- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مستعمرات أوروبا ملك يمين البنك الدّولي
يفقّرها ثمّ يضع معايير الفقر ويصنّفها حسبه
الخبر:
صنّفت تونس كواحدة من أفقر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفق تقرير أعده البنك الدولي حمل عنوان "تسريع الحد من الفقر في أفريقيا لسنة 2019". ووفق التقرير نفسه فإن نصف مليون تونسي يعيشون على 4 دنانير فقط في اليوم. ويعرف التقرير ظاهرة الفقر كل من يعيشون بأقل من 20.3 دولار (9 دنانير). وتعتبر اليمن ومصر والعراق وتونس والأردن والمغرب من أشد البلدان فقرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتأتي تونس في المرتبة السادسة إذ تصل نسبة السّكان الواقعين تحت خط الفقر المحلي في تونس إلى 2,15% من إجمالي عدد السكان. (صحيفة الشروق أونلاين 2020/02/05).
التعليق:
يحدث أن يكون المتسبب في معاناة الشعوب هو حاكمها وجلاّدها، وأن يكون دائن حكوماتها هو سارقها، وأن يجول في ديارها المستعمر في ثوب المستثمر، وأن يكون القاضي قانوناً دوليّاً ينصف الجاني ويعاقب المجني عليه، وقس على ذلك ما يحدث الآن في كلّ البلاد الإسلامية من إبادة الأسد لشعبه بمعاضدة دولية، وإجرام كيان يهود وما يقابله من مشروع أمريكي في الأرض المباركة فلسطين، وما يجري في تونس وليبيا واليمن والسودان ومصر...
ونأتي للحديث عن البنك الدولي "مصّاص الدّماء" الذي يزعم أن من بين أهدافه الرّئيسيّة القضاء على الفقر من خلال العمل على تخفيض عدد الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر حول العالم إلى 3% بحلول عام 2030 وتحسين مستوى معيشة أفقر 40% من السكان في كل دولة. هذا البنك "مصّاص الدّماء" الذي منذ أوّل زيارة رسميّة له إلى تونس سنة 1960 شجّعها على الاقتراض الخارجي ثمّ في مرحلة لاحقة سنة 1983 أوصى بتجميد الأجور ورفع الدّعم عن المواد الأساسيّة ووقف الانتدابات في المؤسّسات العموميّة. ومنح قرضين سنة 1986 لقطاعي الفلاحة والصناعة شريطة التزام الحكومة بعدم دعم المدخلات الفلاحية وخوصصة أكثر من نصف المؤسسات العموميّة. وفي السّنة نفسها فرض صندوق النّقد الدّولي أوّل برنامج تعديل هيكلي على البلاد... وهكذا فإنّ سياسات التقشّف وإلغاء الدّعم الحكومي والخصخصة وتحرير التّجارة ووقف الانتدابات التي لم تنجح سابقا يصرّ البنك الدّولي على مواصلة فرضها إلى الآن، هذا الإقراض المشروط و"الإصلاحات الهيكليّة" هي سياسات تدميريّة بامتياز أضعفت البلاد وأجحفت بالعباد وآلت إلى أن تصنّف تونس ومثيلاتها في خانة الفقر. وما زالت تونس توقّع الاتفاقيّات مع البنك الدّولي التي كان آخرها في 30 كانون الثاني/يناير 2020 بقيمة 95,913 مليون دينار (1,307 مليون يورو)!
إنّ المديونيّة هي تمهيد للعبوديّة، أفلم يحن الوقت لفكّ ارتباطنا بهذه المؤسسات والهيئات العالميّة التي تضخّ أموالنا المنهوبة باسمها لتثبّت جذورها وتستوطن في أراضينا؟ ألا يكفينا ارتهانا خارجيّا؟! أنسينا تاريخا قريبا عبّد الطريق لفرنسا لتستعمرنا تحت "حماية فرنسيّة" بسبب التمادي في التّداين الخارجي والعجز عن تسديد القروض؟ ألم يتأسّس قبلها الكومسيون المالي الدّولي (لجنة مالية دولية) سنة 1869 الذي استقرّ بتونس (وما زال شارعه يحمل اسمه في العاصمة) والذي ضمّ أهمّ ممثلي الدّول الدّائنة وأخضع المالية التونسية للرّقابة الدّوليّة بحجّة مساندة البلاد في سداد ديونها وترشيد نفقاتها فإذا بفرنسا تغزوها بعد 12 سنة؟!
إنّ البنك الدّولي وتوأمه صندوق النّقد الدّولي جزء من النّظام الذي سبب الأزمة التي ألقت بظلالها على كلّ البلاد الإسلاميّة، وما خلاص هذه الأمّة إلاّ باستئصال ورم الخضوع والخنوع والتبعيّة الذي يسري في أوصالها بالعمل الدؤوب على استرجاع سيادتها، في دولة يكون فيها السّلطان بيدها والحكم فيها للّه وحده.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش