- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
القوانين العلمانية التي وضعها البشر عُرضة للتلاعب
(مترجم)
الخبر:
وافقت الجمعية الوطنية التنزانية على مشروع قانون يبدو أنه يوفر الحصانة لرؤساء أجهزة الدولة من خلال تعديل 13 قانوناً مختلفاً ينتظر الآن الرئيس لتوقيعه ليصبح قانوناً مفعلا.
التعليق:
قاومت المعارضة بشدة مشروع القانون ووصفته بأنه درع يحول دون محاسبة الرئيس أو نائب الرئيس أو رئيس الوزراء أو رئيس المجلس أو نائبه أو رئيس القضاة، على أي فعل أو امتناع عن أداء واجبهم، مطالبين بمثل هذا الالتماس ضد المدعي العام.
وعارضت ما مجموعها 220 منظمة من منظمات المجتمع المدني التعديلات التي قالوا إنها تهدف إلى فرض قيود على رفع القضايا المتعلقة بانتهاك الحقوق الدستورية من خلال تمكين المحكمة العليا من رفض القضايا التي لا تستوفي هذا الشرط. وبالتالي، تعزيز الأحكام على حصانة رؤساء أجهزة الدولة.
ويكشف إجمالي مشروع القانون عن غموض المفهوم الاستعماري بالإضافة إلى ضعف وعدم كفاءة التشريع العلماني الذي وضعه البشر بطرق عديدة:
أولاً: من خلال انتهاك حقوقهم الدستورية التي وضعوها بأنفسهم، ما يؤدي إلى تآكل مبدأ الفصل بين السلطات والمساءلة وحماية المصلحة العامة والحكم الرشيد ووضع الدستور باعتباره القانون الأم.
ثانياً: يصور بوضوح الطبيعة المتناقضة للنظام الديمقراطي العلماني في إقامة العدل، من خلال المطالبة بطريقة ما بتعزيز المساواة أمام القانون وإرشادها وإلقاء محاضرات، فيما من الجانب الآخر يوفر ويعامل الآخرين بامتيازات خاصة إلى حد استحقاق الحصانة القانونية.
ثالثاً: إن مفهوم الحصانة القانونية الذي يمنح الفرد أو الكيان حالة عدم تحمل المسؤولية عند انتهاك القانون، هو عقيدة غربية وتقليد استعماري مأخوذ عن النظام القانوني البريطاني المستمد من امتيازه الملكي، كوسيلة لحماية الأرستقراطيين ومصالح الطبقة الثرية. ومنه، ينشأ عدد من الحصانات القانونية مثل الحصانة السيادية، التي تمنع الدعاوى القضائية ضد الحكام أو المسؤولين الحكوميين، والحصانة البرلمانية الممنوحة للمسؤولين المنتخبين خلال فترة عملهم وأثناء واجباتهم، والحصانة القضائية للقاضي أو القاضي في الدورة أثناء أدائه واجباته الرسمية، وما إلى ذلك.
رابعاً: يمكننا أن نرى بوضوح كيف يتم استغلال القانون العلماني بسهولة لتلبية مصالح معينة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية، حيث يمكن للسياسيين ليّ القوانين واللوائح وتعديلها والالتفاف عليها كلما احتاجوا من أجل حماية أو تحقيق أهدافهم المطلوبة. في الواقع هذه هي طبيعة القوانين الوضعية التي وضعها البشر، والتي تكون عرضة للتغيير والتلاعب بها بسهولة في كل وقت.
ناهيك عن الكذب الواضح وعدم التناسق من هدفها الأساسي. نشأت الأيديولوجية العلمانية نتيجة لمعارضة ورفض إعطاء الأديان السلطة في شؤون الحكم، مما يعني منعها من أن يكون لها أي رأي في إدارة شؤون الدولة. ومع ذلك، يثبت هذا السيناريو عكس ذلك تماماً، بعد أن تم إبعاد رجال الدين النصارى الذين كانوا يتمتعون بمركز أنصاف الآلهة وحكمهم الثيوقراطي بعيداً عن الحكم، جاء الحكم الديمقراطي ليقدم نموذجه الخاص من الحصانة القانونية. الآن، تم نقل سيادة حكم الله إلى نخبة السلطة، الذين اختبأوا خلف ممارسة السيادة باسم الجماهير.
في الإسلام في ظل دولة الخلافة، لا توجد حصانة قانونية لأي المناصب العامة، ويجب على جميع الرعية الالتزام بالقوانين وجميعهم معرضون للمحاسبة. في جوهرها، في دولة الخلافة محكمة المظالم ومهمتها مراقبة الحكام وموظفي الدولة عن كثب لضمان عدم انتهاك القوانين أو إساءة استخدام السلطة التي تحت أيديهم. وللمحكمة الحق في عزل أي حاكم أو موظف في الدولة، بنفس الطريقة التي لها الحق فيها في عزل الخليفة، إذا كان حكم القضاء يقضي بذلك.
إننا ندعو جميع الذين يعتقدون أن الديمقراطية يمكن أن تنقذ البشرية ليروا بأم أعينهم كيف تنحني أمام الأقوياء وتدوس على الضعفاء. إن نظام الحكم في الإسلام أبعد ما يكون عن منح الحصانة أو الامتيازات، وبالتالي فإن جميع الحكام وممثلي الأمة يخضعون للقوانين. إنه نظام عادل ومنصف يضمن إعطاء جميع الحقوق لمن يستحق، ولا ظلم، ولا تعسف، ولا قمع، ولا حصانة لأحد مهما ارتفعت مكانته. قال النبي محمد ﷺ: «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» (رواه البخاري)
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسعود مسلم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في تنزانيا