الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الجرائم ضد الإنسانية لا تتقادم أيها المستعمرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجرائم ضد الإنسانية لا تتقادم أيها المستعمرون

 

 

الخبر:

 

تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة عشرة بعد المائة على مجازر الإبادة التي اقترفها الألمان المستعمرون ضد قبائل الهيريرو والناما أثناء استعمار ألمانيا للمناطق الجنوبية - الغربية من أفريقيا في مطلع القرن الماضي. وحسب تعبير مجلة الشبيغل أونلاين فإن على ألمانيا تحمل مسؤلياتها الأخلاقية والقانونية والمالية تجاه هذه الجرائم.

 

 

التعليق:

 

في الوقت الذي احتلت فيه ألمانيا مناطق جنوب غرب أفريقيا التي تعرف اليوم بالكاميرون وتوغو وناميبيا، وجزء من بوتسوانا وآخر من كينيا، قامت القوات المستعمرة الألمانية ما بين العامين 1904 و1908 بحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي للسكان الأصليين من قبائل الهيريرو والناما مما أسفر عن مقتل 80 إلى 100 ألف حينما ثار هؤلاء ضد المستعمرين عندما استشعروا خطر سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي كانت تعمل القوات المستعمرة الألمانية على تنفيذها. أعطى الجنرال لوثر فون تروثا القائد العام للقوات الألمانية هناك أمرا تحت عنوان "الأمر بالإبادة التامة" ينص على "أن الهيريرو لا يعتبرون حاملين للتابعية الألمانية، ولذلك يؤمر بإطلاق النار على كل فرد من أفراد هذه القبيلة سواء أكان مسلحا أم أعزلا، وسواء أكان يرعى ماشيته أم بدون مواشي، ولا يراعى أن تكون امرأة أو طفلا، فإما أن يقتلوا أو يطردوا خارج الحدود"، وقد أيد هذا ونفذه الجنرال ألفرد غراف فون شليف الذي قال "هذا النزاع العرقي لا يمكن حسمه إلا بإبادة أحد العرقين إبادة تامة"، وهو يعني بذلك إبادة العرق الآخر وهم الهيريرو. وقد بلغت فظاعتهم أن يجبر الضباط الألمان نساء القتلى على نزع الجلد عن الجماجم (سلخها) بشظايا الزجاج، كي يتم إرسالها إلى ألمانيا من أجل دراستها. ولا زالت بعض هذه الجماجم في متاحف ألمانية، حيث أعيد بعضها قبل أيام لذوي القتلى دون تقديم اعتذار رسمي أو تقديم تعويضات عن جرائمهم!

 

وحسب موقع سبوتنيك عربي فإن تقديرات الأمم المتحدة لعدد الضحايا الناميبيين، الذين سقطوا في جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الألماني بحقهم، 80% من سكان قبيلة "هيريرو"، و50% من قبيلة "ناما"، ما بين عامي 1904-1907، وبالأرقام قتل نحو 100 ألف شخص من عرق الـ"هيريرو" وحوالي 10 آلاف آخرين من عرق الـ"ناما"، إلى جانب آلاف من البشر، لا يعرف عددهم على وجه الدقة، شملتهم عمليات الإبادة المنظمة التي نفذتها القوات الألمانية في المنطقة التي عرفت آنذاك باسم "جنوب غرب إفريقيا الألماني".

 

عمليات الإبادة قادها آنذاك الجنرال الألماني لوثر فون تروثا، الذي كلف بسحق ثورات القبائل الناميبية على الاحتلال الألماني، ووثقت عن شهود عيان صور مروعة عن الوحشية التي تعامل بها الجنود الألمان مع أبناء قبيلتي "هيريرو" و"ناما"، فبعد قمع الانتفاضات قام الجنود الألمان بقتل كل من صادفهم من أبناء القبيلتين، من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، ومن ثم هجَّروا من بقي منهم على قيد الحياة إلى صحراء "أوماهيكا" ليموتوا جوعاً وعطشاً، وقلائل منهم استطاعوا قطع الصحراء والوصول إلى المناطق التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني، ويقال إن عدد الناجين لم يتجاوز ألف شخص فقط.

 

وهكذا تمت بالفعل إبادة هذا العرق وتطهير المنطقة منهم ودحرهم خارج مناطق نفوذ المستعمر الألماني. واليوم يطالب الأحفاد في هذه المناطق الحكومة الألمانية بالاعتذار والتعويض، ولكن الحكومة الألمانية تعتبر نفسها غير ملزمة بذلك. إلا أنها في الوقت نفسه تحمل نفسها المسؤولية الكاملة عن الأعمال التي اقترفها حزب النازيين بقيادة هتلر ضد اليهود بالذات ولا يعنون أنفسهم بالجرائم التي ارتكبتها الأيادي نفسها ضد الرومر والسينتي من قبائل النَوَرْ الرومان الذين أبادهم هتلر وعذبهم كما فعل مع يهود في هولوكوست.

 

والحكومة الألمانية تدفع مبالغ طائلة ومساعدات وخدمات لكيان يهود، فقد دفعت مليارات الماركات الألمانية تعويضا لأحفاد المتضررين أو صرعى الإبادة التي نفذها هتلر في عهده أثناء الحرب العالمية الثانية فيما بات يعرف بالهولوكوست. والعجيب أن الحكومة الألمانية منطلقة من برلمانها طالبت الحكومة التركية بالاعتراف فيما يسمونه الإبادة الجماعية ضد الأرمن التي قامت بها قوات الأمن العثمانية ضد الأرمن في نهاية القرن التاسع عشر.

 

تعددت المقاييس في الإدانة والتعويض والاعتذار أو تحمل المسؤولية، حسب الحالة ومقام الطرف الآخر والقوة والضعف أو غير ذلك، ولكن مقياس الإنسانية لا اعتبار له على الإطلاق، وإلا لكان الرد واحدا والحكم واحدا إذا كان الحدث واحدا...

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. يوسف سلامة – ألمانيا

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع