الأربعاء، 16 صَفر 1446هـ| 2024/08/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الاجتماع التشاوري لدول آسيا الوسطى – الحاضر والمستقبل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاجتماع التشاوري لدول آسيا الوسطى – الحاضر والمستقبل

 

 

 

الخبر:

 

شارك شوكت ميرزياييف رئيس جمهورية أوزبيكستان في الاجتماع التشاوري السادس لرؤساء دول آسيا الوسطى في أستانة يوم 9 آب/أغسطس. كما شارك في الحفل الذي ترأسه رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية قرغيزستان صدر جباروف، ورئيس جمهورية طاجيكستان إمام علي رحمون، ورئيس تركمانستان سردار بيردي محمدوف، وفي المؤتمر أيضا شارك رئيس جمهورية أذربيجان إلهام عليييف ورئيس مركز الأمم المتحدة الإقليمي للدبلوماسية الوقائية لآسيا الوسطى كاخا إيمنادزه كضيوف شرف. (موقع الرئاسة، 9/8/2024)

 

التعليق:

 

يمكن القول إن هذا الاجتماع التشاوري عُقد بشكل آخر بالنسبة لبعض الأشياء عن الاجتماعات السابقة. ففي الاجتماعات السابقة كانت كل دولة تعرب عن مخاوفها ومشاكلها، وتظل عملية الوحدة والتكامل في الخلفية. وأما هذه المرة، فقد أثيرت مسألة الوحدة والتكامل كموضوع رئيسي. فعلى سبيل المثال، قدم شوكت ميرزياييف مقترحات لتطوير التعاون في مجالات التجارة والصناعة والخدمات اللوجستية والبيئة والطاقة. وقال رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف إن "مستقبل منطقتنا... يعتمد على البحث المشترك عن إجابات مناسبة لجميع التحديات الداخلية والخارجية... كما أن دول آسيا الوسطى ستعزز الآن التعاون في مجال الدفاع". وقال رئيس طاجيكستان إمام علي رحمون إنه "في ظل الظروف الحالية للتغيرات السريعة في العالم، هناك حاجة إلى تشكيل موقف مشترك بشأن مستقبل آسيا الوسطى". وإذا نظرنا إلى الأمر من الوضع الدولي اليوم والناحية الجيوسياسية، نجد أن هذه التصريحات أكثر انسجاما مع مشاريع الغرب الاستراتيجية ورغباته، وخاصة أمريكا. لأن أمريكا تدرك جيداً أنه سيكون من الصعب على دول المنطقة أن تقلل اعتمادها على روسيا بمفردها. ولذلك تعمل على توحيد هذه الدول الخمس وتحويلها إلى قوة واحدة قادرة على مقاومة الضغوط الروسية والتهديدات المختلفة الأخرى بحيث تصبح مواقف دول آسيا الوسطى موحدة، ويتعزز التعاون الاقتصادي والاجتماعي المتبادل، ويصبح الاعتماد على روسيا في حده الأدنى. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن أمريكا تريد أن يتم هذا التقارب والتكامل بطريقة تخدم مصالحها فقط. وإذا نظرنا إلى توحيد دول وشعوب المنطقة من وجهة نظر الشرع فهو بالتأكيد أمر جيد ومحمود، إذا خلا من القومية أو الوطنية. ولذلك فإن الوحدة يجب أن تكون على أساس إسلامي بحت، وليس على النحو الذي تريده القوى الاستعمارية مثل أمريكا. ولكن، بغض النظر عما يحدث، فإن الإسلام يعزز ويدعم أي وحدة وتقارب بين شعوب المسلمين لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

 

وهنا لا بد من التأكيد أن توحيد دول المنطقة على المشاريع الأمريكية لن يؤدي إلى حل كامل لمشاكل مسلمي آسيا الوسطى، بل إنها ستبقى متخلفة وضعيفة كما كانت من قبل، لأن الحدود الزائفة الحالية سوف تستمر في الفصل بينهم. ويمكن فهم ذلك من حقيقة أن المسؤولين الأمريكيين، خلال زياراتهم للمنطقة، يؤكدون دائماً دعمهم لسيادة الدول الوطنية واستقلالها، ولا ينسون أبداً مناقشة قضايا تعزيز الحدود. لذا فإن أمريكا لا تحتاج إلى آسيا الوسطى القوية بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل على العكس من ذلك هفي تريد أن تكون هناك دول ضعيفة ومتخلفة تقف إلى جانبها ضد روسيا ولا تخدم إلا مصالحها.

 

وأما الحديث عن تعزيز العلاقات في الاجتماع التشاوري، فهو على الأرجح لا يزال صعب التنفيذ. فلكي تتم ترجمة هذه المقترحات إلى واقع ملموس، لا بد من عاملين مهمين للغاية: أولاً، ينبغي أن يستمر انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، وثانياً، لا بد من جرأة وإرادة سياسية قوية لدى رؤساء المنطقة! علاوة على ذلك، فإن بعض الأعمال الأصغر حجماً قد انتهت تقريباً، ومن بينها تقديم المساعدات الإنسانية المتبادلة، وتمديد فترة إقامة رعايا الدول المجاورة في البلاد... ومع ذلك، لا يمكن أن تسمى هذا إنجازات عظيمة، حيث إن هذه الأمور هي في الواقع أشياء صغيرة للغاية بالنسبة لآسيا الوسطى، التي تتمتع بفرص هائلة. على سبيل المثال، فإن إدخال نظام واحد للتجارة الحرة في المنطقة ستكون له آثار ضخمة وفوائد عظيمة. ولكن في الواقع حجم التجارة الإقليمية اليوم وإجمالي مبيعات السلع لا يزال صغيرا إلى حد ما. بالإضافة إلى ذلك، حتى في الوضع الحالي، هناك إمكانية لتقليص الحدود إلى أن تكون شبه معدومة. وإذا حدث ذلك فتخيلوا حجم الفرج وما هي النتائج الإيجابية التي ستحدث للمسلمين في المنطقة. نعم إلى الآن باب مثل هذه الفرص العظيمة لا يزال مغلقا من قبل الدول المعادية والمستعمرة مثل روسيا.

 

هناك حاجة إلى مبدأ قوي وصحيح لتوحيد أوزبيكستان والبلاد الإسلامية المجاورة لها. وهذا بالطبع مبدأ الإسلام والعقيدة الإسلامية القائمة على الحق والعدل! ولا يخفى على أحد أن الإسلام، وهو نعمة عظيمة من الله، جعل الكثير من الشعوب الغريبة بعضها عن بعض إخوة. ولا شك أيضاً أن الإسلام نفسه قادر على إزالة هذه الحدود والحواجز الزائفة بين أبناء الأمة الإسلامية. ولذلك، إذا كان رؤساء حكومات المنطقة صادقين في ادعاءاتهم بالوحدة، فعليهم أن يكفوا عن اللجوء إلى الدول المستعمرة في البحث عن الحلول، وأن يتوجهوا إلى الإسلام ويقوموا بتطبيقه في كل شؤونهم. عندها فقط سيخرجون من مستنقع التبعية والضعف والتخلف، وتتحقق الكرامة والعظمة والقوة، فيفوزون بحب أهل بلادهم ويتلقون دعاءهم. والأهم من كل ذلك أنهم ينالون رضا الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إسلام أبو خليل – أوزبيكستان

آخر تعديل علىالثلاثاء, 13 آب/أغسطس 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع