- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل نستطيع الاستمرار في العيش في ظل الديمقراطية؟
(مترجم)
الخبر:
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أشار خلال المؤتمر الاعتيادي السادس لرابطة الشباب لحزب العدالة والتنمية، إلى حقيقة أن هناك أشخاصاً يحاولون تسويق أيديولوجيتهم الهامشية، ونظرتهم المنحرفة وطريقتهم في الحياة ضد الطبيعة تحت قناع الحداثة، قال: "لا يوجد مجتمع في التاريخ يفقد دينه ولغته وثقافته وقيمه ثم يتمكن من الاستمرار في البقاء. من الممكن الاسترسال في المزيد من الأمثلة. المهم هو أن تختار ما تبحث عنه في الحياة". وشدد أردوغان على أن النبي محمداً ﷺ هو أعظم وأكمل نموذج. (جريدة مليات، 2021/03/15م)
التعليق:
قال تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّٰهِ اَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3]
إن نموذج النبي محمد ﷺ لا جدال فيه. ومع ذلك، لا بد من معرفة أن هذا النموذج يتجاوز إلى حد بعيد عالم فكر الرويبضات، الذين يحاولون أن يصبحوا رسل الديمقراطية ويعملون ليل نهار لجعلها مهيمنة في كل مجالات الحياة. ما يريدونه من الشباب هو المثالية في الأخلاق والعبادة فقط.
إن تناقضات أردوغان في خطابه، وحقيقة أنه يلبس الحق بالباطل، ويسخر من عقول الناس من خلال عكس الواقع، ويوجه الشباب لطريق الشر ويقدم تناقضاته على أنها نجاح، أصبحت هي سلوكياته المعتادة.
كيف تتناسب العلمانية والديمقراطية مع طبيعة محاولة فرضك هذه الأفكار المنحرفة في كل مجال من مجالات الحياة؟ في حين إنها تقوم على أساس العداء لديننا، وقيمنا، فلماذا هي مباركة بحق؟
والغريب أن أردوغان، الذي يخبر الشباب عن نموذج النبي محمد ﷺ، وتضحية السلطان محمد الفاتح، وشجاعة سليم الأول، ومثابرة عبد الحميد الثاني، ويجسد كفاح هذه الشخصيات المنتقاة، وهؤلاء القادة الذين فتحوا القارات من أجل تحكيم الشريعة ولم يبخلوا في دفع أي ثمن لحماية شرف وكرامة المسلمين، ثم يتوقع أن يصبح مصطفى كمال الذي نحى أولئك الذين عملوا على ضمان وحدة المسلمين، وأحكام الشريعة، مثلا يحتذى به!
بل إن تقديمه الأشخاص الذين أبعدوا الإسلام عن التطبيق في الحياة وطبقوا أفكار الكفار الغربيين في نظام الحكم وأنظمة الاقتصاد والتعليم والقضاء والاجتماع، كشخصيات نموذجية للشباب، هو مؤشر على المدى الذي وصل إليه الاضمحلال. أليست هذه العقلية هي التي قسمت الأمة إلى أشلاء وجعلتها تنقلب على بعضها لمدة قرن؟ أليست هي ما أفسد الأسرة والأجيال والمجتمع وأعلنت عن تخليد الحريات باسم الديمقراطية بدلاً من أحكام الله سبحانه وتعالى النقية؟! أليست هي من تجعل العلاقة مع الكفار علاقة مصلحة ولو على حساب دماء المسلمين وأرواحهم وأموالهم؟! أي مستقبل تتحدث عنه يا أردوغان، عندما تكون الأفكار الديمقراطية العلمانية التي تكرسها، تدوس على كل قيمنا؟!
ألا تعلم كيف تهدر مشاعر الناس الإسلامية في سياساتك غير الحاسمة؟ لقد وصفت كيان يهود بالإرهابي طوال سنوات وقلت "التطبيع لن يحدث طالما أنا في هذا المكان". ورغم ذبح عشرة من مواطنيك، تحدثت عن ضرورة وجود هذه الشراكة وعن التطبيع دون تردد، واستمرت علاقاتك بهم. قبل أيام قليلة ذكرت التطبيع مع مصر، حيث السيسي، الذي وصفته بمخطط الانقلاب، هو الرئيس. بعد كل شيء، المصالح فوق كل القيم بالنسبة لك...
أية ثقافة وقيم؟ هل ستأخذ هذا الشعب بأمان إلى المستقبل مع اتفاقية إسطنبول التي أفسدت الأسرة والجيل والمجتمع والقوانين القائمة على تحرير المرأة والحقوق الممنوحة للمثليين المنحرفين؟ كيف سننقل ديننا وثقافتنا وقيمنا إلى المستقبل عندما تكون الديمقراطية مصدر كل هذه المحرمات والجرائم؟ وكيف لنا أن نستمر في العيش بعيداً عن القيم التي تجعلنا ما نحن عليه؟
يا أردوغان: الآن بعد أن تحدثت إلى الشباب ودعوتهم لجعل النبي محمد ﷺ أسوة وقدوة، إذن، إن كنت مخلصاً، فالواجب أن تظهر فيك أولاً. أنت تجعل من نفسك رسولا للديمقراطية، بتحييدك الشريعة التي أتى بها الرسول للحياة، بل وتعتقل المسلمين المخلصين الذين يكافحون من أجل تطبيق هذه الشريعة في الأرض من جديد. بهذه الممارسات، أنت تحمل الديمقراطية إلى المستقبل، وليس قيم الشعب المسلم.
هذه الأمة، بالتأكيد، ستضمن دينها وقيمها وثقافتها، وستهدم الأنظمة الديمقراطية العلمانية، وستهزم الكفار المعادين للمسلمين الذين صادقتهم، وستحافظ على النموذج المثالي للرسول ﷺ في كل مجال من مجالات الحياة، وستطبق شريعة الله سبحانه بالكامل، وستعمل على بناء السلام والثقة وإقامة دولة الخلافة. وإن هذا لقريب جدا إن شاء الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد سابا