- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إقالة وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون
الخبر:
قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون يوم الثلاثاء ليضع حداً للعلاقة الوعرة بين الرجلين منذ تقلد تيلرسون لأعلى منصب دبلوماسي أمريكي في شباط/فبراير من العام الماضي.
التعليق:
أولاً: لقد كثرت الإقالات والاستقالات في هذه الإدارة بشكل كبير مما لفت انتباه الجميع لكثرتها ووقتها وظروفها، ومنها هذه الإقالة لوزير الخارجية الذي لم يمض على تعيينه مدة كافية في منصبه والذي يكون بالعادة تغيير وزير الخارجية بعد انتهاء الولاية الأولى للرئيس الأمريكي.
ولكن هذه الإدارة وكما جاء في جواب سؤال لأمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة غير قادرة على تنفيذ خطط استراتيجية حيث ورد في الجواب، وهذه الإدارة لا تملك من الحنكة ما يكفي لتنفيذ استراتيجيات محكمة، فقد (حذر وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا من مغبة إقدام واشنطن على ضربة استباقية لكوريا الشمالية مشيرا إلى أن أي خطوة في هذا الاتجاه سوف تشعل حربا نووية تزهق أرواح الملايين).
ثانيا: إن مسألة كوريا الشمالية في الاستراتيجية الأمريكية ليست هي مسألة قوة عسكرية معادية، لها نظامها الاشتراكي ولا تخضع للنظام العالمي الأمريكي فحسب، فحجم كوريا الشمالية الصغير وقوتها كذلك لا يضعها على رأس الأولوية الأمريكية إلا من باب أنها جزء من كلٍّ اسمه الصين، فأمريكا تنظر بخطورة كبيرة لتصاعد نمو الصين، وتدرس كافة الخيارات لتحجيم القوة الصينية، ومن هذه الخيارات توتير الأجواء على حدود الصين ومنها كوريا الشمالية. والذي يؤكد ذلك أن أمريكا وعلى عهد أوباما قد نشطت في بناء التحالفات حول الصين، فكانت علاقاتها تزيد بشكل ملحوظ مع الهند واليابان وفيتنام والفلبين بالإضافة إلى كوريا الجنوبية، وكانت تريد من هذه التحالفات أن تكون طوقاً حول الصين، يحد من اندفاع السياسة الصينية لاستثمار بحر الصين الجنوبي، وتعزيز طرق تجارتها الكبيرة مع العالم، فكان توتير أمريكا للأجواء مع كوريا الشمالية واحداً من التوترات الأخرى التي تثيرها أمريكا حول الصين، مثل نزاع الحدود بين الصين والهند، ومسائل الجزر بين الصين من جهة واليابان والفلبين وفيتنام وماليزيا من جهة أخرى.
ولأجل الصين فقد رفعت أمريكا الكثير من القيود عن العسكرية اليابانية لتكون في مواجهة الصين. واليوم عندما تضع أمريكا مسألة "التهديد" هذه على رأس أولوياتها، فذلك لأنها جزء من استراتيجيتها ضد الصين... إن الضغوط الأمريكية على كوريا الشمالية ليست جديدة حتى وإن أخذت الآن منحىً أكثر سخونة، وقد سبق أن قال الوزير المُقال تيلرسون خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكوري الجنوبي يون بيونج-سيه في سول "دعوني أكن واضحا جدا. إن سياسة الصبر الاستراتيجي انتهت. نبحث مجموعة جديدة من الإجراءات الأمنية والدبلوماسية. جميع الاحتمالات مطروحة على الطاولة..." (رويترز، 2017/3/17).
وكلنا لا زال يذكر تلك الضربة الصاروخية لسوريا 2017/4/7 قد جعلت أمريكا توقيتها أثناء استراحة عشاء بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في فلوريدا، ما اعتبره البعض إهانة للصين. فقد ذكرت العربية نت 2017/4/8 (ونقل الموقع عن الجنرال المتقاعد جاك كين، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي السابق، نقلا عن موقع فوكس نيوز قوله تعليقا على تصرف ترامب: (إنه يفعل ما يقوله... إنه يرسل رسالة إلى الصينيين) أي بخصوص عزمه شن الحرب ضد كوريا الشمالية، وأن على الصين الضغط على كوريا الشمالية والتخلي عنها، فإن فعلت كان التساهل معها ممكناً في الاتفاق التجاري...
لذا فالمسألة ليست قطعا كوريا الشمالية بل هي الصين.
ثالثاً: بالرغم من أن السياسة الأمريكية لا تتغير بتغيير الأشخاص؛ لأنها دولة مؤسسات وليست دولة أفراد، ولكن لوجود الفرد وميوله والمعروف عنه والانطباعات عنه تعطي رسالة سياسية واضحة تجاه ملفات معينة أو قضايا معينة، والوزير الجديد معروف بعدائه الكبير لكوريا الشمالية وقبوله بالحل العسكري في رسالة واضحة للصين خاصة بعد التقدم الأخير والتنازلات من جانب كوريا الشمالية واللقاء المرتقب بين زعيم كوريا الشمالية وترامب، وهذه التنازلات تخدم الصين ولا تخدم أمريكا، لذا لجأت أمريكا من جديد لتوتير الأوضاع مع كوريا الشمالية لأن الهدف والمقصود هو الصين.
والصين تعي تماماً أنها المقصودة بشكل غير مباشر من إشعال أمريكا للتوتر ناهيك عن الحرب، لذلك تقوم بما في وسعها لنزع فتيل الاشتعال، فتدعو إلى التسوية السلمية للنزاع، وترفض الحلول العسكرية، وتجاهر برفضها لعسكرة شبه الجزيرة الكورية، ومن ذلك رفضها القاطع لنصب منظومة "ثاد" الأمريكية المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية، (وعبرت الخارجية الصينية عن معارضة بكين لنشر نظام ثاد، مطالبة في الوقت نفسه كوريا الشمالية والدول المجاورة لها بالامتناع عن ارتكاب أي أفعال تحريضية...) (الجزيرة نت، 2017/4/17)، ولكنها تتحسب للأسوأ، وتستعد هي الأخرى لاحتمال الحرب، وتحذر منها، فقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي "إذا اندلعت الحرب فلن يكون هناك منتصر" (بي بي سي 2017/4/15).
فنحن على أبواب مرحلة جديدة في المنطقة تقتضي إيجاد شخصيات تلائم تلك المرحلة وتتناسق فيما بينهما في رسالة واضحة للصين وكبح جماحها في التطلعات الدولية وإشغالها بمحيطها الإقليمي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان – أبو البراء