السبت، 02 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/10/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق حكومة العدالة والتنمية صورة طبق الأصل للحكومات السابقة

بسم الله الرحمن الرحيم


بتاريخ 15/10/2012 صادقت الحكومة على مشروع القانون المالي لسنة 2013، ومن ثم أودعته في مجلسي النواب والمستشارين بتاريخ 20/10/2012. وبغض النظر عما أعلنه القائمون على هذا المشروع من أهداف له (تقليص عجز الميزانية في سنة 2013 إلى 4.8% من الناتج الداخلي الخام، وتوفير 4 أشهر من الواردات في الموجودات الخارجية...) فإن ما يهمنا هو مدى انعكاس الشعارات التي رفعها حزب العدالة والتنمية (بوصفه قائد الحكومة) طوال حياته السياسية وبالخصوص أثناء حملته الانتخابية على قانون المالية المعروض.


أما حديثنا عن ميزانية 2013 و"إغفالنا" لميزانية العام الماضي 2012، فهو من باب التماس الأعذار لحزب العدالة والتنمية، فقد كان عليه أن يقر ميزانية العام الماضي في وقت قياسي حتى تسير عجلة الاقتصاد وَلْنَقُلْ تجاوزاً أنه لم يُمهَل بما فيه الكفاية ليقوم بالدراسات اللازمة لذلك. أما الآن، فلا عذر له، فقد أوتي ما يكفيه من الوقت للاطلاع على الملفات ودراسة الأوضاع، والمنتظر منه هو أن يُخرج لنا مشروع قانون مالية يتماشى مع فلسفته وفلسفة الذين صوتوا عليه ليوصلوه إلى الحكم.


وهنا نذكر، أن حزب العدالة والتنمية قد وصل إلى الحكم على متن قطار الثورات التي عمَّت البلاد العربية، وفي إطار ما تلا انطلاق مظاهرات 20 فبراير المنادية بالتغيير والرافعة كثيراً من سقفه. لقد وصل الحزب إلى الحكم في أجواء مفعمة بالرغبة في التغيير والتغيير الحقيقي، وفي أجواء يسودها الأمل بأن الأمة قد بدأت تستعيد وعيها وتتهيأ لاسترداد سلطانها وهيبتها، وأن التغيير المنشود منذ عقود قد أصبح أخيراً ممكناً.


لكن حزب العدالة والتنمية لم يكن للأسف في مستوى هذه التطلعات، ولم يضع فرصة لكي يظهر خضوعه للمخزن، الحاكم الحقيقي للبلاد، فرضي بنكيران بتعيين عدوه اللدود، رمز الفساد الذي كان يُشهِّر به في خطبه، رضي بتعيينه مستشاراً للملك، بل وأصبح يُنسِّق معه ويخضع لتعليماته وتعليمات باقي مستشاري الملك، وتلقى الحزب الإهانة تلو الإهانة، ورضي بأن يكون آخر من يعلم، وأن يكون بلا حول ولا قوة في الأمور الحيوية للبلاد، وبلغ الأمر أن يقول رئيس الوزراء: "أنا مجرد رئيس حكومة"، وأن يعلق فشله على مشجب الحرس القديم ومن يسميهم التماسيح والعفاريت و...


وها هو يثبت الأمر نفسه في مشروع قانون المالية هذا! فماذا تغير فيه مقارنة بسابقيه؟ وأين تبرز تجليات الثورة العارمة التي عرفها المغرب والرغبة الجامحة في التغيير التي أتى الحزب على ظهرها إلى الحكم؟


إن نظرة بسيطة ترينا ما يلي :


• تستهلك ميزانية البلاط الملكي الضخمة (أكثر من 2.5 مليار درهم) وحدها حوالي 0.72% من مجموع نفقات الدولة، ولتقريب الصورة من الذهن، إذا اعتبرنا أن سكان المغرب حوالي 40 مليوناً، فإن الملك وحده يكلف الخزينة مقدار ما يستهلكه 288.000 مواطن (تقريباً سكان مدينة متوسطة الحجم مثل آسفي)، ومع ذلك فإن الحكومة لم تغير في هذا الأمر شيئاً بل استمر على ما هو عليه منذ سنين.


• لا تزال حكومة الإسلاميين تدرج ضمن مواردها الرسوم المفروضة على الخمور والكحول وأنواع الجعة بمقدار 1.2 مليار درهم، بزيادة 2.4% عن السنة الماضية!! كما أنها لا تزال تُدرج نتاج اليانصيب بمقدار 100 مليون درهم.


• تعتمد الميزانية بالأساس على الضرائب المفروضة على الأفراد والشركات، وهي ضرائب غير شرعية، أي أنها تدخل في باب المكوس المحرمة وأكل أموال الناس بالباطل والإدلاء بها إلى الحكام. قال تعالى: (( ولَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) [سورة البقرة: 188]. وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المكوس، فقال: «لا يدخلُ الجنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» [أحمد، وحسّنه الأرناؤوط]، وعظَّم من ذنب مرتكبه فقال في حق الغامدية التي رُجمت في الزنا، «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» [متفق عليه]. والغريب أن مشروع القانون لا يتورع عن وصف هذه الضرائب باسمها القبيح "المكوس" و"الإتاوات"!


• لا تزال الميزانية تعتمد على المعاملات الربوية أخذاً وأداءً، فقد أدرجت في مواردها 74.6 مليار درهم قروضاً ربوية، بزيادة 15% عن السنة الماضية، كما أدرجت في مصاريفها النفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومي بمبلغ يفوق 39 مليار درهم (حوالي 11% من مجموع نفقات الدولة). ولا يخفى على أحد حرمة التعامل بالربا.


فما الذي تغير يا حكومة العدالة والتنمية!؟ لقد وصل حزبكم إلى سدة الحكم على أكتاف أناس ضحوا بأموالهم وجهودهم بل وبأرواحهم، أتوا بكم لأنهم يشمون فيكم رائحة الإسلام العظيم الذي يتطلعون إليه ويتمنون لو تُطبَّق عليهم أحكامه، ويُظِلُّهم عدله وبركاته، فكيف ترضون لأنفسكم أن تكونوا أداةً لامتصاص نقمة الناس واحتواء الحركات الاحتجاجية وحَرْفِها عن مسارها، وتروساً يتترَّس بها النظام ليستمر في غيِّه القديم الجديد؟


توبوا إلى الله، واعلموا أن العجز عن القيام بالواجب لا يبيح إتيان الحرام، قال عليه الصلاة والسلام: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُخَيَّرُ فِيهِ الرَّجُلُ بَيْنَ العَجْزِ وَالفُجُورِ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَليَخْتَرِ العَجْزَ عَلَى الفُجُورِ» [رواه الحاكم وصححه].

 


رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - المغرب

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع