السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 96) ورود كلمة (القدر) في الحديث النبوي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

  ( ح 96 ) 

ورود كلمة  ( القدر )  في الحديث النبوي الشريف

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ السادسة والتسعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "ورود كلمة القدر في الحديث النبوي الشريف".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ووردت كلمة قدر في حديث جبريل في بعض الروايات قال: «وتؤمن بالقدر خيره وشره» أخرجه مسلم من طريق عمر بن الخطاب، وفي قوله r : «... وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قَدَّرَ الله وما شاء فعل» أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة، ومعنى كلمة قدر في هذين الحديثين تقدير الله وعلمه، أي أن تؤمن بأن الأشياء يكتبها الله في اللوح المحفوظ ويعلمها قبل أن توجد خيراً كانت أم شراً، وقل كتب الله هذا في اللوح المحفوظ وعَلِمَه قبل أن يوجَدَ وما شاء فعل. وكلمة القضاء بالمعنى الوارد في هذا الحديث وأينما وردت لم يختلف المسلمون فيها ولم يتناقشوا في لفظها ولا في مدلولها.

 

أما كلمة قدر بالمعنى الوارد في هذين الحديثين فإن المسلمين قبل وجود الفلسفة اليونانية بينهم لم يختلفوا فيها ولم يتناقشوا في لفظها ولا في مدلولها، ولكنه بعد وجود الفلسفة اليونانية عند المسلمين جاء جماعة من الكوفة قالوا: لا قدر أي لا مقدر وأن كل شيء يحدث دون سابق تقدير وسُمّوا «بالقدرية» وهم الذين ينكرون القدر ويقولون بأن الله خلق أصول الأشياء ثم تركها فلا يعلم جزئياتها، وهذا خلافاً لما ورد بنص القرآن الصريح من أن الله خالق كل شيء صغيراً كان أو كبيراً أصلاً كان أو فرعاً وأنه تعالى قدر كل شيء قبل وجوده أي كتبه في اللوح المحفوظ أي علمه قبل أن يوجد.

 

قال تعالى:  ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .  ( الأنعام ‎١٠١ )  وقال:  ( وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) . ‎ ( الأنعام ٥٩‏ )  إلا أن هذا الخلاف والنقاش إنما هو في كلمة قدر الله بمعنى علمه، فالقدرية يقولون أن الله يعلم أصول الأشياء ولا يعلم جزئياتها، والإسلام ينطق بأن الله يعلم أصول الأشياء وجزئياتها. فالنقاش في قدر الله أي في علمه، فهو في موضوع علم الله، وهو موضوع آخر غير موضوع القضاء والقدر. وهو بحث آخر منفصل عن بحث القضاء والقدر، وواقعه الذي حدث هو كذلك، أي هو بحث آخر غير بحث القضاء والقدر".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: هذه الفقرة اشتملت على الأفكار الآتية: 

 

أولا: وردت كلمة  ( قدر )  في حديث جبريل في بعض الروايات قال: «وتؤمن بالقدر خيره وشره» أخرجه مسلم من طريق عمر بن الخطاب.  

 

ثانيًا: وردت كلمة  ( قدر )  في قوله r : «... وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قَدَّرَ الله وما شاء فعل» أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة.

 

ثالثا: معنى كلمة  ( قدر )  في هذين الحديثين تقدير الله وعلمه، أي أن تؤمن بأن الأشياء يكتبها الله في اللوح المحفوظ، ويعلمها قبل أن توجد خيرًا كانت أم شرًّا، وقل كتب الله هذا في اللوح المحفوظ وعَلِمَه قبل أن يوجَدَ وما شاء فعل.

 

رابعا: كلمة  ( القضاء )  بالمعنى الوارد في هذا الحديث، وأينما وردت لم يختلف المسلمون فيها، ولم يتناقشوا في لفظها، ولا في مدلولها.

 

خامسًا: أما كلمة قدر بالمعنى الوارد في هذين الحديثين؛ فإن المسلمين قبل وجود الفلسفة اليونانية بينهم لم يختلفوا فيها، ولم يتناقشوا في لفظها، ولا في مدلولها.

 

سادسًا: ولكن بعد وجود الفلسفة اليونانية عند المسلمين جاء جماعة من الكوفة قالوا: "لَا قَدَرَ" أي "لا مُقدَّرَ"، وأن كل شيء يحدث دون سابق تقدير وسُمّوا «بالقدرية».

 

سابعًا: القدرية هم الذين ينكرون القدر، ويقولون بأن الله خلق أصول الأشياء، ثم تركها، فلا يعلم جزئياتها.

 

ثامنًا: قول القدرية جَاءَ خلافًا لما ورد بنص القرآن الصريح من أن الله خالق كل شيء صغيرًا كان أو كبيرًا، أصلاً كان أو فرعًا، وأنه تعالى قدَّر كلَّ شيء قبل وجوده، أي كتبه في اللوح المحفوظ، أي علمه قبل أن يوجد.

 

تاسعا: أورد الشيخ تقي الدين - رحمه الله - دليلين من القرآن الكريم ردًا على القدرية:

 

  1. قال تعالى:  ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .  ( الأنعام ‎١٠١ ) 
  2. وقال:  ( وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) . ‎ ( الأنعام ٥٩‏ ) 

 

عاشرًا: هذا الخلاف والنقاش إنما هو في كلمة  ( قَدَرِ الله )  بمعنى عِلْمِهِ، فالقدرية يقولون: "إن الله يعلم أصول الأشياء ولا يعلم جزئياتها".

حادي عشر: الإسلام ينطق بأن الله يعلم أصول الأشياء وجزئياتها.

 

ثاني عشر: فَرَّقَ الشيخ تقي الدين - رحمه الله - بين موضوع علم الله وموضوع القضاء والقدر:

 

  1. النقاش في  ( قدر الله )  أي في علمه، فهو في موضوع  ( علم الله ) ، وهو موضوع آخر غير موضوع القضاء والقدر.
  2.  ( علم الله )  بحث آخر منفصل عن بحث  ( القضاء والقدر ) ، وواقعه الذي حدث هو كذلك، أي هو بحث آخر غير بحث القضاء والقدر.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي

آخر تعديل علىالإثنين, 25 كانون الأول/ديسمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع