الجمعة، 13 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 183) كيفية معاملة التاجر المسلم والذمي والمعاهد

بسم الله الرحمن الرحيم

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 183) كيفية معاملة التاجر المسلم والذمي والمعاهد

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثالثة والثمانين بعد المائة, وعنوانها: " كيفية معاملة التاجر المسلم والذمي والمعاهد". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السابعة بعد الثلاثمائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.


يقول رحمه الله: "وأما ما روى أبو عبيد في الأموال، عن حرب الثقفي عن جده أبي أمه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس على المسلمين عشور، وإنما العشور على اليهود والنصارى". فإن هذا الحديث روي من ثلاث طرق، منها طريقان روي فيهما عن مجهول، ورواية حرب بن عبيد الله الثقفي، التي رواها عن جده أبي أمه، لم يقل فيها رواة الحديث شيئا، وسكتوا عنها، علاوة على ذلك، فإنه لم يأخذ بها أحد من المجتهدين، ولم ير أحد يستدل بها، لا ممن يقولون بعدم أخذ شيء على التجارة، ولا من الذين يقولون بأخذ ربع العشر من المسلم زكاة، ونصف العشر من الذمي سياسة. ولو صحت عندهم، لأخذوا بها، واستدلوا بالحديث. فالحديث لم يقل أحد بتصحيحه، فلا يؤخذ به.


وأما ما روي عن عمر بأنه كان يأخذ من المسلمين ربع العشر، ومن الذميين نصف العشر، ومن الحربيين العشر، فإن ذلك لا بد من أن يقرن في حكم كل من المسلم، والذمي، والحربي، في بيعه وشرائه. أما المسلم والذمي، فإن الأحاديث صريحة في تحريم الأخذ منهما، حين نصت على تحريم المكس، وهو أخذ مال على التجارة، نصا عاما، فيكون ما أخذه عمر من المسلم زكاة، وما أخذه من الحربي من قبيل المعاملة بالمثل؛ لأنهم كانوا يأخذون من تجارنا العشر، وما أخذه من الذمي هو بناء على أنه صالحهم على ذلك، فيكون قد أخذ عملا بمعاهدة الصلح، ولم يأخذ مكسا؛ لأن الله أوجب على الكفار الجزية فقط، فإن كان نصف العشر، يؤخذ منهم صلحا مع الجزية، فهو حق وعهد صحيح، وإلا فلا يحل أخذ شيء من أموالهم، بعد صحة عقد الذمة بالجزية والصغار، ما لم ينقضوا العهد.


قال أبو عبيد: "وكان الذي يشكل علي وجهه أخذه (يعني عمر) من أهل الذمة (يعني نصف العشر) فجعلت أقول: ليسوا بمسلمين فتؤخذ منهم الصدقة، ولا من أهل الحرب فيؤخذ منهم مثل ما أخذوا منا. فلم أدر ما هو حتى تدبرت حديثا له، فوجدته إنما صالحهم على ذلك صلحا؛ سوى جزية الرؤوس وخراج الأرضين".


هذا بالنسبة للتاجر المسلم أو الذمي، أما بالنسبة للتاجر المعاهد، فإنه يؤخذ منه بحسب ما نصت عليه المعاهدة التي بيننا وبينهم، فإن نصت على إعفائه من أخذ شيء يعفى من ذلك، وإن نصت على مقدار معين يؤخذ المقدار، فيطبق في حقه ما نصت عليه المعاهدة.


وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:


عدم الأخذ بحديث "ليس على المسلمين عشور, وإنما العشور على اليهود والنصارى":


روى أبو عبيد في الأموال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلمين عشور، وإنما العشور على اليهود والنصارى".


1.    هذا الحديث روي من ثلاث طرق، منها طريقان روي فيهما عن مجهول.
2.    رواية حرب بن عبيد الله الثقفي لم يقل فيها رواة الحديث شيئا، وسكتوا عنها.
3.    لم يأخذ بها أحد من المجتهدين، ولم ير أحد يستدل بها.
4.    لو صحت عندهم، لأخذوا بها، واستدلوا بالحديث.
5.    الحديث لم يقل أحد بتصحيحه، فلا يؤخذ به.


رواية "أخذ عمر من المسلمين ربع العشر, ومن الذميين نصف العشر, ومن الحربيين العشر":    


ما روي عن عمر بأنه كان يأخذ من المسلمين ربع العشر، ومن الذميين نصف العشر، ومن الحربيين العشر لا بد من أن يقرن ذلك في حكم كل من المسلم، والذمي، والحربي، في بيعه وشرائه كي نتوصل إلى فهم المسألة فهما صحيحا:


1.    الأحاديث صريحة حين نصت نصا عاما على تحريم أخذ المكس على التجارة من المسلم والذمي.
2.    يكون ما أخذه عمر على النحو الآتي:


1)    ما أخذه من المسلم زكاة.
2)    ما أخذه من الحربي من قبيل المعاملة بالمثل؛ لأنهم كانوا يأخذون من تجارنا العشر.
3)    ما أخذه من الذمي هو بناء على أنه صالحهم على ذلك، فيكون عمر قد أخذ عملا بمعاهدة الصلح، ولم يأخذ مكسا.
3.    أوجب الله على الكفار الجزية فقط، فإن كان نصف العشر، يؤخذ منهم صلحا مع الجزية، فهو حق وعهد صحيح.
4.    لا يحل أخذ شيء من أموال الكفار، بعد صحة عقد الذمة بالجزية والصغار، ما لم ينقضوا العهد. ما أشكل على أبي عبيد وجهه:


ما أشكل على أبي عبيد وجهه أخذ عمر نصف العشر من أهل الذمة فهم كما قال أبو عبيد:


1.    ليسوا بمسلمين فتؤخذ منهم الصدقة.
2.    ولا من أهل الحرب فيؤخذ منهم مثل ما أخذوا منا.


زوال الإشكال عند أبي عبيد:


تدبر أبو عبيد حديثا لعمر, فوجده إنما صالحهم على ذلك صلحا؛ سوى جزية الرؤوس وخراج الأرضين.


ما يؤخذ من التاجر المعاهد:


التاجر المعاهد يؤخذ منه بحسب ما نصت عليه المعاهدة التي بيننا وبينهم، فإن نصت على إعفائه من أخذ شيء يعفى من ذلك، وإن نصت على مقدار معين يؤخذ المقدار، فيطبق في حقه ما نصت عليه المعاهدة.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل علىالخميس, 03 كانون الأول/ديسمبر 2015

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع