- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ما سبب المآسي التي تحذر الأمم المتحدة من حدوثها في السودان؟!
الخبر:
قالت منسق الأمم المتحدة المقيم للشؤون التنموية والإنسانية في السودان السيدة قِوِيْ يُبْ سُن: "إن أكثر من 9.6 مليون شخص، أي ما يقرب من ربع مجموع سكان السودان، يواجهون الجوع الشديد، وهذا أعلى رقم جرى تسجيله على الإطلاق في السودان.. وأن السودان في أشد الحاجة إلى أكثر من 283 مليون دولار أمريكي لدعم الحكومة، محذرة من وقوع "سلسلة من المآسي" إذا لم يتم التصرف بشكل عاجل. (منقول بتصرف من وكالة سونا 2020/7/19م – روسيا اليوم).
التعليق:
لقد ظل الجوع والفقر والمرض صفة ملازمة لأهل السودان في ظل كل الحكومات منذ دخول المستعمر وإلى اليوم، فقد غير أهل السودان عدداً من الحكومات (عسكرية أو مدنية) لفشلها في القيام بواجبها في رعاية شؤون الناس، ولكن بعد كل تغيير تأتي حكومة أسوأ من التي سبقت، لأن الذي يتغير هم الأشخاص، ولكن يظل النظام الذي يصنع الفقر والجوع موجوداً، فإن كل الحكومات بعد الاستعمار ورثت نظامه في الحكم ونظرته للحياة، وهو النظام الديمقراطي الجمهوري العلماني، وفكرته في التشريع عبر البرلمانات والمجالس التشريعية، وإطلاقه للحريات على المفهوم الغربي، وإقصاء حكم الله وشريعته سبحانه، وكل الحكومات تتفق في تنفيذ أجندة المستعمرين. صحيح أن ولاءات الحكومات قد تختلف؛ مرة لأمريكا، ومرة لبريطانيا، إلا أن أفكار الحكم والاقتصاد ظلت كما هي على الطراز الغربي؛ فالدولة في النظام الديمقراطي ليست راعية لشؤون الناس؛ وإنما هي جابية لأموالهم عن طريق الضرائب والجمارك، وناهبة لثرواتهم باسم الاستثمار، وصندوق النقد الدولي، مع تدخل سافر للمستعمرين ومنظماتهم وأدواتهم في الشأن الداخلي للدول، هذه المنظومة السياسية والفكرية هي وجهة نظر المستعمر، فكان من الطبيعي أن تفشل أي حكومة تطبق هذه المنظومة.
والمراقب للأوضاع يعلم علم اليقين أن الحكام يكذبون ويضللون الناس عندما يلقون بالفشل على غيرهم، فكل نظام يأتي يسب الذي قبله، برغم أن كلا النظامين يطبقان المنظومة الغربية نفسها التي هي أس الداء ورأس البلاء، فقد جاء نظام البشير مضللاً الناس أنه جاء ليطبق الشريعة، وأن مشكلة البلاد في العملاء والخونة فقط، برغم أنه كان أكبرَ خائنٍ، لأنه خان اللهَ ورسوله ولم يطبق شرعه، فكان يسب العملاء وأسيادهم، ويطبق نظامهم إرضاء لأمريكا، وكذلك جاءت حكومة قوى الحرية والتغيير لتسب نظام البشير، إلا أنها سارت في جرائم نظام البشير نفسها؛ تنفيذ روشتات صندوق النقد الدولي، وتمهيد البلد للانفصال إرضاء لبريطانيا، مع تعطيل الإنتاج، والتسول للدول الخارجية، وزيادة الضرائب، التي زادت في عهد قوى الحرية والتغيير إلى 40%، وكما ارتفع التضخم إلى 136.36% مع انهيار الجنيه أمام العملات ليصل الدولار الواحد قرابة الـ150 جنيهاً.
لذا كان من الطبيعي أن ينتبه كل عاقل إلى السبب الحقيقي للمآسي، وهو تطبيق النظام الديمقراطي الجمهوري. نعم تتغير الوجوه، ولكن تبقى أسس الدستور والقوانين تؤسس للنظام الغربي نفسه، يُضمِّنُها المستعمر في وثيقة أو دستور، ثم يأتي بها المبعوث أو سفير الدولة الأجنبية ليطبقها الحكام العملاء!
إن علاج مشاكل الجوع والفقر أسهل ما تكون في بلد مثل السودان الذي أكرمه الله تعالى بالخيرات العظيمة إذا وجد دولة مبدئية، تضبط السياسة والحكم، والمال، والمجتمع؛ بأحكام الله وشرعه، فتقوم الدولة بواجبها الأساس وهو رعاية الناس وإشباع حاجاتهم الأساسية وإعانتهم على إشباع الحاجات الكمالية، ولا يفعل ذلك إلا دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، قال النبي ﷺ: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (أصحاب السنن).
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان