الأربعاء، 08 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/11م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح202) منع المرأة  و الرجل من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح202) منع المرأة والرجل من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا: "مَنَاصِبُ وَوَظَائِفُ الدَّولَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَتَعَيَّنَ فِيهَا الـمَرأَةُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الوَاحِدَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 119: يُـمنَعُ كُلٌّ مِنَ الرَّجُلِ وَالـمَرأَةِ مِنْ مُبَاشَرَةِ أَيِّ عَمَلٍ فِيهِ خَطَرٌ عَلَى الأَخْلَاقِ، أَوْ فَسَادٌ فِي الـمُجْتَمَعِ.

 

المادة 120: الحَيَاةُ الزَّوجِيّةُ حَيَاةُ اطمِئْنَانٍ، وَعِشْرَةُ الزَّوجَينِ عِشْرَةُ صُحْبَةٍ. وَقِوَامَةُ الزَّوجِ عَلَى الزَّوجَةِ قِوَامَةُ رِعَايَةٍ لَا قِوَامَةَ حُكْمٍ, وَقَدْ فُرِضَتْ عَلَيهَا الطَّاعَةُ، وَفُرِضَ عَلَيهِ نَفَقَتُهَا حَسَبَ الـمَعْرُوفِ لِـمِثْلِهَا. وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَاتان هما الـمَادَّتَانِ: التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ, وَالعِشْرُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

المادة 119: دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ رَفَاعَةَ قَالَ: «وَنَهَانَا عَنْ كَسْبِ الأَمَةِ إِلاَّ مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا وَقَالَ هَكَذَا بِأَصَابِعِهِ نَحْوَ الْخَـبْزِ, وَالْغَزْلِ, وَالنَّـفْشِ».(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الزَّينُ، وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ)، أَيْ تُـمْنَعُ الـمَرْأَةُ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يُقْصَدُ مِنهُ استِغْلَالُ أُنُوثَتِهَا، وَتُبَاحُ لَـهَا بَاقِي الأَعْمَالِ. وَهَذَا يُفْهَمُ مِنَ الحَدِيثِ مِنْ قَولِهِ: "إِلاَّ مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا"، أَيْ مِمَّا يُقْصَدُ مِنهُ استِغْلَالُ جُهْدِهَا، وَمَفْهُومُهُ مَنعُ استِغْلَالِ أُنُوثَتِهَا. عَلَى أَنَّ القَاعِدَةَ الشَّرعِيَّةَ (الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ) تَـمْنَعُ كُلَّ عَمَلٍ يُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ حَتَّى وَلَو بِغَلَبَةِ الظَّنِّ. وَالقَاعِدَةُ الشَّرعِيَّةُ (الشَّيءُ الـمُبَاحُ إِذَا أَدَّى فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ إِلَى ضَرَرٍ يـُمْنَعُ ذَلِكَ الفَردُ وَحْدَهُ, وَيَبْقَى الشَّيءُ مُبَاحاً)، فَهِيَ تَـمْنَعُ كُلَّ شَخْصٍ رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً مِنَ الاشْتِغَالِ فِي عَمَلٍ مُبَاحٍ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ هَذَا الشَّخْصُ بِعَيْنِهِ يُوصِلُ اشتِغَالُهُ فِي العَمَلِ إِلَى ضَرَرٍ لَهُ، أَوْ ضَرَرٍ لِلأُمَّةِ، أَوْ ضَرَرٍ لِلْمُجْتَمَعِ أَيّاً كَانَ نَوعُ هَذَا الضَّرَرِ.

 

المادة 120: دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ قَولُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنهَا زَوجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيهَا). (الأعراف 189) وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً).(الرُّومُ 21) وَالسَّكَنُ هُوَ الاطْمِئْنَانُ، وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَلَـهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ). (البقرة 228) قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: "لَـهُنَّ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالعِشْرَةِ مِثْلُ الَّذِيْ عَلَيهِنَّ مِنَ الطَّاعَةِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَيهِنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ" ذَكَرَهُ القُرطُبِيُّ فِي التَّفْسِيرِ. وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالـمَعْرُوفِ). (النِّسَاءُ 19)، وَالعِشْرَةُ: الـمُخَالَطَةُ وَالـمُمَازَجَةُ. وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْـتَحْلَلْـتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ».(أَخرَجَهُ مُسْلِمُ). وَرُوِيَ عَنهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «خَـيْرُكُمْ خَـيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَـيْرُكُمْ لأَهْلِي».(أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ رضي الله عنها, وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَابنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ). وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ».(أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ). وَكَانَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمِيلَ العِشْرَةِ يُدَاعِبُ أَهْلَهُ, وَيَتَلَطَّفُ بِـهِمْ، وَيُضَاحِكُ نِسَاءَهُ. وَكَانَ إِذَا صَلَّى العِشَاءَ يَدْخُلُ مَنزِلَهُ وَيَسْمَرُ مَعَ أَهْلِهِ قَلِيلاً قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، يُؤَانِسُهُمْ بِذَلِكَ. فَهَذِهِ الأَدِلَّةُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الحَيَاةَ الزَّوجِيَّةَ حَيَاةُ طُمَأْنِينَةٍ، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الزَّوجِ أَنْ يَقُومَ بِمَا يَجْعَلُ هَذِهِ الحَيَاةَ الزَّوجِيَّةَ حَيَاةَ طُمَأْنِينَةٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "إِنِّي لأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي كَمَا تَتَزَيَّنُ لِي، وَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنظِفَ كُلَّ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَيهَا، فَتَسْتَوجِبَ حَقَّهَا الَّذِي لَـهَا عَلَيَّ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: (وَلَـهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ). (البَقَرَة 228)" ذَكَرَهُ القُرطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى وَإِنْ جَعَلَ القِوَامَةَ فِي البَيتِ لِلرَّجُلِ فَقَالَ: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ). (النِّسَاء 34) فَإِنَّ هَذِهِ القِوَامَةَ قِوَامَةُ رِعَايَةٍ لَا قِوَامَةَ حُكْمٍ وَسُلْطَانٍ قَالَ فِي القَامُوسِ الـمُحِيطِ: "وَقَامَتِ الـمَرْأَةُ تَنُوحُ: طَفِقَتْ، وَقَامَ الأَمرُ: اعتَدَلَ كَاستَقَامَ، وِقَامَ فِي ظَهْريِ: أَوجَعَنِي، وَقَامَ الرَّجُلُ الـمَرْأَةَ وَعَلَيهَا مَانـَهَا, وَقَامَ بِشَأْنِـهَا". وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قِوَامَةِ الرَّجُلِ عَلَى الـمَرْأَةِ لُغَةً هِيَ الإِنْفَاقُ عَلَيهَا, وَالقِيَامُ بِمَا تَحْتَاجُهُ، فَيَكُونُ هَذَا الـمَعْنَى اللُّغَوِيُّ هُوَ مَعْنَى الآيَةِ, إِذْ لَـمْ يَرِدْ مَعْنًى شَرعِيٌ غَيرُهُ. فَهَذَا مَعْنَى قَولِهِ تَعَالَى: (قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قِوَامَةُ الرَّجُلِ عَلَى الـمَرْأَةِ قِيَاماً بِشَأْنِهَا، وَأَنْ تَكُونَ عِشْرَتُهُ مَعَهَا عِشْرَةَ صُحْبَةٍ، وَقَدْ وَصَفَهَا اللهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: (وَصَاحِبَتِهِ). (عَبَسَ 36) يَعْنِي زَوجَتَهُ.

 

وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِهِ صَاحِباً لِزَوجَاتِهِ وَلَيسَ أَمِيراً مُتَسَلِّطاً عَلَيهِنَّ. وَكُنَّ يُرَاجِعْنَهُ وَيُنَاقِشْنَهُ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: "وَاللَّهِ إِنْ كُـنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْراً حَـتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ, وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَالَ: فَبَـيْـنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ وَلِمَا هَا هُنَا؟ وَفِيمَ تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ فَقَالَتْ لِي: عَجَـباً لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ وَإِنَّ ابْـنَـتَكَ لَـتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْـبَانَ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَـتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُـنَـيَّةُ، إِنَّكِ لَـتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَـتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْـبَانَ؟ فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَـنُرَاجِعُهُ، فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ". (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ). وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً فِي قَصْعَةٍ، فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ الْقَصْعَةَ بِيَدِهَا فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ». (أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ, وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ).

 

فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِوَامَتَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَزْوَاجهِ كَانَتْ قِوَامَةَ رِعَايَةٍ, لَا قِوَامَةَ حُكْمٍ، فَكُنَّ مَعَهُ صَاحِبَاتٍ لَهُ, وَلَسْنَ رَعَايَا عِندَهُ، وَتَدُلُّ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ عِشْرَتَهُ عِشْرَةَ صُحْبَةٍ. وَقَدْ أَوجَبَ اللهُ عَلَى الـمَرأَةِ الطَّاعَةَ لِزَوجِهَا، وَحَرَّمَ عَلَيهَا النُّشُوزَ قَالَ تَعَالَى: (وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الـمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبغُوا عَلَيهِنَّ سَبِيلاً). (النِّسَاءُ34)، وَأَوجَبَ عَلَى الزَّوجِ نَفَقَتَهَا، قَالَ تَعَالَى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَليُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ). (الطَّلَاقُ7) وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: «أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلا وَحَـقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ». (أخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ. وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمْ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ ... وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ».

 

وَرُوِيَ أَنَّهُ جَاءَتْ هِنْدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ».(مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها). فَهَذِهِ هِيَ أَدِلَّةُ هَذِهِ الـمَادَّةِ.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

آخر تعديل علىالإثنين, 10 حزيران/يونيو 2019

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 10 حزيران/يونيو 2019م 23:47 تعليق

    زاد الله في علمكم وبارك عملكم ونفع بكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع