- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
المنافسة الحرة والأزمات الاقتصادية (ح28)
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ وَالعِشْرِينَ, نُتَابِعُ فِيهَا استِعرَاضَنَا مَا جَاءَ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي (صفحة 46) لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ, وَحَدِيثُنَا عَنْ: "المُنَافَسَةِ الحُرَّةِ وَالأزْمَةِ الاقتِصَادِيَّةِ".
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: وَأمَّا المُنَافَسَةُ الحُرَّةُ الوَارِدَةُ فِي كَلامِهِ, أيْ فِي كَلامِ كَارلْ مَاركسْ, فَهِيَ تَعنِي قَاعِدَةَ حُرِّيةِ العَمَلِ، وَهِيَ أنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَخْصٍ الحَقُّ فِي أنْ يُنتِجَ مَا يَشَاءُ كَمَا يَشَاءُ.
وَأمَّا الأَزْمَاتُ الاقتِصَادِيَّةُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي كَلامِهِ فَهِيَ تُطلَقُ عَلَى كُلِّ اضْطِرَابٍ فُجَائِيٍّ يَطرَأُ عَلَى التَّوَازُنِ الاقتِصَادِيٍّ. وَالأزْمَةُ الخَاصَّةُ تَشمَلُ كُلَّ أنوَاعِ الأزْمَاتِ الَّتِي تَحِلُّ بِفَرعٍ خَاصٍّ مِنْ فُرُوعِ الإِنتَاجِ، بِسَبَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ فَقدِ التَّوَازُنِ بَينَ الإِنتَاجِ وَالاستِهلاكِ. وَهَذَا الحَادِثُ يَنجُمُ إِمَّا عَنْ إِفرَاطٍ فِي الإِنتَاجِ، أو قِلَّةٍ فِيهِ، أو إِفرَاطٍ فِي الاستِهلاكِ أو قِلَّةٍ فِيهِ.
وَأمَّا الأزْمَةُ العَامَّةُ الدَّورِيَّةُ فَهِيَ تَظهَرُ عَلَى شَكْلِ هَزَّةٍ عَنِيفَةٍ تُزَعزِعُ أركَانَ النِّظَامِ الاقتِصَادِيِّ كُلِّهِ، وَتَكُونُ هِيَ النُّقطَةُ الَّتِي تَفصِلُ بَينَ عَهْدِ النَّشَاطِ وَعَهْدِ الكَسَادِ.
وَعَهْدُ النَّشَاطِ يَتَرَاوَحُ أجَلُهُ بَينَ ثَلاثِ وَخَمْسِ سِنِينَ. وَعَهْدُ الكَسَادِ يَتَرَاوَحُ أجَلُهُ تِلْكَ المُدَّةَ كَذَلِكَ. وَالأزْمَاتُ العَامَّةُ الدَّورِيَّةُ لَهَا صِفَاتٌ خَاصَّةٌ تَتَمَيَّزُ بِهَا أهَمُّهَا ثَلاثُ صِفَاتٍ هِيَ: صِفَةُ العُمُومِ، فَهِيَ تُصِيبُ فِي البَلَدِ الوَاحِدِ كُلَّ نَوَاحِي النَّشَاطِ الاقتِصَادِيِّ، أو عَلَى الأقَلِّ أكثَرَهَا، ثُمَّ هِيَ تَظهَرُ أولاً فِي أحَدِ البِلادِ وَتَعُمُّ فِيهِ، ثُمَّ تَسرِي مِنهُ إِلَى البِلادِ الأُخرَى، الَّتِي أحرَزَتْ نَصِيبًا مِنَ التَّقَدُّمِ الاقتِصَادِيِّ، وَكَانَ يَربِطُ بَعضَهَا بِبَعضٍ عَلاقَاتٌ مُستَمِرَّةٌ. وَالصِّفَةُ الثَّانِيَةُ صِفَةُ الدَّورِيَّةِ، وَهِيَ أنَّهَا تَحدُثُ كُلَّ مُدَّةٍ بِصِفَةٍ دَورِيَّةٍ. وَالدَّورَةُ التِي تَفصِلُ بَينَ أزْمَةٍ وَأُخرَى تَتَرَاوَحُ بَينَ 7-11سَنَة.
إِلاَّ أنَّ حُدُوثَهَا لَيسَ فِي مَوَاعِيدَ ثَابِتَةٍ, وَلَكِنَّهَا تَحدُثُ دَورِيًّا. أمَّا الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ إِفرَاطُ الإِنتَاجِ، إِذْ يُصَادِفُ أصْحَابُ المَشرُوعَاتِ صُعُوبَةً كَبِيرَةً فِي تَصرِيفِ مُنتَجَاتِهِمْ, فَيَزِيدُ العَرضُ عَلَى الطَّلَبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ المُنتَجَاتِ فَتَحْصُلُ الأَزمَةُ.
