الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

(ح 140)

 

الحمى من المنافع العامة

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الأربعين بعد المائة، وعنوانها: "الحمى من المنافع العامة". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السابعة والعشرين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

 

يقول رحمه الله: "لجميع الناس حق الانتفاع بالمنافع العامة على الوجه الذي وجدت من أجله، ولا يجوز استعمالها إلا بما وجدت من أجله. فلا يجوز الانتفاع بالطريق للوقوف للاستراحة، أو الوقوف لإجراء معاملات البيع والشراء، أو لغير ذلك مما لم توجد الطريق لأجله؛ لأن الطريق وجدت للاستطراق، إلا أن يكون استعمالها يسيرا بحيث لا يؤثر في الاستطراق. ويقدر ذلك بالقدر الذي لا يحصل فيه الإضرار والتضييق على المارة. وكذلك لا يجوز استعمال الأنهار إلا بما وجدت من أجله، فإن وجد النهر للسقي كالنهر الصغير، لا يستعمل للملاحة، وإن وجد للاثنين كالنيل ودجلة والفرات يستعمل لهما.

 

وكذلك ليس لأحد أن يختص بحمى شيء مما هو من المنافع العامة، كالمراعي والمساجد والبحار، قال عليه الصلاة والسلام: "لا حمى إلا لله ولرسوله". رواه أبو داود من طريق الصعب بن جثامة. وأصل الحمى عند العرب، أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا استعوى كلبا على مكان عال، فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه. والحمى هو المكان المحمي، وهو خلاف المباح. فجاء الإسلام فمنع الناس أن يحموا أي شيء من الأشياء العامة لهم وحدهم دون غيرهم.

 

ومعنى الحديث، ليس لأحد أن يحمي ما هو لعموم المسلمين إلا الله ورسوله، فإن لهم أن يحموا أي شيء يرونه. وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فحمى بعض الأمكنة. فعن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين" رواه أبو عبيد في الأموال، أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم حمى مكانا يقال له النقيع، وهو موضع ينتقع فيه الماء، فيكثر فيه الخصب، وكان على بعد عشرين فرسخا من المدينة، فقد منع الناس من الإحياء في ذلك الموات، ليتوفر فيه الكلأ، وترعاه مواش مخصوصة، ويمنع غيرها. والمراد هنا أنه حماها للخيل الغازية في سبيل الله. وقد كان خلفاء النبي من بعده يحمون بعض الأمكنة، فإن عمر وعثمان حميا بعض الأموال العامة، واشتهر ذلك في الصحابة، فلم ينكر عليهما منكر فكان إجماعا.

 

وروي عن عامر بن عبيد الله بن الزبير عن أبيه قال: "أتى أعرابي عمر فقال: يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية، وأسلمنا عليها في الإسلام، علام تحميها؟ قال: فأطرق عمر، وجعل ينفخ، ويفتل شاربه - وكان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ - فلما رأى الأعرابي ما به جعل يردد ذلك عليه، فقال عمر: المال مال الله، والعباد عباد الله، والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله، ما حميت من الأرض شبرا في شبر". رواه أبو عبيد في الأموال.

 

والحمى المنهي عنه في الحديث يشتمل أمرين: الأول: الأرض الميتة التي لكل واحد من الناس أن يحييها ويأخذ منها، والثاني أن تحمى الأشياء التي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فيها شركاء، وهي مثل الماء والكلأ والنار، كأن يختص بقناة الماء فيسقي زرعه، ثم يمنعها عن غيره حتى لا يسقي زرعه.

 

روى أحمد أن إياس بن عبد قال: "لا تبيعوا فضل الماء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء". وعن هشام عن الحسن: قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ، منعه الله فضله يوم القيامة". رواه أبو عبيد في الأموال. وبذلك يتبين أنه يجوز للدولة أن تحمي من الأرض الموات، ومما هو داخل في الملكية العامة، لأية مصلحة تراها من مصالح المسلمين، على شرط أن يكون ذلك على وجه لا يلحق الضرر بأحد".

 

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

الانتفاع بالمنافع العامة:

 

1.         لجميع الناس حق الانتفاع بالمنافع العامة على الوجه الذي وجدت من أجله.

2.         لا يجوز استعمال المنافع العامة إلا بما وجدت من أجله.

3.         لا يجوز الانتفاع بالطريق للوقوف للاستراحة، أو الوقوف لإجراء معاملات البيع والشراء، أو لغير ذلك مما لم توجد الطريق لأجله.

4.         وجدت الطريق للاستطراق، إلا أن يكون استعمالها يسيرا بحيث لا يؤثر في الاستطراق.

5.         لا يجوز استعمال الأنهار إلا بما وجدت من أجله على النحو الآتي:

1)         إن وجد النهر للسقي كالنهر الصغير، لا يستعمل للملاحة.

2)         إن وجد للاثنين كالنيل ودجلة والفرات يستعمل لهما.

الحمى من المنافع العامة لله ولرسوله:

 

1.         ليس لأحد أن يختص بحمى شيء مما هو من المنافع العامة، كالمراعي والمساجد والبحار.

2.         منع الإسلام الناس أن يحموا أي شيء من الأشياء العامة لهم وحدهم دون غيرهم.

3.         قال عليه الصلاة والسلام: "لا حمى إلا لله ولرسوله". ومعنى الحديث، ليس لأحد أن يحمي ما هو لعموم المسلمين إلا الله ورسوله، فإن لهم أن يحموا أي شيء يرونه.

 

4.         فعل النبي ذلك، فحمى مكانا يقال له النقيع، وهو موضع ينتقع فيه الماء، فيكثر فيه الخصب.

5.         كان الحمى على بعد عشرين فرسخا من المدينة.

6.         منع النبي الناس من الإحياء في ذلك الموات، ليتوفر فيه الكلأ، وترعاه مواش مخصوصة، ويمنع غيرها.

7.         المراد هنا أنه حماها للخيل الغازية في سبيل الله.

8.         كان خلفاء النبي من بعده يحمون بعض الأمكنة، فإن عمر وعثمان حميا بعض الأموال العامة، واشتهر ذلك في الصحابة، فلم ينكر عليهما

منكر فكان إجماعا.

 

الحمى في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

 

1.         أتى أعرابي عمر فقال: يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية، وأسلمنا عليها في الإسلام، علام تحميها؟

2.         أطرق عمر، وجعل ينفخ، ويفتل شاربه، وكان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ.

3.         لما رأى الأعرابي ما به جعل يردد ذلك عليه مرة أخرى.

4.         قال عمر: المال مال الله، والعباد عباد الله، والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله، ما حميت من الأرض شبرا في شبر.

 

الحمى المنهي عنه في الحديث يشمل أمرين:

 

الأول: الأرض الميتة التي لكل واحد من الناس أن يحييها ويأخذ منها.

الثاني: أن تحمى الأشياء التي جعل النبي الناس فيها شركاء مثل الماء والكلأ والنار، كأن يختص بقناة الماء فيسقي زرعه، ثم يمنعها عن غيره حتى لا يسقي زرعه.

 

الحمى الجائز للدولة:

 

1.         يجوز للدولة أن تحمي من الأرض الموات، ومما هو داخل في الملكية العامة، لأية مصلحة تراها من مصالح المسلمين.

2.         يشترط أن يكون الحمى الذي تحميه الدولة على وجه لا يلحق الضرر بأحد.

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع