- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لصوص في وضح النهار!
الخبر:
انتشرت على مواقع التواصل في لبنان تسجيلات مختلفة، تنتقد رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي وميزانية حكومته الجديدة التي قدمها حلا للأزمة التي تعصف بلبنان، واعتبر المتكلمون أن هذه الميزانية تسلخ ظهور الناس وتسرق ما بقي في جيوبهم، وتجعل السرقات الكبرى بالمليارات من الزعماء الحاليين أمرا واقعا وصفحة مطوية، وسخروا من عبارة أطلقها ميقاتي في تصريح تلفزيوني قال فيها: "يجب أن يتحمل بعضنا بعضا"، وطالبوا برحيله هو وكل الزعماء فلم يعد بمقدور الناس التحمل، كما دعوا إلى مظاهرات واعتصامات أمام القصر الحكومي.
التعليق:
لقد أخطأ الشعب اللبناني خطأ تاريخيا، ما زال يدفع ثمنه باهظا حتى الساعة، وسيبقى إلى أمد غير معلوم يئن تحت وطأة البلاء والغلاء والاستعباد، وذلك بما كسبت يداه.
فبدل أن يعلق مشانق زعماء الحرب الأهلية السابقة، الذين تاجروا بدمائه سنين طوالا، وتفننوا في قتله وتهجيره وتدمير مدنه، لتنفيذ أجندات خارجية، وتحصيل مكاسب شخصية وفئوية، قام هذا الشعب بتعيينهم رؤساء ووزراء ونواباً، وأسلموا لهم رقابهم من جديد، فتفننوا في نهب ثرواته وإغراقه بالديون، فتهاوت قيمة الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية، ودمرت الصناعة المحلية، وسحقت الطبقة الوسطى، وصودرت أموال المودعين في المصارف، واشتريت الذمم وديست الكرامات، وزادت الفرقة بين أبناء البلد الواحد، وفقد الناس الثقة بينهم، واستعاضوا عنها بأحقاد طائفية وحزبية فككت الشارع المفكك سابقا، ومسخت قيم المجتمع، وسممت الأجواء السياسية، وأرخصت الذمم وحيّدت الأخلاق من حياة الناس، حتى تنبه هذا الشعب المكلوم لفظاعة ما جناه على نفسه من تنصيب قاتليه على رقابه من جديد، وتسليم مصيره ومصير أولاده لسارقين لا يخافون الله، ولا يقيمون لأي قيمة أو قانون أو عهد وزنا.
إن جريمة اختيار الشعب اللبناني لهؤلاء المجرمين حكاما عليه، لا تقل فداحة عن جريمة سرقة وقمع الزعماء له، وقديما قيل: الشعب الذي ينتخب اللصوص والفاسدين ليس ضحية، بل هو شريك في الجريمة!
إن الشعب اللبناني اليوم يحصد ما زرع على مدى عقود من الخضوع والتطبيل والتعصب للزعامات الفاسدة المفسدة، ويتحمل الوزر بالدرجة الأولى النافذون والمؤثرون من المثقفين وعلماء الدين، الذين زينوا للناس الاصطفاف الطائفي خلف الزعامات، وبرروا سرقاتهم وفشلهم على مدى ٤٠ عاما، وما يزالون.
الأيام القادمة ستشكل امتحانا قاسيا لهذا الشعب، فإما أن يتمسك بحقائق الأمور ويبني عليها مقتضاها، فينبذ النظام الرأسمالي الفاسد وينبذ معه أصحابه اللصوص المجرمين، ويختار له النظام الذي ارتضاه له الله تعالى، شرع الله العدل الذي لا يظلم أحدا،
وإما أن يداوي سقمه بالداء عينه، فيختار الزعامات نفسها، وينتخب قاتليه من جديد، ويصطف خلفهم في معاركهم على الغنيمة، فيكون هو الغنيمة وهو أداتهم في نهبها وتستمر المأساة، وعندها سيضطر صاغرا لأن ينفذ وصية نجيب الميقاتي: "لازم نتحمل بعض"!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان مزيان
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير