَعَنـَا عَلى أنْ لا نـَفـِرَّ .

وَقـدَ وَرَدَ ذِكـْرُ بَيعَةِ الرِّضْوَان ِ فِي سُورَة الفـَتح ِ في قوله تعالى:

{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (19)}الفتح

وَانتهَى عَهدُ النـُّـبُوَّةِ وَالرَّحمَةِ وَبَدأ عَهْـدُ الخِلافـَةِ الرَّاشِدَةِ عِندَمَا اختـَارَ اللهُ رَسُولــَهُ الكريمَ صلى الله عليه وسلم إلى جوَارهِ, حَيثُ الرَّفيقُ الأعْـلى, قالَ جَـلَّ شَأنـُهُ:

{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ(30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} الزمر

أحبتنا في الله:

لقـَدْ كانـَتْ وَفـَاة ُ رَسُول ِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كالصَّاعـِقـَةِ نـَزَلـَتْ عَلى رُؤوس ِ أصحَابـِهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ لِدَرَجَةِ أنـَّهَا أذهـَلـَتـْهُمْ, وَأفـقـَدَتـْهُمْ بَعضَ صَوَابـِهمْ،

حَتـَّى إنَّ عُمَرَ بنَ الخـَطـَّابِ رضي الله عنه وقف بَينَ النـَّاس ِ شَاهـِرا ً سَـيفـَهُ صائحاً:

{إنَّ رجَالا ً مِـنَ المُـنافـِقِـيـنَ يَزعُمُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ مَاتَ، وَإنـَّهُ وَاللهِ مَا مَاتَ, وَلكِنـَّهُ ذهَبَ إلى رَبِّهِ كمَا ذهَبَ مُوسَى بنُ عِمرَانَ ... وَقـَدْ غـَابَ عَنْ قـَومِهِ أربَعينَ لـَيلـَة ً ثـُمَّ رَجَعَ إليهمْ ... وَاللهِ ليَرجـِعَـنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فـَـلـَـيُـقـَطـِّعـَنَّ أيـدِي رجَــال ٍ وَأرجُـلـَهُمْ زَعَـمُوا أنـَّهُ مَاتَ ... ألا لا أسْمَعُ أحَدا ً يـَقـُولُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ مَاتَ إلا َّ فـََـلـَـقـْتُ هَامَـتـَهُ بـِسَيفي هَذا}!

أمَّا الصِّديقُ أبُو بَكر ٍ رضي الله عنه فـَقـَدْ دَخـَـلَ عَلى رَسُول ِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسجَّىً فِي نـَاحِـيَة البَيتِ، فـََكشـَفَ عَنْ وَجْهـِهِ ثـُمَّ قبـَّـلـَهُ وَقـَالَ:{بـِأبي أنتَ وَأمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، طـِبْتَ حَيـَّـا ً وَمَيـتـا ً}.

ثـُمَّ رَدَّ الثــَّوبَ عَـلى وَجْهـِهِ الشـَّريفِ ثـُمَّ خـَرَجَ وَعُمَرُ يُـكـَلـِّمُ النـَّاسَ، فـَدَعَاهُ لِلسـُّـكـُوتِ، فـَأبَى عُمَرُ إلا َّ أنْ يَسترْسِـلَ فِي قـَولِهِ، فـَـلـَمَّا رَآهُ أبُو بَـكر ٍ لا يُـنصِتُ، أقـْبـَـلَ عَلى النـَّاس ِ يُكـَـلـِّمُهُمْ. فـَـلـمَّا سَمِعُوهُ أقـبـَـلـُوا عَـليهِ مُنصِتـِينَ، فحَمِدَ اللهَ وَأثــْـنـَى عَـليهِ ثـُمَّ قـَالَ :

{أيـُّهَا النـَّاسُ: مَنْ كانَ يَعبُـدُ مُحَمَّدا ً صلى الله عليه وسلم فإنَََّ مُحَمَّدا ً قـَدْ مَاتَ، وَمَنْ كانَ يَعبُـدُ اللهَ، فإنَّ اللهَ حَيٌ لا يَمُوتُ}!

ثـُمَّ تـَلا قـَولـَهُ تـَعَالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144

لقـَدْ أظلمَتِ الدُنيـَا فِي عُـيُون ِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ بوَفـَاةِ النـَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لكنـَّهُمْ مَعَ ذلكَ أحسَنـُوا التـَّصَرُّفَ حِـينَ تـَزَاحَمَتْ عَـليهمْ أربَعَة ُ فـُرُوض، هِيَ مِنْ أعظـَم ِ الفـُرُوض ِ التي فرَضَهَا اللهُ سُبحَانـَهُ وَتعَالى، ولقـَدْ قـَامُوا رضي الله عنهم بهَذِهِ الفـُرُوض ِ كـُـلـِّهَا حَسَبَ الأولـَويَّةِ :

فانشَغـََـلـُوا أولاً : بتـَنصيبِ خـَليفـَةٍ لِـرَسُول ِ اللهِ يَخـْـلـُـفـُهُ عَـليـهِ الصَّــلاة ُ وَالسَّــلامُ فِي رئاسَــةِ الدَّولـَـــةِ الإسلاميَّــةِ. انشـَغـَلـُوا بمُبـَايَعَةِ الخـَليفـَةِ لأنـَّهَا الفرْضُ الأهَمُّ فِي إجمَاعِهمْ بَيـنَ تـِلكَ الفـُرُوض ِ كـُـلــِّهَا .

ثانيا ً: ثـُمَّ إنـَّهُمْ قـَامُوا بـِدَفـْن ِ الرَّسُول ِ صلى الله عليه وسلم ثانياً.

وثالثا ً: أنفـَذوا بَعثَ جَيشَ أسَامَة َ بنَ زيدٍ رَضِيَ اللهُ تعَالى عـَنهُ الذي أمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَـلى قـِيَادَتِهِ.

ورابعا ً وأخيراً: حَارَبُوا المُرتـَدِّينَ عَن ِالإسلام ِ بمَنعِهمُ الزَّكاة َ.

إخوة الإيمان: نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة على أن نتابع معكم في الحلقة
القادمة إن ظل في العمر بقية كيف انتقلت الخلافة إلى أبي بكرٍ الصديق رضي الله
عنه وأرضاه، وإلى ذلك الحين إن شاء الله، أستودع الله دينكم وإيمانكم وخواتيم أعمالكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

إقرأ المزيد...

فيديو "عودة الدولة الإسلامية" الأستاذ أحمد القصص رئيس رابطة الوعي الثقافي سابقا ورئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان حاليا

  • نشر في لقاءات
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1866 مرات

 

الجزء الأول

 

الجزء الثاني

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع