- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الطفل يحفظها الإسلام دين الشمول والعدل والطمأنينة
الخبر:
يمثل تاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم العالمي لحقوق الطفل وهو يوافق تاريخ التوقيع على الاتفاقية الدولية قبل ثلاثين عاما من 191 دولة.
وفي هذه المناسبة أعلنت اليونيسيف أنه سيتم القيام بعدة فعاليات وتظاهرات من الناشطين في مجال حقوق الطفل. (يونيسيف تونس)
التعليق:
ما من شك أن الاهتمام بالطفل يمثل المستقبل، وعلى عاتقه تُبنى الأجيال والمجتمعات، فتربية الطفل تربية سليمة جسديا وفكريا ونفسيا تؤدي إلى بناء شخصيته بالشكل السويّ.
ولكن بالنظر إلى بعض بنود وثيقة حقوق الطفل نلاحظ نقائص عدة منها إقصاء دور الدين ومن ذلك دور الإسلام لأنها تعتبر الأصولية الدينية صاحبة الدور الأكبر في قهر الفئات الضعيفة في المجتمع ومنها الطفل وبالمقارنة بالإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عام 1990، فقد استبدلوا بلفظ الدين لفظ "spirituality" ومعناه الروحانيات.
غير أن إسلامنا عقيدة ينبثق عنها نظام يحتوي على أحكام شرعية لتطبيقها في حياتنا كلها ينشأ الأبناء عليها، وليس روحانية للنفس فقط.
بالإضافة إلى أن الوثيقة تدعو إلى تهميش دور الأسرة ومحاولة إخراج الطفل من الانضباط الأسري حيثُ أوكلت مهمة رعاية الصغار إلى مؤسسات الدولة ولم تذكر الوثيقة لفظ الأسرة إلا مرات محدودة بما لا يتناسب ودورها.
لكن في إسلامنا فإن للأسرة دورا محوريا ولا يمكن إغفاله أو التقليل من شأنه. قال r: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». وقال عليه الصلاة والسلام: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ».
هذا بالإضافة إلى إطلاق الوثيقة لمفهوم الجندر ودعوة التثقيف الجنسي للأطفال والخدمات الإنجابية؛ كحق الفتاة في إجهاض نفسها متى شاءت كي تتحكم في حياتها، وحق الشذوذ، واعتبرت بعض بروتوكولاتها اختيارية يتم تطبيقها تدريجيا مثل بيع الأطفال واستخدامهم في الإباحية أو الصراع المسلح.
وعندما نعكس هذه الاتفاقية على البلاد الإسلامية، علما بأن جميع الدول العربية تقريبا موقعة عليها، نجد أن وضع الطفل بائس؛ فلا توجد رعاية صحية ولا قانونية ولا ثقافية مبنية بشكل صحيح، ونرى نسبة وفيات الأطفال عالية، وكذلك نسبة التسرب المدرسي، وتفاقم مشكلة أطفال الشوارع، وعدم الاهتمام بالأيتام مع أنهم كثر، وكذلك هو حال ذوي (الاحتياجات الخاصة) حيث لا توجد المعدات اللازمة لرعايتهم، هذا بالإضافة لما يتعرض له الأطفال من تحرش وتشغيل في أعمال خطرة، وهذا مسجل حتى في البلدان الغربية التي تتشدق بحقوق الطفل، ناهيك عن ملايين الأطفال الذين استنزفتهم الحروب في البوسنة والشيشان والعراق وفلسطين واليمن ومالي وسوريا وليبيا وغيرها...
وكل هذا غيض من فيض، ولكنهم ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
وأمام ما نشهده اليوم من مآسٍ للطفولة تطال الأسرة والمجتمع والعالم بأسره، نتساءل:
أي حقوق حققتها الأمم المتحدة بعد ثلاثين عاما أصبح الطفل بعدها كهلا؟
وما هي الآمال التي تتطلع إليها منظمة اليونيسيف في هذه الحملة الإعلامية الجديدة من أجل الأطفال؟
وأجيب عن هذه التساؤلات من وجهة نظر الإسلام:
لقد ركز الإسلام العظيم على حماية الأطفال ونظر لهم على أنّهم زينة الحياة الدنيا، وكفل للطفل حقوقا كثيرة متعددة، بداية من النسب الثابت الموثق للطفل وذلك من خلال جعل الزواج الطريقة الوحيدة المشروعة للإنجاب، فيضمن حقه في أن يكون له أبوان معلومان موثقان.
واهتم بحضانته ورضاعته الطبيعية سواء من أمه أو من مرضعة غيرها، وأمر الأب بأن ينفق على رضاعته إذا تطلب الأمر وفق سعته وقدرته في كل الجوانب التي يحتاجها، فكفل له أن يعيش في كنف والديه ليعتنيا به صحيا ونفسيا، وتعليميا، ثم كلفهما بحسن تربيته حيث يبدأ ذلك من حين كونه جنينا في رحم أمه، فيحرم قتله، وإجهاضه، كما توعد الله قاتلي أطفالهم بالخلود في النار جزاء ما فعلوا.
وللطفل حق العلاج، ورعايته صحيا في حالة مرضه، وعدم إهماله إلى أن يتم شفاؤه، وقراءة المعوذات عليه، مثلما كان يفعل النبي بالمسح على رأس الطفل ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبْ الْبَأْسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَماً».
كما ساوى الإسلام بين جميع الأطفال حيث أنكر الإسلام التمييز بين الذكر والأنثى، فالله وحده هو واهب الأبناء، يعطي من يشاء إناثا، ومن يشاء ذكورا، وأمر الوالدين بالعدل بينهم.
وأوْجب تعليم الطفل وتثقيفه، وهذا حق رئيسي للأطفال في الإسلام وواجب على الأبوين أن يحرصا على تعليم أبنائهم وتدريبهم على كل ما ينفعهم من أمور الدين والدنيا كتدريبهم على السباحة والرمي فإنه نكاية العدو وتنشئة الأجيال ليكونوا قادة المستقبل ورجال الدولة ويدخل في عموم قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾.
ومن أبرز حقوق الطفل المشروعة، اللعب، فلا يجوز منعه من ذلك، بل إن من قواعد التربية أن يداعب الوالدان أبناءهما سبع سنوات، ثم يعلمونهم سبع سنوات، ثم يصاحبونهم.
وتربية الطفل على العقيدة الإسلامية حق تميزت به الشريعة الإسلامية، وتقع هذه المسؤولية على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى.
كما حافظ الإسلام على مال الطفل اليتيم من الضياع وأمر بعدم أكله بالباطل، وأولى الأيتام رعاية خاصة بهم...
وهكذا فإنّ الإسلام يعزّز الحلول الجذرية للرعاية الأصيلة التي تهتدي بحقوق الطفل المُثلى، وهذه الحلول لن تتكامل إلا بمنهج الإسلام السليم وفق الأحكام الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خديجة بن حميدة