الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تحويل وصف الوسطية من وصف للأمة إلى وصف للإسلام هو تضليل، وتمييع للدين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحويل وصف الوسطية من وصف للأمة إلى وصف للإسلام

هو تضليل، وتمييع للدين

 

 

 

الخبر:

 

أكد الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، الشيخ/ الزبير أحمد الحسن، في الملتقى التشاوري حول الرؤية المستقبلية للحركة، أن الحركة تسعى لإقامة الإسلام السني، الوسطي، المعتدل، المتسامح، مبيناً أنه بالتوبة، والأوبة، والعودة لله سبحانه وتعالى، وتصويب الأخطاء، نكون أقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وتتفتح علينا بركات الأرض والسماء، ويعبر السودان الظروف الاقتصادية الحالية. (سونا 2018/2/8م).

 

التعليق:

 

إن مصطلح الوسطية لم يظهر عند المسلمين إلا في العصر الحديث، وبسوء فهم، وتأويل، يقولون إن الإسلام دين الوسطية، التي تعني الاعتدال، وعدم التطرف، ولكن عند التعمق، يتضح أنه مصطلح دخيل، مستعار في لفظه وفي معناه!

 

لأن الإسلام لم يكن أبداً توفيقاً بين غلو وتطرف، أو بين إفراط وتفريط، أي بين باطل وباطل، بل هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من الرحمن الرحيم، بل إن الجاهليين رفضوا أن يكونوا وسطاً بين البينين، إذ قال شاعرهم: (وإنا لقوم لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر).

 

أما وصف الأمة بالخيرية، فيعني جعل الله تعالى أمة الإسلام أمة وسطاً، والوسط في اللغة هنا ليس الأمر ما بين الأمرين، أو التوفيق ما بين الطرفين، وإنما هو الصدر يقال: "كان محمد وسطاً في قومه"، أي أخيرهم، وأفضلهم نسباً وخلقاً.

 

أما الآية الكريمة: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾. فهي وصف لأمة محمد rبأنها الأمة التي تشهد على الناس، ويجب أن تكون خير الأمم حتى يمكنها ذلك. ولا يمكنها أن تشهد على الأمم وهي توفق بين باطل وباطل، بل إن شهادتها على الناس، كما هو مبين من الآية، نابع من ارتباطها بالوحي، أي بكتاب الله وسنة الرسول r، ولا تكون كذلك حتى تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، فتكون شاهدة بذلك على الأمم، كما يشهد رسول الله r على أمتنا بتبليغه الرسالة لها، وإقامته للدين.

 

والخيرية عرفها الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾. إن الأمة الإسلامية أمة عدل، والعدل من شروط الشاهد في الإسلام. والأمة الإسلامية ستكون شاهدة على الأمم الأخرى على أنها بلّغتها الإسلام. فالآية وإن جاءت بصيغة الإخبار فهي طلب من الله تعالى للأمة الإسلامية أن تبلغ الإسلام لغيرها من الأمم، وهذا مقتضى الشهادة ومقتضى شهادتها أنها خير الأمم وأشرفها وأعلاها، ولا يستشعر هنا أي نوع من الوسطية والاعتدال الذي يدعيه المدعون ويروج له المروجون!

 

والحقيقة، أن مصطلح الوسطية الشائع في زماننا هذا، هو كلمة حق أريد بها باطل، وهو جحر الضب الذي دخله الغربيون الرأسماليون، عندما أقصوا الدين عن الحياة فبنوا عقيدة مبدئهم على هذا الحل الوسط، وهو الحل الذي نشأ نتيجة الصراع الدموي بين الكنيسة والملوك التابعين لها من جهة، وبين المفكرين والفلاسفة الغربيين من جهة أخرى، فالفريق الأول يرى أن الدين النصراني دين صالح لمعالجة جميع شؤون الحياة، والفريق الثاني يرى أن هذا الدين غير صالح لذلك، فهو سبب الظلم والتأخر، فأنكروه وأنكروا صلاحيته، واستعاضوا عنه بالعقل؛ الذي هو، حسب رأيهم، قادر على وضع نظام صالح لتنظيم شؤون الحياة.

 

وبعد صراع مرير بين الفريقين اتفقوا على حل وسط وهو الاعتراف بالدين على أنه ينظم العلاقة بين الإنسان وخالقه فقط، ولا دخل له في الحياة مطلقا، واتخذوا فكرة فصل الدين عن الحياة عقيدة لمبدئهم، انبثق عنها النظام الرأسمالي، الذي نهضوا على أساسه مادياً، ثم حملوه إلى غيرهم من الناس بطريقة الاستعمار.

 

وبدل أن ينتقد العلماء والمفكرون، فكرة الوسطية، أو الحل الوسط، ويظهروا عوارها ويبينوا خطأها وزيفها، وأنها تناقض الإسلام جملة وتفصيلا، أخذوا بها وصاروا يدعون أنها موجودة في الإسلام، بل إن الإسلام حسب زعمهم قائم عليها، فهو بين الروحية والمادية، وبين الواقعية والمثالية، وبين الإفراط والتفريط، بل منهم من قالوا: (إن وسطية الأمة الإسلامية إنما هي مستمدة من وسطية منهجها ونظامها، فليس فيها غلو اليهود، ولا تساهل النصارى...) وهكذا أصبحوا يؤولون ويلوون أعناق النصوص لتوافق ما ذهبوا إليه!

 

إن فكرة الوسطية أو الحل الوسط، أرادوا أن يلصقوها بالإسلام، باسم الاعتدال، والتسامح، وعدم التطرف وذلك لإفراغ الإسلام من محتواه، وجعله دينا كهنوتياً، ويا لفرحة أعداء الإسلام بذلك، الذين لم يستطيعوا تركيع الأمة بالجيوش الجرارة، ولكنهم أوجدوا أفكاراً خطرة لضرب الإسلام، كفكرة الوسطية والاعتدال، وقد أعانهم عليها أولياؤهم من بني جلدتنا يعملون في الإسلام هدماً لم تستطع القوة المادية أن تفعله.

 

تبين لنا من كل ما سبق أنه لا وسطية، ولا حل وسطاً في الإسلام، وإنه إما إسلام، وإما كفر، لأن النور والظلام لا يلتقيان. وعليه فإنه يجب أن نرفض بكل عزم وإصرار، وبكل ما أوتينا من قوة، فكرة التطرف والاعتدال والوسطية، وكل الأفكار الغربية التي لها مساس بعقيدتنا وديننا، ويجب علينا أيضا أن نرفض بشدة تدخل الغرب في أمور ديننا، بالعمل الجاد لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي ستطبق شرع الله علينا فنكون خير أمة أخرجت للناس؛ نأمر أنفسنا، وكل العالم بالمعروف، وننهى أنفسنا والعالم عن المنكر.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار – أم أواب

آخر تعديل علىالثلاثاء, 13 شباط/فبراير 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع