- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
"ماكرون" يلقي باللوم على الصراع القومي في أوروبا كمُشعل للحرب العالمية الأولى
(مترجم)
الخبر:
وفقا لوكالة أسوشيتد برس: كان قادة العالم هم من يملكون سلطة شن الحرب، ولكن واجب الحفاظ على السلام رسمياً، كان بمثابة علامة على انتهاء الحرب العالمية الأولى قبل مائة عام في الذكرى المئوية لانتهائها والتي صادفت يوم الأحد، وكانت بمثابة رسالة مفادها "عدم تكرارها مرة أخرى" ولكنها كشفت أيضاً عن خطوط الصدع السياسية الجديدة في العالم.
وفيما استمع دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وعشرات من رؤساء الدول والحكومات في صمت، استغل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه المناسبة، كمستضيف لها، لإطلاق تحذير قوي وواقعي حول هشاشة السلام ومخاطر جعل الدول القومية، فوق الصالح الجماعي.
"الشياطين القديمة تُبعث مجدداً، مستعدة لنشر فوضى وموت"، وأضاف ماكرون: "الوطنية هي النقيض التام للقومية. القومية خيانة للوطنية. بالقول، مصالحنا أولاً مهما حدث للآخرين، نمحو أثمن ما يمكن لأمّة أن تمتلكه، وما يجعلها تعيش وأن تكون عظيمة: قيمها الأخلاقية. التاريخ يهدد أحياناً بتكرار أنماطه المأساوية وتقويض إرث السلام الذي كنا نعتقد بأننا وقّعناه بدماء أسلافنا".
التعليق:
رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يواجه معارضي القومية المحلية، محقٌّ في انتقاد القومية كونها ما يخلق الصراع بين الشعوب، على الرغم من أن الوطنية أيضا هي المسؤولة عن إبقاء أوروبا منقسمة، إلا أن ما لم يعترف به ماكرون هو أن الهدف الفعلي للقومية الغربية في الحرب العالمية الأولى لم يكن مجرد دول أوروبية أخرى بل دولة الخلافة العثمانية.
لقد كانت الدولة الإسلامية لأكثر من ألف عام، هي الدولة الأولى في العالم وهي التي تحدد النظام العالمي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً. بعد القرن الثامن عشر، كانت الدولة العثمانية قد سقطت من صدارة القوى العظمى في العالم، لكن بريطانيا وفرنسا رأت استمرار وجودها لضرورة الحفاظ على توازن القوى في العالم، خاصة في مواجهة الإمبراطورية الروسية المتوسعة. كل هذا تغير خلال الحكم الذي بدأ من عام 1876 فترة الحكم العظيمة والفذة والرائعة للخليفة السلطان عبد الحميد. لقد أدرك الغرب أن دولة الخلافة لا تزال تحتفظ بعناصر العظمة ويمكنها أن تصعد للعودة كقوة عالمية أولى، منهية الإمبريالية العالمية للقوى الغربية.
كان معظم السلاطين العثمانيين العظماء مراقبين دقيقين للسياسة الأوروبية، ولم يكن السلطان عبد الحميد استثناءً لذلك، ومع إدراكه للتطلعات الألمانية الوليدة، شجع السلطان الصعود الألماني، ودعمه في الوصول إلى حقول النفط في الشرق الأوسط عبر السكك الحديدية الحديثة. لكن شبح الخلافة الذي يربط نفسه بالقطار إلى ألمانيا، التي تقع في قلب أوروبا، كان يُنظر إليه على أنه تهديد استراتيجي لا مثيل له للنظام الدولي بأكمله؛ والذي يُمَكِّن من تعبئة الجيوش الإسلامية التي لا يزال يُخشى الكثير منها إلى وسط أوروبا في غضون أسابيع. ونتيجة لذلك، بدأت عملية إعادة تنظيم استثنائية للقوى العالمية المتمثلة في بريطانيا وفرنسا وروسيا، التي كانت تشهد صراعا مريرا فيما بينها، وجعلها تتحد في معارضة مشتركة لألمانيا، ومن خلفها الدولة العثمانية.
البقية، كما يقال، من التاريخ. على الرغم من إزاحة السلطان عبد الحميد في عام 1909، إلا أن الغرب عرف أنه بحاجة إلى تجريد الدولة العثمانية من أراضيها الشاسعة لضمان عدم وجود خليفة مستقبلي يهدد بالهيمنة على الغرب مرة أخرى؛ ولم تنته الحرب العالمية الأولى إلا عندما أصبحت هذه الأراضي تحت السيطرة الغربية بالقوة، في حين إن ألمانيا، الهدف المزعوم للحرب، لم تتكبد خسائر إقليمية كبيرة. وفي غضون سنوات قليلة تمكنوا من إلغاء الخلافة بشكل كامل، بل ووضع القيود الشديدة على الدولة التركية الحالية، وبالتالي تحويلها إلى جمهورية على النمط الغربي. بعد تحرره من الدولة الإسلامية، تمكن الغرب من تحقيق الهيمنة الكاملة على الشؤون العالمية، واستغلال الجنس البشري لتعزيز النخبة الغربية، مع ترك حضارة عالمية تدافع عن الموارد على حساب القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية.
على الرغم من مناشدات ماكرون، إلا أن الحضارة الغربية لن تتمكن أبداً من الإفلات من قوميتها أو استعادة قيمها الأخلاقية، لأن هذه عواقب لا مفر منها للأيديولوجية الرأسمالية العلمانية التي تدعمها. في الواقع خلاص الغرب يكمن في الإسلام فحسب. وبإذن الله، ستشهد البشرية قريباً عودة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبي r والتي ستعيد توحيد البلاد الإسلامية، وستطرد الاستعمار الغربي الكافر، وتعيد العدالة والسلام للعالم بأسره. جاء في الحديث النبوي في مسند أحمد: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فائق نجاح