- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ترامب ليس سوى مسمار في نعش الرأسمالية
الخبر:
أثار ما قام به الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب في العاصمة الأمريكية واشنطن، وما قام به أنصاره، الذين وجه لهم الدعوة للاجتماع لعدم القبول بنتائج الانتخابات، من اقتحام لمبنى الكابيتول أو ما يسمى بالكونغرس أثناء اجتماع مجلسي النواب والشيوخ للمصادقة على نتائج الإنتخابات الرئاسية، أثار هذا الحدث عاصفة من ردود الفعل العالمية. (الخميس الموافق 2021/01/07م)
التعليق:
لم يكن الكثير من الناس يتوقعون ما حصل في العاصمة الأمريكية واشنطن، أكبر ديمقراطية في العالم، كما يحلو للأمريكيين أنفسهم أن يقولوا، وقد كثرت ردود الفعل التي تلت هذا الحدث، وتناولت غالبيتها الحدث بشكل سطحي، حيث صُوّر الحدث نفسه والعنف الذي صاحبه، مع إبداء الدهشة مما حصل وتوجيه أصابع الاتهام نحو الرئيس الأمريكي الذي هيج المتظاهرين بخطابه وافتعل تلك الأزمة.
وأما الذي ينظر بعمق إلى هذا الحدث ويضعه في موقعه ضمن الصورة الكبيرة للحضارة الغربية الزائفة، فسيرى كثيرا من التشابه بين ما يحصل في أمريكا وبين ما يحصل في غيرها من دول الغرب الممثلة لتلك الحضارة، وأن سبب ما يحصل هو أبعد ما يكون من ترامب وأمثاله من الرؤساء وأصحاب السلطة "الشعبويين"، كما يطلق عليهم، وأن هؤلاء ما هم إلا نتيجة حتمية للانقسام الحاد الحاصل بين مختلف شرائح المجتمع في الغرب، والعنصرية تجاه العرقيات الصغيرة من مسلمين ومهاجرين من أصول مختلفة. وأن هذا بدوره نتيجة لعدم قدرة المبدأ الرأسمالي على ربط هذه الشرائح بعضها ببعض وصهرها في بوتقة واحدة، بل هو على العكس من ذلك تماما، فهو يعمل على تقطيع أوصالها وتعميق الهوة بينها بما ينبثق عنه من مقاييس أنانية ومفاهيم فاسدة تقدس القيمة المادية وتجعلها ميزانا لجميع الأعمال.
إن تلك المفاهيم الرأسمالية السائدة في المجتمعات الغربية، جعلت حامليها ومعتنقيها أشبه بالوحوش الضارية، يفترس القوي منها الضعيف، وزادت الهوة عمقا واتساعا بين طبقات المجتمع، وتأججت بذلك مشاعر الكراهية والضغينة والحسد. وهكذا فعندما تسود تلك المشاعر البغيضة، يكون من السهل بمكان ظهور قيادات شعبوية تمتطي تلك المشاعر للوصول إلى السلطة.
تلك هي الحالة التي وصلت إليها دول الغرب وعلى رأسها أمريكا، أما القادم، فهو أشد وأنكى، والوعود التي يطلقها أصحاب السلطة حول قدرتهم في إيجاد معالجات لمشاكل الناس، ما هي إلا أكاذيب وأوهام، والسبب في كل تلك المشاكل، يكمن في المبدأ الرأسمالي نفسه وما انبثق عنه من مفاهيم هدامة وأنظمة جائرة.
نعم، إن الرأسمالية تحمل بذرة فنائها واندثارها في أحشائها، فانهيارها حتمي لا محالة، فهذا التصعيد والتوتر في أمريكا، الدولة الأولى في العالم، ليس مجرد أزمة عابرة، كذلك هي التوترات في فرنسا والدنمارك وغيرها من دول الغرب، حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ما هو إلا من آثار عجز هذا المبدأ الوضعي عن صهر الشعوب والقوميات ومعالجة مشاكلها ورعاية شؤونها بشكل عادل، إن تلك الأزمة هي أزمة وجود وبقاء، وما هذا الذي نراه إلا تشنجات جريح ينتظر الضربة القاضية ليلقى حتفه، والله نسأل أن تكون هذه الضربة على يد المبدأ الإسلامي الذي ستطبقه وتحمله الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بشرنا بعودتها رسولنا الكريم ﷺ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد بليبل