الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق هيروشيما: كيف قادت الولايات المتحدة الأمريكية العالم باستهدافها للمدنيين لتحقيق مكاسب سياسية (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:

\n


كان السادس من آب/أغسطس موعد الذكرى السبعين لقصف هيروشيما من قبل الولايات المتحدة. في ذلك التاريخ من عام 1945، ألقت طائرة بوينغ بي-29 سوبر فورترس التابعة لسلاح الجو الأمريكي قنبلة نووية تزن 16 طنا على المدينة اليابانية ما أسفر عن مقتل حوالي 80 ألف مدني على الفور و60 ألفا آخرين على مدى الأشهر التي تلت ذلك. وبعد ثلاثة أيام قامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلة ذرية أخرى على البلاد. كانت هذه المرة على مدينة ناغازاكي ما أسفر عن مقتل أكثر من 70 ألف شخص. دمرت هاتين المدينتين تماما وعاش سكانهما معاناة من آثار التسمم الإشعاعي السامة لعقود تلت ذلك الحدث.

\n

 

\n

التعليق:

\n


لم تكن أهداف الهجمات الأمريكية على هيروشيما وناغازاكي موجهة ضد منشآت عسكرية أو حتى أحواض السفن أو المنشآت الزراعية. بل استهدفت المراكز الجغرافية للمدينتين بغرض إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف المدنيين. وعلى الرغم من أن هذا كان استخدام أمريكا الأول للقنبلة النووية، إلا أنها كانت فعليا سابقة لعمليات القتل الجماعي للمدنيين اليابانيين بدأت منذ أشهر سبقت هذا الهجوم الأخير عندما قصفت الولايات المتحدة طوكيو. ففي آذار/مارس 1945، أسقطت الطائرات الأمريكية حمولات ضخمة من القنابل العنقودية المجهزة بالنابالم والغازات السامة على \"شيتاماشي\" المكتظة بالسكان في طوكيو. وقد تسبب هذا بحريق كالجحيم في المدينة وبمقتل ما يقارب 100 ألف شخص. وقامت الولايات المتحدة بهجمات مماثلة على عشرات المدن اليابانية الأخرى. ووفق مسح لعمليات القصف الاستراتيجي الأمريكي، فقد أسقطت الولايات المتحدة خلال الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 1945 إلى آب/أغسطس 1945، 167 ألف طن من القنابل على المدن اليابانية مخلفة ما يقدر بـ 333 ألف قتيل.

\n


وقد بررت حكومات الولايات المتحدة في الماضي والحاضر الهجمات المروعة على هيروشيما وناغازاكي بزعمها أن الحاجة كانت ماسة لإنهاء الحرب العالمية الثانية وإنقاذ آلاف الأرواح على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن هناك أدلة تناقض ذلك تماما. فوفقا لمسح عمليات القصف الاستراتيجي الأمريكي والذي استند إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 400 ضابط أمريكي وفحص للسجلات العسكرية اليابانية، فقد أعلن التقرير في تموز/يوليو 1946 ما يلي \"استنادا إلى التحقيق المفصل في كل الحقائق والذي دُعِّم بشهادات لقادة يابانيين ممن شاركوا في الحرب بقوا على قيد الحياة، فقد توصل المسح إلى أن ... اليابان كانت ستستسلم حتى لو لم تلق القنابل الذرية\". لذلك يقول عدد من المحللين أن الولايات المتحدة قامت بهذا العمل الذي يُعد أسوأ عمل إرهابي في التاريخ من أجل ترك بصمتها في العالم وإثبات قدرتها لأعدائها السياسيين ومنافسيها.

\n


وبغض النظر عن نوايا الولايات المتحدة الحقيقية من وراء هذه الهجمات، إلا أن حقيقة صارخة تبرز بوضوح؛ بأن هذه كانت جريمة ضد الإنسانية وتحمل في طياتها أبعاداً هائلة، وبأنها قامت باستهداف مئات الآلاف من المدنيين من أجل تحقيق أهداف سياسية تجعل من الولايات المتحدة الرائدة على مستوى العالم في استخدام \"التكتيك الإرهابي\" للحرب. وتستند تبريراتهم التي يقدمونها سببا للقيام بهذه الجريمة البشعة إلى مذهبهم الخبيث القائل بأن \"الغاية تبرر الوسيلة\" وأن \"كل شيء ممكن طالما أنه يحقق في النهاية مكاسب مادية تستحق العناء\" وهي قواعد يتبناها النظام الرأسمالي الذي تقوم على أساسه الدولة الأمريكية. وهذا هو السبب ذاته الذي تستمر لأجله الولايات المتحدة في استخدام ذات التكتيك باستهداف المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية كما فعلت في حروبها في كوريا وفيتنام وفي حروبها في العصر الحديث. ففي حربها على العراق على سبيل المثال، قتل مئات الآلاف من المدنيين في حرب كان دافعها تحقيق مصالح إقليمية غربية.

\n

 

\n

وتواصل الحكومات الغربية الرأسمالية توريد الأسلحة إلى الأنظمة الديكتاتورية الوحشية التي تقوم بدورها باستخدامها ضد شعوبها، أو توَرِّدها إلى مناطق الحرب فتؤجج الصراعات؛ كل ذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية. ومثل هذه الأنظمة الرأسمالية لا تتورع في إطلاق العنان لأسلحتها الكيميائية القاتلة واستخدامها ضد سكان دول معادية إن رأت أن ذلك مفيدٌ لها ويحقق أهدافها السياسية أو العسكرية. وفي نتائج لدراسة نشرت في تموز/يوليو على مدينة الفلوجة العراقية والتي تعرضت للقصف من قبل الولايات المتحدة في 2004، ظهر بأن هنالك زيادة كبيرة في نسبة معدلات وفيات الرضع وظهور العيوب الخلقية الخطيرة والسرطانات التي أصبح يعاني منها سكان المدينة في السنوات العشر الماضية فاقت تلك التي ذكرها الناجون من تفجيرات هيروشيما وناغازاكي. إن الولايات المتحدة بالطبع ليست الوحيدة التي تستهدف المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية. فالقصف البريطاني لمدينة دريسدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية قتل عشرات الآلاف من الناس.

\n


وعلى الرغم من هذا كله، لا تزال الولايات المتحدة والحكومات الرأسمالية الغربية الأخرى مصرة على تبني الدور الذي تصبو له أنفسهم بأن يكونوا شرطة العالم، وينغمسوا في الحرب المروعة التي أسمَوها \"الحرب على الإرهاب\" والتي كلفت أيضا حياة الآلاف من المدنيين الأبرياء - تحت ذريعة (يدعونها) تقضي بمنع القتل العشوائي للمدنيين من قبل مختلف الجماعات والأفراد - الذين يعدون مجرد هواة في استخدام هذا التكتيك المروع إذا ما قورنوا بالدول الغربية. وعلاوة على ذلك، فإن لديهم الجرأة ليزعموا بأن إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة ستشكل خطرا على سكان العالم. هذا على الرغم من حقيقة أن الخلافة تحظر استهداف المدنيين لأي غرض أو هدف. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ «أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»

\n


وعندما أرسل أبو بكر رضي الله عنه، أول خليفة في الإسلام، الجيشَ للشام قال لواحد من قادة الجيش وهو يزيد بن أبي سفيان يوصيه: \"وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا، إلا لمأكلة. ولا تحرقن نخلا، ولا تعزقنه، ولا تغلل، ولا تجبن.\"

\n


لذلك فإن السؤال الذي يطرح هو: من الذي يشكل أكبر تهديد لأمن العالم وحياة المدنيين؟ أهي الدول التي تقوم على أسس أخلاق متقلبة متناقضة يمكن أن تتنازل عنها لمجرد نزوة والذين لا يتورعون عن استهداف السكان الأبرياء من أجل مصالح سياسية، أم الدولة التي ترفض الأساس المشوه القائم على فكرة أن \"الغاية تبرر الوسيلة\" والتي نُقشت مبادئها على الصخر فكان الثبات سمتها لا تتغير ولا تتبدل بغض النظر عن المآرب والمكاسب السياسية والمادية التي يمكن الحصول عليها؟

\n

 

\n

 

\n

 

\n

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالأحد, 06 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع