- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حل الدولة الواحدة أم حل الدولتين في ثنايا صفقة القرن؟
الخبر:
نقلت القناة العاشرة لكيان يهود عن مصادر دبلوماسية فرنسية قولها إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال خلال محادثات أجراها مع ملك الأردن عبد الله الثاني في نهاية حزيران/يونيو الماضي إن التحول إلى حل دولة واحدة بدل حل الدولتين في النزاع بين كيان يهود والفلسطينيين، يعني أن يصبح اسم رئيس الوزراء في كيان يهود "محمد".
التعليق:
جاء هذا التصريح في معرض تعليق ترامب على إشارة الملك الأردني إلى عدم رغبة جيل الشباب في فلسطين بحل الدولتين بل بدولة واحدة مع مساواة كاملة. ونقل دبلوماسيون فرنسيون عن الملك الأردني أنه طلب من ترامب التريث في عرض خطته للسلام وقال له إن عليه أن يطلع دولا أوروبية مركزية ودولا عربية على فحواها إذا أراد لها أن تنجح. وكانت قناة يهود العاشرة قد نقلت أن مبعوث الرئيس الأمريكي لما يسمى "عملية السلام" في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، قد اجتمع سرا مع طارق عباس، نجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في أيلول/سبتمبر الماضي، وأن طارق عباس قد أوضح أنه لا يعتقد بإمكانية تطبيق حل الدولتين، ولذلك فهو يدعم حل الدولة الواحدة مع مساواة لكل الرعايا.
ولا شك أن ظهور الحديث عن حل الدولة الواحدة في هذه الأثناء ما هو إلا محاولة لتعطيل المشروع الأمريكي الذي يدفع به ترامب تحت اسم صفقة القرن، والذي يقوم على حل الدولتين والذي تبنته أمريكا على مدى عقود عدة. أما حل الدولة الواحدة فهو مشروع كانت تبنته بريطانيا منذ زمن، وقد حدد معالمه شمعون بيريز في كتابه نحو شرق أوسط جديد، ومن قبله ذكره بورقيبة رئيس تونس الأسبق حين زار الأردن قبل عام 1967 وقال إن قيام دولة ديمقراطية في فلسطين تضم اليهود والفلسطينيين هو الحل الأمثل لقضية فلسطين، ثم تبعه القذافي وسمى مشروع حل الدولة الواحدة إسراطين، والآن جاء ملك الأردن عبد الله الثاني ليعيد الطرح نفسه على ترامب بقوله إن حل الدولتين قد لا ينجح.
صحيح أن أمريكا هي التي تمسك بخيوط حل قضية فلسطين ومستقبل كيان يهود وشكل الشرق الأوسط، وهي التي تقدر على فرض أي من الحلول التي تراها مناسبة لمصلحتها وهيمنتها. إلا أن نفوذ الإنجليز العريق في المنطقة لا يمكن تجاهله أو تجاوزه بسهولة. خاصة وأن أدواتهم في المنطقة لا تزال تعمل سواء في الأردن أو فلسطين أو كيان يهود. وبالتالي فإن تمرير حل الدولتين لن يكون سهلا ميسورا ومحفوفا بالورود، بل هو طريق مليء بالصعاب والعقبات. وما يجعل هذه العقبات فعالة ومؤثرة ومن الممكن أن تعطل مشروع صفقة القرن عوامل كثر أهمها سوء إدارة ترامب من جهة، واستعجاله لإنهاء القضية بسبب ما يتهدده داخليا في أمريكا خاصة ما يتعلق بإمكانية محاكمته. لذلك لا غرابة أن ثارت زوبعة حل الدولة الواحدة بعد صمت طويل وبيات شتوي مديد. ما يعني أن بريطانيا ترى أن الظرف مناسب جدا للحديث عن حل الدولة الواحدة، والذي يقضي بقيام دولة ديمقراطية علمانية يكون فيها الفلسطينيون جنبا إلى جنب يهود في إدارة شؤون الدولة، وترتبط هذه الدولة بكيان الأردن على شكل كونفدرالي أو اتحاد من نوع آخر. والذي عبر عنه بيرس بدولة سقفها ثلاثي وأرضها ثنائي. الثلاثي يضم الفلسطينيين والأردنيين ويهود، والثنائي يضم يهود والفلسطينيين.
صحيح أن المشروع البريطاني أكثر تعقيدا من حيث التركيب والإدارة، إلا أنه من شأنه أن يحافظ على عملاء الإنجليز وبالتالي النفوذ البريطاني. أما حل الدولتين فهو خطر على نفوذ بريطانيا برمته، ومن شأنه تكريس الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
إلا أن الأهم من ذلك كله، أنه لا حل الدولتين الأمريكي ولا حل الدولة الواحدة الإنجليزي له رصيد من الواقع وحظ من المستقبل أبداً. فأرض فلسطين كلها أرض إسلامية، وفلسطين كلها بقدسها وبحرها وبرها وساحلها وكل ما فيها هي أرض إسلامية لا يملك ولايتها ورقبتها إلا الأمة الإسلامية ممثلة بخليفتها الذي تبايعه على كتاب الله وسنة نبيه، ولا يملك أن يفرط بذرة من ترابها لا على طريقة الإنجليز ولا حسب رغبات أمريكا. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني