- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الغاز والنفط في تونس: أنابيب تضخ، وجيوش تحرس
فما هو نصيب أهل البلد؟
الخبر:
أكد سليم الفرياني وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة في برنامج "ميدي شو" يوم الجمعة 7 شباط/فبراير 2020 أن حقل "نوارة" انطلق فعليا في الإنتاج وكان يوم الأربعاء الماضي يوما تاريخيا بعد انتظار لسنوات.
وأوضح أن المشروع ككل يتكوّن من حقل "نوارة" الذي يضم 9 آبار وأنبوب الغاز الذي يمتد على طول 370 كم، ومحطة المعالجة النهائية في "غنوش" قابس، وتم حاليا الانطلاق بثلاثة آبار إنتاج، لافتا إلى أن حقل "نوارة" يؤمّنه الجيش الوطني، كما أنه يتموقع قرب قاعدة عسكرية.
وتابع أن المحطة مكنت من توفير 300 موطن شغل على عين المكان، ويتضمن العديد من الكفاءات والإطارات التونسية كما سيوفر في المستقبل القريب العديد من مواطن الشغل، لافتا إلى أن المشروع تم إنجازه بالشراكة مع مؤسسات تونسية وبكفاءات أغلبها من تونس. ولفت إلى أن حق الدولة التونسية محفوظ، موضحا أن مساهمة الدولة التونسية في حقل "نوارة" هي في حدود 50 بالمائة عن طريق المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، لكن المداخيل ستكون أكبر باعتبار الأداءات.
التعليق:
لم يعد يشك عاقل في تونس، أننا نعيش في بلد مختطف، منزوع السيادة والإرادة، وفاقد لكل مناعة أمام الاستعمار المتربص برفات دولة لا يزال ينفخ فيها من روحه. فبعد وضعنا بين مطرقة العجز الحكومي الذي أرهق بقايا حكومة تصريف الأعمال، وسندان التعثر في تشكيل حكومة جديدة، أطل علينا وزير الصناعة في تونس السيد سيلم الفرياني، ليعلن أمام الجميع وبثقة مصطنعة أن حق الدولة محفوظ من إنتاج الغاز والنفط في حقل "نوارة" الذي تم تدشينه مؤخرا، وأن الجيش بصدد حماية كل المنشآت النفطية في البلاد لا حقل "نوارة" فحسب، كما ورد خلال حواره على إذاعة موزاييك.
وهنا، يحق لنا أن نتساءل: من سيصدق وجود ضمانات فعلية تحفظ الحقوق إذا كانت الدولة لا تضع يدها على ثرواتها ومقدراتها بل لا حق لها في ذلك بموجب اتفاقيات سابقة؟ ألم تعط الدولة حقل "ميسكار" بالكامل إلى الشركة البريطانية "بريتش غاز" (شال حاليا) منذ سنة 1992 دون أن يكون لها أي نصيب من محاصيل الإنتاج مع أنه يعادل حقل "نوارة" في إنتاج الغاز الطبيعي بحسب المصرح به؟ ألم تجمع كل الحكومات المتعاقبة على شراء الغاز الطبيعي مما تنتجه أرضنا إلى اليوم بالعملة الصعبة؟ فهل من يواصل السير في هكذا سياسات ويفرط في أكبر مورد من موارد الدولة، بقادر على أن يحفظ الحقوق ويسترجع الثروات؟
ثم أليس الهدف الرئيسي من مشروع "نوارة" هو تمكين بقية الشركات البترولية من استغلال الأنبوب الممتد إلى قابس على مسافة 370 كم لنقل إنتاج آبار مجاورة جنوب البلاد، وهو ما يفسر كلام الوزير حول المداخيل المتأتية من الأداءات التي هي أشبه بالفتات؟ أفلا تسيء الدولة بذلك إلى المؤسسة العسكرية حين تسيّج حقول الغاز والنفط بالأسلاك الشائكة، وتجعل من أبناء الجيش مجرد حرس يؤمّن عمليات النهب المنظم والمقنن للثروة الطاقية تحت سقف "حالة الطوارئ" على غرار تجربة المناطق الخضراء في العراق؟ وإلى متى سيظل الشعب يدفع ثمن السياسات الفاشلة وغباء الحكومات المستوردة لغازها عبر فواتير الكهرباء الخيالية؟
نطرح هذه التساؤلات، ونحن على يقين أن النظام الرأسمالي الذي انتهت صلاحيته وفشلت دساتيره في توجيه شعوب الأمة الإسلامية، عاجز على حفظ الحقوق واسترجاع الثروات، وقد رهن بلادنا إلى مؤسسات النهب الدولي، واقتصرت معالجاته على الملكية الفردية وملكية الدولة، أو على التأميم في أقل الحالات سوءا، مع أنه حل ترقيعي.
ولذلك، فعلى كل مسلم عاقل، أن يسارع إلى العمل لإقامة دولة الإسلام، دولة الخلافة، الوحيدة التي تقيم وزنا للملكية العامة وتمنع العبث بنظم الإنارة والتدفئة وامتلاك المناجم وآبار الغاز والنفط، فتوظف كفاءات البلد في مشاريع استخراج الطاقة، لا لتستأثر بالأرباح ولا لتتقاسم الإنتاج مع الاستعمار وشركاته الناهبة أو تتنازل عنه مقابل بقاء حفنة من الموظفين في الحكم، بل لتشرف الدولة على توزيع عائدات الغاز والنفط توزيعا عادلا كما ينص على ذلك الشرع الذي أوكل لها مهمة التصرف بجميع هذه الملكيات العامة وإدارتها وتمكين الناس جميعا من الانتفاع بها ومنع الأفراد من السيطرة عليها أو التحكم بها حفظا لحقوق الناس وحفاظا على استقرار المجتمع. قال r: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ». رواه أحمد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. وسام الأطرش – ولاية تونس