الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ترامب والصراع داخل مؤسسة الحكم في أمريكا

 

 

 

الخبر:

 

تناولت صحف أمريكية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مدينة فينيكس بولاية أريزونا الثلاثاء الماضي 2017/8/22، وإلقاءه خطابا أمام حشد كبير من أنصاره، حيث وجه سيلا من الانتقادات لأعضاء جمهوريين في الكونغرس سبق أن دعموه.

 

التعليق:

 

صحيح أن إدارة الحكم في أمريكا تخضع لمعايير ومقاييس متجذرة في أمريكا أهمها التركيز على استقلالية الجمهورية وحماية مصالح الرأسماليين المتنفذين والمحافظة على قوة أمريكا وتفوقها العسكري والاقتصادي. وفي الوقت نفسه إعطاء الرئيس المنتخب مقود القيادة لإدارة الحكم لتحقيق المصالح العليا لأمريكا. ولا شك أن ترامب يدرك هذه الناحية وبشكل دقيق. ولكن ترامب يحاول أن يعتبر نفسه ليس رئيسا فقط لإدارة مؤسسة الحكم، وإنما أيضا يعتبر نفسه جزءا من المؤسسة نفسها، بوصفه من أصحاب رؤوس المال. ولعل هذا هو أهم الأسباب التي يظهر من خلاله التناقض والمشادة بين ترامب ومؤسسة الحكم والتي غالبا ما تسمى الحكومة العميقة. ومظهر المشادة هذه يتجلى في وسائل الإعلام الرئيسة في أمريكا مثل شبكة سي إن إن، وجريدة نيويورك تايمز والواشنطن بوست، إضافة إلى مراكز القوى في الحزب الجمهوري الذين يشكلون الواجهة الرئيسية لمؤسسة الحكم حين يكون الرئيس من الحزب الجمهوري، وحين يكون الرئيس ديمقراطيا تكون واجهة مؤسسة الحكم هم مراكز القوى في الحزب الديمقراطي.

 

من هنا فإن انتقاد قادة الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ لإدارة ترامب وما يتخذه من قرارات إنما تعبر عن عدم رضا مؤسسة الحكم عن الطريقة التي يدير بها ترامب الحكم في أمريكا. ويبدو ذلك جليا من توجيه ترامب هجومه على جون ماكين وعلى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل. كما ظهر أيضا في التصويت الأخير على مشروع قانون دعا له ترامب لإلغاء بعض بنود الرعاية الصحية المعروف بأوباما كير، حيث صوت كثير من الجمهوريين ضد القرار. كما أن الاستقالات المتتالية في إدارة ترامب توحي بتزايد الضغط على الرئيس ليكون أكثر انسجاما مع مؤسسة الحكم والتي تريد من الرئيس أن يكون مديرا تنفيذيا في البيت الأبيض لا غير.

 

صحيح أن ترامب لا يعارض أن يكون مديرا تنفيذيا لمؤسسة الحكم في أمريكا بما تمثله من شركات عملاقة وأصحاب نفوذ، إلا أنه يعتبر نفسه من مؤسسة الحكم، وأنه يدير مصالحه بنفس الوقت الذي يدير به مصالح أمريكا عموما.

 

من هنا فإن خطاب ترامب أمام حشد من مؤيديه في أريزونا والتي تعتبر قاعدة للجمهوريين خاصة المتشددين منهم، يعتبر محاولة من ترامب لتأكيد قوته ومقدرته على مواجهة ضغوط المؤسسة العميقة من خلال التأييد الشعبي الذي يحاول إبرازه لصالحه.

 

وحتى لا تتحول المشادة بين الرئيس وبين مؤسسة الحكم إلى صراع طويل الأمد قد يضعف قوة أمريكا أو يؤثر على مصالحها العليا، فإن المؤسسة العميقة قد أوجدت صمام أمان تستطيع بموجبه التخلص من ترامب إن هي فشلت في ترويضه ليكون سنا في دولابها أو عصا بيدها تحركه كيف تشاء. وصمام الأمان هذا هو لجنة التحقيق بمدى علاقة روسيا بنجاح ترامب والتدخل في حيثيات الانتخابات الأمريكية الأخيرة.

 

ولا بد من الملاحظة أن نظام الحكم في أمريكا محكم، وليس من السهل تقويضه أو التأثير عليه سلبا. وأدوات استقراره واستمراره كثيرة، لذلك فإن ترامب إما أن يسير بشكل سلس ويقبل بقبضة مؤسسة الحكم كاملة ويكون مديرا لمصالحهم العليا، وإما أن يرحل.

 

وبغض النظر عما يمكن أن تؤول إليه حالة الرئاسة في أمريكا فإنه لا بد أن يكون واضحا أن الذي يضعف أمريكا ويكبح من جماحها هو ما يمكن أن يطرأ على مؤسسة الحكم العميقة نفسها وأركانها. وأركان هذه المؤسسة تتمثل في ثلاثة أمور هي المؤسسة المالية التي تمثل الاقتصاد الأمريكي، ومراكز البحث الاستراتيجية التي تمثل المؤسسة المالية، والوسط السياسي القوي. وما لم يطرأ ضعف على المؤسسة المالية تحديدا فإنه من الصعب تصور أي انهيار لأمريكا وزحزحتها عن المركز الذي تتربع عليه.

 

ومع ذلك فإن هناك كثيراً من الدلائل التي تشير إلى خلل أساسي في نظام المؤسسة المالية التي تنتهجه أمريكا، ومن الممكن أن يتسبب هذا الخلل بانهيار النظام المالي برمته. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحب التحرير

د. محمد الجيلاني

آخر تعديل علىالإثنين, 28 آب/أغسطس 2017

وسائط

1 تعليق

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 28 آب/أغسطس 2017م 14:27 تعليق

    بارك الله جهودكم الطيبة

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع