- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول
(ح 94)
المعنى الذي أورده المتكلمون لكلمة القضاء لم يرد في المعاني اللغوية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها المؤمنون:
أحبّتنا الكرام:
السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الرابعة والتسعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "المعنى الذي أورده المتكلمون لكلمة القضاء لم يرد في المعاني اللغوية".
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ولكن على تعدد هذه المعاني لم يرد فيها أن القضاء هو حكم الله في الكليات فقط، كما لم يرد أن القدر حكم الله في الجزئيات. وعلى هذا فكلمة قضاء لها معانٍ لغوية استعملها القرآن في هذه المعاني، ولم يكن هنالك خلاف في معانيها التي وردت. وهذه المعاني للفظة لغوية فلا دخل للعقل فيها. وإذا كان لها معنى شرعي، فلا بد أن يرد هذا المعنى في حديث أو آية حتى يُقال عن هذا المعنى أنه شرعي، ولم يرد غير هذه المعاني. وعليه فإنه ليس المقصود من القضاء الوارد في الآيات هو (القضاء والقدر) الذي اختلف فيه المتكلمون فيما بعد، ولا شأن لهذه الآيات في بحث القضاء والقدر، كما لا شأن للآيات والأحاديث التي تضمنت معنى القدر في بحث القضاء والقدر، فإن هذه الآيات والأحاديث تتحدث عن صفات الله وعن أفعال الله، والقضاء والقدر يبحث عن فعل العبد. وهذه الآيات بحثها شرعي ومعانيها لغوية، وبحث (القضاء والقدر) عند المتكلمين عقلي. وهذه الآيات والأحاديث تفسر بمعانيها اللغوية أو الشرعية، وبحث (القضاء والقدر) معنى اصطلاحي وضعه المتكلمون".
ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: هذه الفقرة اشتملت على الأفكار الآتية:
أولًا: على تعدد هذه المعاني لم يرد فيها أن القضاء هو حكم الله في الكليات فقط، كما لم يرد أن القدر حكم الله في الجزئيات.
ثانيًا: على هذا فكلمة قضاء لها معانٍ لغوية استعملها القرآن في هذه المعاني، ولم يكن هنالك خلاف في معانيها التي وردت.
ثالثا: هذه المعاني للفظة لغوية لا دخل للعقل فيها.
رابعا: إذا كان لهذه اللفظة معنى شرعي، فلا بد أن يرد هذا المعنى في حديث أو آية حتى يُقال عن هذا المعنى أنه شرعي، ولم يرد غير هذه المعاني.
خامسًا: بناء عليه فإنه ليس المقصود من القضاء الوارد في الآيات هو (القضاء والقدر) الذي اختلف فيه المتكلمون فيما بعد.
سادسا: لا شأن لهذه الآيات في بحث القضاء والقدر. كما لا شأن للآيات والأحاديث التي تضمنت معنى القدر في بحث القضاء والقدر.
ثامنا: بيَّن الشيخ أوجه الاختلاف بَيْنَ بحث القضاء والقدر عند المتكلمين وبَيْنَ الآيات والأحاديث التي أقحموها في بحثهم.
- هذه الآيات والأحاديث تتحدث عن صفات الله، وعن أفعال الله.
- القضاء والقدر يبحث عن فعل العبد.
- هذه الآيات بحثها شرعي، ومعانيها لغوية.
- بحث (القضاء والقدر) عند المتكلمين عقلي.
- هذه الآيات، والأحاديث تفسر بمعانيها اللغوية، أو الشرعية.
- بحث (القضاء والقدر) معنى اصطلاحي وضعه المتكلمون.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي