- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزرة المسمومة والعصا الشائكة
الخبر:
اتهم قاضي المحكمة العليا في إسلام آباد شوكت عزيز صديقي الجيش الباكستاني بالتدخل في نظام الحكم الباكستاني بشكل مباشر وغير مباشر لضمان سيادته. وأشار القاضي صديقي في خطابه إلى تورط أجهزة الاستخبارات في البلاد في المسائل القضائية. (Dawn)
التعليق:
في تاريخها الممتد لسبعين سنة، تنقلت باكستان بين الديمقراطية والحكم العسكري، لكنها الآن مهددة بما يقول البعض إنه "انقلاب ديمقراطي" من نوع ما. لقد علّم التاريخ رؤساء الوزراء أن يختاروا قائد الجيش بحذر شديد لأن ذلك القائد يملك القدرة على إرسالهم إلى السجن أو حتى قتلهم. ترك لنا التدخل العسكري في القضاء والسياسة أمثلة مثل ذو الفقار علي بوتو. المفارقة هي أنه بعد السيطرة الكاملة على مصير البلاد في جميع الجوانب، يطالب الجيش بالتعاطف من أجل العمل في المناطق التي لم يكن من المفترض أن يعمل بها. لقد انتقل الجيش من الإشراف على الانتخابات إلى تصميمها، وإذا حدث خلل ما في التصميم فإنه يلغي ما صممه ويعيد بناءه، وفقاً لمصلحته!
الفساد هو السبب الرئيسي للوضع الحالي في باكستان. لقد رأينا رجال السياسة عندنا يزدادون ثراء مع مرور الوقت وشهدنا قضايا ضدهم، لكن لم يسبق لنا أن رأينا جنرالاً في الخدمة أو جنرالا متقاعداً يواجه قضية فساد. ما زلنا نرى الثراء الذي يمتلكونه. وكلاهما؛ رئيس الجيش، الجنرال برويز مشرف والجنرال رحيل شريف، يستقران بسلاسة في البلاد الأجنبية بعد التقاعد. المفاجأة هي حقيقة أنه بعد تحويل هذه الأرض إلى جنة يضحون بالعيش هنا ويختارون أن يُنفوا، ولا يمكن لأي قضاء أن يجرؤ على استجوابهم.
من ناحية أخرى في خريف عام 638هـ (17هـ)، عرف الخليفة عمر الشاعر الأشعث وهو يقرأ قصيدة في مدح خالد بن الوليد وتلقى هبة قدرها 10.000 درهم منه. قال عمر إنه إن كان قد دفع المال من جيبه الخاص فإنه سيكون مذنبا بالإسراف، أما إن كان قد دفعه من الغنائم، فإنه مما يسيء لسمعته، وأمر بإقالته. إذا كان قائد مثل خالد، الذي قدم خدمات عسكرية للدولة الإسلامية كما لم يفعل غيره، فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يمكننا أن نستجوب جنرالات اليوم لمن يدينون بولاءاتهم وما هي المصالح الكبرى للمسلمين في باكستان الذين يعانون طوال 70 سنة الماضية؟
يحتاج الناس في باكستان إلى فهم سياسة "العصا والجزرة" المطبقة عليهم. إن الديمقراطية ليست هي الحل لمشكلاتهم ولن يحميهم انقلاب الجيش من استغلالهم وإساءة معاملتهم. وحده خليفة ملتزم بالإسلام يتبع خطا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم تنتخبه الأمة وتعطيه السلطة ليطبق شرع الله يمكنه أن يكون الدرع الحامي لها. إن اختيار أي من هؤلاء المتنافسين، سواء فضّله الجيش أم لم يفضله، لن يكون مثمراً، والعدل الذي يُتحدث عنه الآن ليس من أجل نهب موارد البلاد ولكن من أجل التفوق على الجنرالات الفاسدين. إنها حرب هيمنة بين المؤسسات، وتصارع الضباع من أجل الحصة الكبرى.
في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ستعمل جميع المؤسسات ضمن صلاحيتها من أجل رفعة المجتمع وستكون خاضعة للمراقبة الصارمة للخليفة. دور القضاء هو تسوية النزاعات التي تنشأ بين الناس وأعضاء الجهاز الحاكم والحكام والموظفين، بما في ذلك الخليفة ومن هم دونه. أما الجيش فسيكون منشغلاً بفعل ما يفترض أن يفعله، الجهاد في سبيل الله، مع إدراك الجيش أن غاية ذلك هي إرضاء الله سبحانه وتعالى، لا نيل الريش على قبعاتهم. في النظام الإسلامي قوة الجنرالات وسلطة القضاة ليست من أجل أن تعلو مرتبتهم وتنمو عقولهم وقدراتهم، بل لتجعلهم مسؤولين ويشعرون بعبء المهمة فيكونون متواضعين ومتماسكين. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان