- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الهروب من الدولار!
الخبر:
"بيتكوين" تحلّق وتكسر حاجز 48 ألف دولار.
التعليق:
إنها جريمة بحق البشرية! أكبر سرقة لمدخرات الناس وشقاء عمرهم تكون عبر تبني العملة الورقية غير المدعومة بالذهب والفضة. ففي وقت الأزمات المالية والاقتصادية تقوم الدول بعملية ضخ للعملة بشكل كبير ما يسبب غالبا التضخم وأحيانا "التضخم المفرط" مثلما حصل في زيمبابوي والأرجنتين. وهذا يفقد العملة قيمتها، حيث إن عملية الضخ هذه تكون على حساب الكتلة المالية الموجودة من قبل. وهكذا يخسر الناس قيمة مدخراتهم ومعاشاتهم التقاعدية.
فأمريكا ضخت حوالي 2٫3 تريليون دولار في شهر أيار 2020 ثم 900 مليار دولار في كانون الأول من السنة ذاتها، و1٫9 تريليون دولار في شهر شباط 2021، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي حيث ضخ حوالي 2٫3 تريليون يورو.
وتقوم الشركات الكبرى وصناديق التحوط التي نالت حيزاً كبيراً من الحزم التحفيزية بعملية المضاربة في أسواق المال فترفع من قيمة أسهمها وأسهم غيرها لتعود مؤشرات أسواق المال إلى اللون الأخضر. فبين شهري شباط وآذار 2020 هبط مؤشر داو جونز حوالي 11 ألف نقطة (36٪) ثم عاود الصعود بعد تدخل البنك الفيدرالي من خلال عملية تيسير كمي على شكل ديون وذلك قبل إقرار ضخ 2٫3 تريليون دولار في أيار من السنة ذاتها.
وبالرغم من أن أمريكا تضخ عملتها عالميا على قاعدة "تصدير الأزمة"، ومعظم الدول ما زالت تضع ثقتها باقتصاد أمريكا وتقر بتفوق عملتها، إلا أن عملية الضخ هذه لا تتم دون عواقب. فمن ناحية صعدت أسعار المعادن الثمينة كالذهب والفضة بنسبة 35٪ وتراجع مؤشر الدولار مقابل سلة العملات العالمية بنسبة 9٪ وارتفعت أسعار السلع بشكل عام حوالي 5٫5٪ بالرغم من تراجع الطلب عالمياً. ولكن ما كان مفاجئا هو صعود العملة الرقمية "بيتكوين" وذلك بنسبة تتجاوز الـ500٪ وهذا بعد أن أعلنت شركة تيسلا لصناعة السيارات شراءها ما قيمته 1٫5 مليار دولار من العملة الرقمية مما يشير إلى أن الشركة قامت بتحويل جزء من أموالها إلى العملة الرقمية وكذلك فعلت شركة مايكروستراتيجي حيث حولت 3٫2 مليار دولار إلى عملات رقمية من ضمنها 1٫15 مليار دولار إلى "بيتكوين". وأعلنت شركة تيسلا بلسان رئيسها أنها ستقبل الدفع مقابل سياراتها الكهربائية على شكل عملة البيتكوين.
إن ما يحصل هو عملية هروب من عملة الدولار إلى ملاذات أخرى نظرا لتراجع قيمته. وهذا فقط يحصل عند من لديه كم هائل من النقد أي الشركات الكبرى والرأسماليين الكبار. فهؤلاء حتى الآن لم يخسروا خلال جائحة كورونا. أما عامة الناس فكما أسلفنا خسروا القوة الشرائية لديهم بسبب تضخم العملة وارتفاع الأسعار. عدا عن الذين خسروا وظائفهم وأصبحوا دون دخل. ولكن هذا الهروب من الدولار ليس باتجاه ما هو آمن وحقيقي، بل يهربون من وهم إلى وهم ويعالجون المشكلة بأخرى. فعملة البيتكوين لا يتم التعامل معها كعملة بل كأصول مثل الأسهم والسندات. ولو كانوا حقا يريدون الذهاب إلى ملاذ آمن لتخلصوا من الدولار واتجهوا إلى الذهب كعملة حقيقية لا تتضخم وقيمتها ذاتية. لكنهم يرفضونها لأنها تحد من تلاعبهم في الأسواق وتقلص من ثرواتهم الفاحشة وتحقق ميزاناً عادلاً في الدخل بين طبقات المجتمع. هؤلاء أعداء العدل والخير يريدون نشر الفساد والفواحش.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد اللطيف داعوق
نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان