- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
يا قائد الجيش: رعاية الناس أفعال وليست تصريحات وأقوالاً!
الخبر:
تفقد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، القوات في الخطوط الأمامية بولاية سنار وسط السودان، والتي شهدت مواجهة بين قوات الجيش وعناصر الدعم السريع.
وقالت القوات المسلحة السودانية، في بيان لها على صفحتها بموقع فيسبوك، إن البرهان "تناول الطعام مع القوات وسط معنويات عالية وإصرار قوي على تحرير السودان كله من مرتزقة مليشيا الدعم السريع الإرهابية".
التعليق:
لقد تكررت كثيرا مثل هذه الزيارات في الآونة الأخيرة من البرهان للجنود أو لأهل البلد، حتى بات الناس يتشاءمون منها، فهي تعني عندهم سقوط المدينة التي يزورها البرهان أو أحد مساعديه.
ومثل هذه الزيارات بدون خطوات جادة لحسم كل متفلت تحدثه نفسه بقتل الأنفس البريئة أو سرقة ممتلكات أهل البلد واغتصاب النساء لا طائل ولا فائدة منها. فتأمين الناس وحمايتهم التي فرطتم فيها هي من أوجب واجبات الحاكم الذي يتولى رعاية شؤون الناس. وقد ذكرت صحيفة الشرق الأوسط أن عدد قتلى هذه الحرب بلغ 150 ألفاً وعدد النازحين والفارين من الحرب بلغ 12 مليونا، منهم 10 مليون داخل البلاد و2 مليون خارجها. فاختزال مهام الحكم في هذه الزيارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع دون القيام بالواجب الذي كلف الله به الحاكم لا معنى له! فمسؤولية الحكم هي من أعظم الأمانات، ومن أدى مهامها وواجباتها فقد فاز فوزا عظيما.
لذلك لما ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام السبعة الذي يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله كان في مقدمتهم بل أولهم الإمام العادل الذي يسوس الناس بأحكام الإسلام، أحكام العدل الذي لا ينتج إلا من تطبيق أحكام الإسلام. قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، فالحاكم في الإسلام مسؤول مسؤولية كاملة عن رعاياه، لا سيما تأمينهم وحمايتهم من الشرور التي تحدق بهم، وهذا ليس منة منه أو فضل، بل هو واجب أوجبه الله عليه من فوق سبع سماوات.
وقد ضرب حكام المسلمين وأولهم نبينا عليه الصلاة والسلام أروع الأمثلة في ذلك. فَعَنْ أنَسٍ قَالَ: كَانَ النبيُّ ﷺ أحْسَنَ النَّاسِ وأجْوَدَ النَّاسِ وأشْجَعَ النَّاسِ، ولَقَدْ فَزِعَ أهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فاسْتَقْبَلَهُمُ النبيُّ ﷺ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ: «لَنْ تُراعُوا لَنْ تُراعُوا»، وَهْوَ عَلَى فَرَس لأبي طَلْحَةَ عُرْي مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: «لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْراً أوْ إنَّهُ لَبَحْرٌ».
وكتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة، كتب إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكتب إليه الحسن رحمه الله: "اعلم يا أمير المؤمنين، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفت كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنها من أذى الحر والقرّ. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً، يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده".
وقد طبق حكام المسلمين في دولة الخلافة هذه الرعاية حق التطبيق، ليس في حمايتهم فقط بل في كل نواحي الحياة، فعاش الناس في أمن وعز وكرامة، ولم نفتقد هذا الأمن والعزة إلا بعد إسقاط دولتنا؛ دولة الخلافة، وتولي الرويبضات الذين أذلوا هذه الأمة الكريمة واحتقروها، فبعد أن كانت خير أمة أخرجت للناس أصبحت مغلوبة على أمرها! فلا أمن ولا عزة إلا بزوال هذه الأنظمة الآثمة الجاثمة على صدر هذه الأمة، ومبايعة خليفة يسوس الناس بأحكام الإسلام العظيم في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. قال النبي ﷺ: «الْإمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان