بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
شهدت أوروبا في الفترة الأخيرة مجموعة من الهجمات الدموية التي أودت بحياة مدنيين من مسلمين وغير مسلمين، وفيهم كثير من النساء والأطفال، ومع أن الغالبية العظمى من المسلمين، إن لم يكونوا جميعهم، رفضوا هذه الأعمال لأنها تخالف دينهم إلّا أنّ الموقف الأوروبي العام وبخاصة الفرنسي يركّز في إعلامه وعلى لسان ساسته على استخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي" رابطين ذلك بمفهوم الجهاد في الإسلام... فأصبح الإسلام قرين الإرهاب والهمجية والوحشية والدموية، وأصبحت الجالية المسلمة كلّها متّهمة ومطالبة بإعلان البراء من دينها والولاء للعلمانية وللقيم الغربية.
إن الدول الاستعمارية تحتل بعض بلاد المسلمين وتسيطر على البلاد الأخرى، وهي توغل في قتل المسلمين وتعتدي على الأبرياء دون مراعاة أية ضوابط شرعية أو أخلاقية... وما حدث في العراق وأفغانستان من قتل مئات الآلاف من الناس ليس عنا ببعيد... كما أن الدول الاستعمارية تقوم بنهب ثروات المسلمين وتدمر بلادهم لتحقيق مصالحها الرأسمالية البشعة... والإسلام يوجب على المسلمين الدفاع عن بلدانهم وأعراضهم وثرواتهم ويوجب عليهم التصدي للمستعمرين ومع ذلك فإن أحكام الجهاد في الإسلام - بخلاف ما تقوم به الدول الاستعمارية المتحضرة! - تحرم الغدر وتحرم قتل غير المقاتلين وتحرم التعدي على النساء والأطفال، وتحرم قتل المعاهد... عملاً بقوله ﷺ: «... وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا»، وبقوله ﷺ: «... فَلَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا [أجيرا أو عاملا لا علاقة له بالحرب]»، وعن ابن عمر قال: وُجِدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول الله، فنهى رسول الله ﷺ عن قتل النِّساء والصبيان. وقال الشافعي بشأن المستأمن: "إذا أمَّنوه؛ فأمانهم إياه: أمانٌ لهم منه، وليس له أن يغتالهم، ولا يخونهم"، وقال ابن مودود الحنفي: "(وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان لا يتعرض لشيء من دمائهم وأموالهم) لأن فيه غدرا بهم وأنه منهي عنه". فهذه هي أحكام الإسلام في الجهاد والحرب، وكذلك في المستأمن... وهي أحكام راقية عظيمة...
إنّ ساسة أوروبا يعلمون هذا علم اليقين، ومع ذلك فهم يستغلّون الأحداث المذكورة لإلصاق الوحشية بالإسلام والبربرية بمفهوم الجهاد ولتصوير الداعين إلى تطبيق الإسلام في بلاد المسلمين بأنهم دمويون إرهابيون... وكل ذلك للتغطية على أعمالهم الاستعمارية البشعة أمام شعوبهم، وليكون هذا ذريعة لتنفيذ مشروعهم القائم على فكرة إعادة تشكيل الإسلام بتغيير مفاهيمه وأحكامه وتنشئة الجيل القادم على ما أسموه "الإسلام الأوروبي". وإننا نحذّر المسلمين من هذا المخطّط، وندعوهم للافتخار بدينهم والتشبّث بشرعهم والاعتزاز بمفاهيمه وأحكامه ومنها مفهوم الجهاد، وليعلموا، أنّه مهما اشتدّت الفتن وكثرت المحن فإنّ المستقبل لهذا الدين الحنيف. قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يوسف: 110].
التاريخ الهجري :20 من شوال 1437هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016م
حزب التحرير
أوروبا
2 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا
-
نأمل أن تكون هذه الجهود دافعاً لنا للتمسك بأحكام هذا الدين والعضّ عليها بالنواجذ، وزيادة الثقة بها .والعمل على إيجاد من يقوم بتطبيق الإسلام بكامل أحكامه، ومنها السياسة الإعلامية.
ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما تنشرون وأن ينفع المسلمين به، وأن يجعله الله في ميزان حسناتنا جميعا وأن يهيئ لهذه الأمة من يطبق هذا الدين كما أمر الله...اللهم آمين آمين