- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف روسيا من القوة الأوروبية
الخبر:
نقلت وسائل إعلام روسية عن بوتين قوله في تصريحات لمحطة "آر تي فرانس" أمس، إن هذه الفكرة ليست جديدة، "لكن الرئيس الفرنسي أعاد إحياءها". وأعرب بوتين عن اعتقاده بأن أوروبا تمثل اتحاداً اقتصادياً قوياً واتحاداً نقدياً قوياً. وأضاف أنه لهذا السبب، فإن من المنطقي أن ترغب أوروبا في أن تكون مستقلة وذات سيادة في الأمن والدفاع. وقال إنه يرى أن مقترح فرنسا "عملية إيجابية" من أجل تعزيز العالم متعدد الأقطاب.
التعليق:
أولا: لقد كانت سياسة الاتحاد السوفيتي تجاه أوروبا هي "جعل أوروبا الغربية في حالة ضعف دائم، والحيلولة دون أن تصبح قوية بحيث تشكل خطراً عليها، ولذلك لا تكتفي بالعناية في التوازن الدولي بين دول أوروبا الغربية بحيث لا تسيطر دولة واحدة عليها كما كانت حال أمريكا قبل الحرب العالمية الثانية. بل تتجاوز ذلك إلى مراقبة دولها، ومراقبة السوق الأوروبية المشتركة، والحيلولة دون تكتيل دول أوروبا".
ما الذي جعل بوتين يدلي بتصريح تأييده لجيش أوروبي موحد وأحقية الأوروبيين، هل هو تغير في السياسة الروسية الحالية وريثة الاتحاد السوفيتي أم أن في الأمر حيلة؟
ثانيا: إن بوتين بدأ متناغماً مع فكرة الجيش الأوروبي، لأنه في النهاية يتمنى أن تؤدي الفكرة إلى تفكيك حلف الناتو الذي تأسس حينها للدفاع عن أعضائه ضد الاتحاد السوفيتي، وفي نظره أن حلفاً عسكرياً بلا أمريكا هو في صالحه على كل حال، أوروبا بلا أمريكا ضعيفة جدا ولا تخيف روسيا - هذا إن كانت مقومات وجود الاتحاد قائمة أصلا - والدليل على أن خوف روسيا هو ليس من أوروبا بل من أمريكا ومن حلف تسيطر عليه أمريكا هو تاريخ العملاقين وسياسة الوفاق والتفاهمات الروسية الأمريكية لإخراج أوروبا من مستعمراتها واقتلاع نفوذها وإخراجها من المسرح الدولي، وأضرب مثلا بسيطا وهو أن ثورة الانفصاليين في إقليم القرم في أوكرانيا التي دعمتها روسيا، قد أوجبت عقوبات أمريكية أقسى من الأوروبية على موسكو.
لذا كان تناغم بوتين مع فكرة الاتحاد والجيش الأوروبي لأنه يعلم أن الحلم إن تحقق فلن يخيف روسيا وبالتالي نجد دعوة بوتين هي استمرار للسياسة القديمة وليست جديدة ولكن بأسلوب آخر وشكل آخر.
رأت صحيفة "Welt" الألمانية أن عقد روسيا وأمريكا صفقة بينهما بعيدا عن أوروبا، يمكن أن يتحول إلى سيناريو كارثي لأوروبا، ولاستقرار حلف الناتو. ورأت الصحيفة في الوقت ذاته أن قدرات روسيا الهجومية في هذه الحالة لن تتغير، فيما ستكون بولندا ودول البلطيق، التي تتحدث باستمرار عن "التهديد الروسي"، غير راضية بشكل خاص. وهذا يعني استمرار ارتماء بعض دول أوروبا في أحضان أمريكا وأن تكون أداة بيدها وهذا الأمر يدركه الأمريكان والروس.
تحت العنوان ما حاجة فلاديمير بوتين إلى جيش أوروبي مشترك كتب بيوتر أكوبوف، في "فزغلياد": "بوتين، يدعم فكرة إنشاء جيش أوروبي مستقل لأنه الآن على المدى القصير والمتوسط ، مفيد لروسيا. هل يمكن لجيش أوروبي كهذا أن يشكل تهديداً لبلدنا على المدى الطويل؟ من الناحية النظرية، بالطبع، ممكن، لكن الآن لا معنى للحديث عن ذلك. لماذا؟"
أولاً، لأن أوروبا الواقعة في أسر الأنجلوسكسونيين - بالمعنى العسكري، والجيوسياسي، والأهم من ذلك، الأيديولوجي، محمية أنجلوسكسونية - يمكن استخدامها ضد روسيا بشكل أسهل بكثير وأكثر صرامة من أوروبا مستقلة؛
ثانيا، أوروبا المستقلة، كجار ومنافس تاريخي لروسيا، ستكون أكثر حذرا من أوروبا مدفوعة بقوى تسعى إلى الهيمنة العالمية. ظهور شخصية ذات طموحات نابليونية أو هتلرية في المستقبل المنظور ممكن فقط نظرياً، فمن الواضح أن الأوروبيين قد استُنفدوا ودخلوا مرحلة من الأزمة لا يستطيعون معها حتى الدفاع عن مصالحهم الخاصة، ناهيك عن أن يحاولوا مهاجمة الآخرين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان