- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 169) مشاكل نظام الذهب
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة التاسعة والستين بعد المائة, وعنوانها: "مشاكل نظام الذهب, والمقصود بنظام الفضة". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثامنة والسبعين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: "حين كان نظام الذهب عالميا، لم تكن أية مشكلة لنظام الذهب. وإنما طرأت المشاكل من يوم أن أخذت الدول الكبرى تحاول ضرب أعدائها عن طريق النقد، وحين جعلت مع نظام الذهب نظام النقد الورقي الإلزامي، وحين أوجدت الدول الاستعمارية الغربية صندوق النقد الدولي، وحين جعلت أمريكا الدولار أساس النظام النقدي؛ ولذلك توجد أمام الدولة التي تستعمل نظام الذهب مشاكل لا بد من معرفتها، لمعرفة حلها، والتغلب عليها. وهذه المشاكل هي:
1. تركز الذهب في الدول التي زادت قوتها على الإنتاج، ومقدرتها على المنافسة في التجارة الدولية، أو نبوغها في الخبراء والعلماء والصناعيين. وهذا يجعل الذهب يصب فيها، إما ثمنا للسلع، وإما أجورا للمستخدمين، من الخبراء، والعلماء، والصناعيين، فتصبح كمية الذهب الموجودة في العالم مكدسة أكثرها في هذه البلدان، فيختل حينئذ توزيع الذهب بين الدول، وينتج عن هذا أن تخشى الدول من تسرب الكمية التي لديها من الذهب، فتمنع خروجه منها، فتقف حركة تجارتها الخارجية.
2. إن بعض الدول يتسرب إليها الذهب نتيجة لاتجاه الميزان الحسابي في مصلحتها، ولكنها تمنع هذا الذهب الذي دخل إليها من التأثير في السوق الداخلية، ومن رفع مستوى الأسعار فيها، وذلك إذ تضع في السوق كمية من السندات، تكفي لسحب مبلغ من النقود معادل لمقدار ما ورد إليها من الذهب، فيبقى الذهب عندها ولا يخرج منها، فلا يرجع للبلاد التي أصدرته، فتتضرر من نظام الذهب.
3. إن انتشار نظام الذهب كان مقرونا بفكرة التخصيص بين الدول في نواحي الإنتاج المختلفة، وعدم إقامة العراقيل في سبيل التجارة بينها. إلا أنه قد ظهرت في الدول اتجاهات قوية نحو حماية الصناعة والزراعة فيها، وفرضت حواجز جمركية، فصار يتعسر إدخال سلع لهذه الدول ليخرج الذهب منها، ولذلك تتضرر الدولة التي تسير على نظام الذهب؛ لأن هذه الدولة، إن لم تتمكن من إدخال بضائعها لغيرها بالسعر العادي، فإنها إما أن تضطر إلى تخفيض مستوى أسعار بضاعتها تخفيضا إضافيا لتتغلب على الحواجز الجمركية، أو لا تدخل بضاعتها إليها. وفي هذا خسارة عليها.
عملة ذهبية عثمانية
هذه هي أهم المشاكل التي يتعرض لها نظام الذهب، إذا استعملته الدولة الواحدة، أو استعملته دول متعددة. وطريق التغلب على هذه المشاكل هو أن تكون السياسة التجارية تقوم على الاكتفاء الذاتي، وأن يكون أجر الأجراء مقدرا بمنفعة جهدهم، لا بثمن السلع التي ينتجونها، ولا بحسب مستوى المعيشة لهم، وأن لا تعتبر السندات المالية، ولا الأسهم، مالا مملوكا للأفراد في بلادها. وأن تقلل الدولة من الاعتماد على التصدير في إنتاج ثروتها، بل تعمل لجعل إنتاج الثروة يأتي داخليا، دون حاجة إلى سلع، أو مستخدمين تذهب إلى الخارج. وبهذا لا تؤثر عليها الحواجز الجمركية. ومتى سارت الدولة على هذه السياسة، فإنها تسير على نظام الذهب، وتكسب جميع فوائده، وتتجنب مشاكله، ولا يصيبها منه أي ضرر، بل على العكس، يصبح من مصلحتها، ومن المحتم عليها اتباع نظام الذهب والفضة ليس غير".
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
أسباب ظهور مشاكل الذهب بشكل طارئ:
حين كان نظام الذهب عالميا، لم تكن أية مشكلة لنظام الذهب. وإنما طرأت المشاكل لنظام الذهب للأسباب الآتية:
1. لأن الدول الكبرى أخذت تحاول ضرب أعدائها عن طريق النقد.
2. لأن الدول الكبرى جعلت مع نظام الذهب نظام النقد الورقي الإلزامي.
3. لأن الدول الاستعمارية الغربية أوجدت صندوق النقد الدولي.
4. لأن أمريكا جعلت الدولار أساس النظام النقدي.
المشاكل التي تواجه الدولة التي تستعمل نظام الذهب:
توجد أمام الدولة التي تستعمل نظام الذهب مشاكل لا بد من معرفتها، لمعرفة حلها، والتغلب عليها. وهذه المشاكل هي:
1. تركز الذهب في الدول التي زادت قوتها على الإنتاج، ومقدرتها على المنافسة في التجارة الدولية، أو نبوغها في الخبراء والعلماء والصناعيين.
2. تسرب الذهب إلى بعض الدول نتيجة لاتجاه الميزان الحسابي في مصلحتها.
3. تضرر الدولة التي تسير على نظام الذهب بسبب فرضها حواجز جمركية لحماية الصناعة والزراعة فيها.
ما ينتج عن المشكلة الأولى:
1. تركز الذهب في الدول يجعل الذهب يصب فيها، إما ثمنا للسلع، وإما أجورا للمستخدمين، من الخبراء، والعلماء، والصناعيين.
2. تصبح كمية الذهب الموجودة في العالم مكدسة أكثرها في هذه البلدان.
3. يختل حينئذ توزيع الذهب بين الدول فتخشى الدول من تسرب الكمية التي لديها من الذهب، فتمنع خروجه منها، فتقف حركة تجارتها الخارجية.
ما ينتج عن المشكلة الثانية:
1. الدول التي يتسرب إليها الذهب تمنع هذا الذهب من التأثير في السوق الداخلية، ومن رفع مستوى الأسعار فيها.
2. تضع الدول في السوق كمية من السندات، تكفي لسحب مبلغ من النقود معادل لمقدار ما ورد إليها من الذهب.
3. يبقى الذهب عندها ولا يخرج منها، فلا يرجع للبلاد التي أصدرته، فتتضرر من نظام الذهب.
ما ينتج عن المشكلة الثالثة:
1. ظهرت في الدول اتجاهات قوية نحو حماية الصناعة والزراعة فيها.
2. فرضت حواجز جمركية، فصار يتعسر إدخال سلع لهذه الدول ليخرج الذهب منها.
3. إن لم تتمكن الدولة التي تسير على نظام الذهب من إدخال بضائعها لغيرها بالسعر العادي، فإنها تضطر إلى تخفيض مستوى أسعار بضاعتها تخفيضا إضافيا لتتغلب على الحواجز الجمركية، أو لا تدخل بضاعتها إليها. وفي هذا ضرر وخسارة عليها. طريق التغلب على المشاكل التي يتعرض لها نظام الذهب:
طريق التغلب على هذه المشاكل باتباع الآتية:
1. أن تكون السياسة التجارية تقوم على الاكتفاء الذاتي.
2. أن يكون أجر الأجراء مقدرا بمنفعة جهدهم، لا بثمن السلع التي ينتجونها، ولا بحسب مستوى المعيشة لهم.
3. أن لا تعتبر السندات المالية، ولا الأسهم، مالا مملوكا للأفراد في بلادها.
4. أن تقلل الدولة من الاعتماد على التصدير في إنتاج ثروتها.
5. أن تعمل لجعل إنتاج الثروة يأتي داخليا، دون حاجة إلى سلع، أو مستخدمين تذهب إلى الخارج, وبهذا لا تؤثر عليها الحواجز الجمركية.
خلاصة البحث في المشاكل التي يتعرض لها نظام الذهب:
متى سارت الدولة على هذه السياسة، فإنها تسير على نظام الذهب، وتكسب جميع فوائده، وتتجنب مشاكله، ولا يصيبها منه أي ضرر، بل على العكس، يصبح من مصلحتها، ومن المحتم عليها اتباع نظام الذهب والفضة ليس غير.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.