- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
الحلال بين والحرام بين
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ» (صحيح البخاري52)
أيها المستمعون الكرام:
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف من الأحاديث العظيمة التي تفصّل لنا الأمور، وتشمل الكثير من الأحكام الشرعية، وتضع خطوطًا عريضة للمسلم.
لقد بيّن الشرع الحرام في أدلته الشرعية العامة والتفصيلية، أنه حرام منهي عنه، وبيّن الحلال في أدلته، غير أن هناك من المتشابه، الذي قد يشتبه به أهو حلال أو حرام، ويحتاج بذل الوسع والتقصي الدقيق حتى يُعلم حاله، وقد يكون حلالًا قريبًا من الحرام، أو يوصل إليه، أو يؤدي إلى الوقوع فيه.
وهذه المتشابهات حلال، لكنها قد توصل إلى الحرام، لذلك فإن الأفضل الابتعاد عنها، وفي ذلك الأجر والثواب.
وقد شبه الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاقتراب بالشبهات براعٍ يرعى حول الحمى، فإن الحمى هي حمى الملك، وحمى الله المحارم، وهي محدودة معلومة، من يتجاوزها بقصد فلا شك أنه سيُحاسب.
إن من الحكمة أن يتبع المسلم الصحابة رضوان الله عليهم ويسير على خطاهم، حيث أنهم كانوا يبتعدون ما استطاعوا عن تسعة أعشار الحلال خشية الوقوع في الحرام، فما بال بعض المسلمين يسيرون على الخط الفاصل بين الحلال والحرام، يوشكون على الوقوع في الإثم؟ ومن أفضل من خير خلف لخير سلف الصحابة رضوان الله عليهم؟!
في الشطر الآخر من الحديث يخبر الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمخلوق خلقه الله تعالى في أنفسنا، ألا هو القلب، والقلب هنا موضع التفكير والإدراك، فإن هذا القلب اتصل بالله تعالى، وأيقن به، وعرف الصواب والخطأ والحلال والحرام، فسوف يصل إلى أعلى درجات العبودية والتبعية للخالق كما يحب ويرضا.
الله نسأل أن يعيننا على تجنب الحرام، وأن يرشدنا إلى الحلال، وأن يجعل قلوبنا مخلصة لله متيقنة ممتلئة بالإيمان الصادق، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح رحمه الله