فَكَارلْ مَاركسْ يَرَى أنَّ هَذِهِ الأزْمَاتِ تُؤَدِّي إِلَى أنْ يَفقِدَ بَعضُ النَّاسِ رُؤُوسَ أموَالِهِمْ، فَيَتَناقَصُ عَدَدُ أصْحَابُ رُؤُوسِ الأموَالِ، وَيَتَزَايِدُ عَدَدُ العُمَّالِ، وَهَذَا مَا يُؤَدِّي إِلَى حُصُولِ أزْمَةٍ كُبرَى فِي المُجتَمَعِ تُقَوِّضُ النِّظَامَ القَدِيمَ.
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
1. المُنَافَسَةُ الحُرَّةُ هِيَ أنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَخْصٍ الحَقُّ فِي أنْ يُنتِجَ مَا يَشَاءُ كَمَا يَشَاءُ.
2. الأَزْمَاتُ الاقتِصَادِيَّةُ تُطلَقُ عَلَى كُلِّ اضْطِرَابٍ فُجَائِيٍّ يَطرَأُ عَلَى التَّوَازُنِ الاقتِصَادِيٍّ.
3. الأزْمَةُ الخَاصَّةُ تَشمَلُ كُلَّ أنوَاعِ الأزْمَاتِ الَّتِي تَحِلُّ بِفَرعٍ خَاصٍّ مِنْ فُرُوعِ الإِنتَاجِ.
4. فَقدِ التَّوَازُنِ بَينَ الإِنتَاجِ وَالاستِهلاكِ يَنجُمُ عن أمرين:
أ- إِمَّا عَنْ إِفرَاطٍ فِي الإِنتَاجِ، أو قِلَّةٍ فِيهِ.
ب- أو إِفرَاطٍ فِي الاستِهلاكِ أو قِلَّةٍ فِيهِ.
5. الأزْمَةُ العَامَّةُ الدَّورِيَّةُ تَظهَرُ عَلَى شَكْلِ هَزَّةٍ عَنِيفَةٍ تُزَعزِعُ أركَانَ النِّظَامِ الاقتِصَادِيِّ كُلِّهِ.
6. الأزْمَةُ العَامَّةُ الدَّورِيَّةُ تَكُونُ هِيَ النُّقطَةُ الَّتِي تَفصِلُ بَينَ عَهْدِ النَّشَاطِ وَعَهْدِ الكَسَادِ.
7. عَهْدُ النَّشَاطِ يَتَرَاوَحُ أجَلُهُ بَينَ ثَلاثِ وَخَمْسِ سِنِينَ. وَعَهْدُ الكَسَادِ يَتَرَاوَحُ أجَلُهُ كَذَلِكَ.
8. الأزْمَاتُ العَامَّةُ الدَّورِيَّةُ لَهَا ثَلاثُ صِفَاتٍ خَاصَّةٍ تَتَمَيَّزُ بِهَا هِيَ:
أ- صِفَةُ العُمُومِ: فَهِيَ تُصِيبُ فِي البَلَدِ الوَاحِدِ كُلَّ نَوَاحِي النَّشَاطِ الاقتِصَادِيِّ، أو أكثَرَهَا.
ب- صِفَةُ الدَّورِيَّةِ: تَحدُثُ كُلَّ مُدَّةٍ بِصِفَةٍ دَورِيَّةٍ. تَتَرَاوَحُ الدَّورَةُ بَينَ 7 سَنَوَاتٍ-11سَنَة.
ت- صِفَةُ إِفرَاطِ الإِنتَاجِ: يُصَادِفُ أصْحَابُ المَشرُوعَاتِ صُعُوبَةً كَبِيرَةً فِي تَصرِيفِ مُنتَجَاتِهِمْ.
9. يَزِيدُ العَرضُ عَلَى الطَّلَبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ المُنتَجَاتِ فَتَحْصُلُ الأَزمَةُ.
10. يَرَى كَارلْ مَاركسْ أنَّ هَذِهِ الأزْمَاتِ تُؤَدِّي إِلَى أنْ:
أ- يَفقِدَ بَعضُ النَّاسِ رُؤُوسَ أموَالِهِمْ.
ب- يَتَناقَصَ عَدَدُ أصْحَابُ رُؤُوسِ الأموَالِ، وَيَتَزَايِدَ عَدَدُ العُمَّالِ.
ت- تَحصُلَ أزْمَةٌ كُبرَى فِي المُجتَمَعِ تُقَوِّضُ النِّظَامَ القَدِيمَ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.