- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾
الخبر:
كشف المدير العام لهيئة مياه الخرطوم، مأمون حسن، عن قرار بتوزيع مياه الشرب عبر "التناكر" لمعالجة شحّ المياه في عددٍ من أحياء العاصمة الخرطوم. وقال حسن في تصريحاتٍ الاثنين، إنّ لجنة مكوّنة من والي ولاية الخرطوم، أيمن خالد، قرّرت توزيع مياه الشرب عبر "التناكر" في المناطق التي تشهد عطشاً وشحاً في المياه.
فيما أقرّ حسن بمشكلات تواجه الهيئة في توفير إمداد مستقرّ للمياه تتعلّق بتهالك محطات مياه الشرب. وأشار إلى عزم الهيئة صيانة محطة بري، فضلاً عن خطة إدارته لصيانة وإنشاء محطات بالعاصمة الخرطوم. (وكالات: أثير نيوز)
التعليق:
إن الماء من أعظم النّعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده، وهو سرّ الحياة لجميع الكائنات الحية، والسبب الذي يجعل الحياة ممكنة على الأرض، وقد وصف الله تعالى الماء في القرآن الكريم بوصفٍ مختصر، وكيف أنه جعل كلّ شيءٍ حيّاً من الماء بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، وهذا يدلّ على أهمية وجود الماء في أيّ مكان، فهو امتداد لوجود كلّ الكائنات في الحياة ولا يُمكن الاستغناء عنه أبداً. فوجود الماء لا تقتصر أهميته على كونه المشروب الأساسي للكائنات الحية، بل إنّ أهميته تعود إلى خصائصه الكيميائية التي لا يتمتع بها أي مشروب آخر.
كما أنّه نعمة للطبيعة وسببٌ من أسباب تعافيها، وغياب الماء يُشكل فزعاً كبيراً للناس، ويُنذر بالجفاف والموت، حتى إنّ العرب وصفوه بأنه (أهون موجود وأعزّ مفقود). يُشكّل وجود الماء هاجساً لجميع الناس، وأيضاً فإنّ العوالق المائية هي المصدر الأساسي للأكسجين في الكرة الأرضية، وتُنتج حوالي 90% من الأكسجين الجوي، وهي بهذا تكون رئة العالم ومصدر تنفسه. ممّا لا شكّ فيه أنّ الماء هو أساس الحياة؛ الماء أساس حياة الإنسان والحيوان والنبات، واستخدامه لا يقتصر على الشرب فقط، بل هو أساس الأمن الغذائي بالنسبة للإنسان والحيوان، فالنباتات التي هي الأصل في السلاسل الغذائية للكائنات الحية، أساس حياتها هو الماء، وتوافر النبات في أيّ مكان يعني توافر الحياة، وهذا كلّه يعود الفضل فيه إلى وجود الماء. عند القول إنّ الماء هو الأساس الذي ترتكز عليه استمرارية الحياة، فهذا القول لا يحمل أية مبالغة، لأنّ الماء يملك صفات عديدة تجعل منه شيئاً أشبه بالسحر.
ورغم هذه الأهمية القصوى للمياه في حياة الناس نرى أن الحكومات لا تبالي بهذا الأمر والناس يعيشون أشد المعاناة من جراء انعدام الماء بالأسابيع وربما تجاوز الشهر في مناطق، وتوفير الماء للناس ليس بالأمر العسير ولكنها عدم مبالاة الحكومات وتقصيرها المريع وعدم الاهتمام به هو ما أدى إلى الحال المزري الذي لا يطاق. يحدث هذا رغم ما قامت به الحكومة الانتقالية من مضاعفة فاتورة المياه مؤخرا وزيادتها بنسبة 350%، فالحكومة حكومة جبايات فقط تأكل أموال الناس بالباطل، وكل هذا من غير مقابل محسوس للناس، ثم إنها لم تقم بصيانة محطات المياه والتي من خلالها تتدفق المياه للناس! ويريدون تغطية تقصيرهم هذا بهذه الطريقة العقيمة بإعطاء كل بيت برميلاً للمياه في المناطق التي تعاني من العطش! وهذا هو ديدنهم؛ فبدل وضع الحلول الجذرية لمثل هذه المشاكل يقومون بتخدير الناس بضعة أيام ثم يتركونهم يعانون، ولا غرابة في ذلك في ظل نظام وضعي رأسمالي لا همّ له سوى جباية أموال الناس مع انعدام الرعاية التي هي من أوجب الواجبات ولا سيما إن تعلق الأمر بهذه الحاجة الحيوية كالماء الذي هو عصب الحياة.
ففي ظل مثل هذه الحكومات لن ينعم الإنسان بحياة كريمة بل سيجد فيها المشقة والعنت؛ لأن رعاية شؤون الناس هي آخر اهتماماتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ لأن مثل هذه الدول لا تتخذ الإسلام منهجاً لها في حل المشاكل والسهر على راحة شعوبها، فهي دول وظيفية لا علاقة لها بالإسلام الذي أوجب على الحاكم رعاية شؤون الناس، ويَعُدّ التقاعس عن هذه الرعاية إثماً يعاقب عليه أشد العقوبة ويوجب المحاسبة عليه من الرعية حتى يعود إلى رشده ويقوم بما كلفه الله تعالى به تجاه رعيته حق الرعاية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان